تصادف اليوم الذكرى الثالثة لإنتفاضة 17 أكتوبر/ تشرين الأول 2019، التي تراجع زخمها بشكل تدريجي على خلفية القمع الذي شهدته، والأزمة الاقتصادية غير المسبوقة التي فاقمتها جائحة "كورونا" وإنفجار مرفأ بيروت المدمر الذي وقع في 4 أغسطس/ آب 2020.
في هذا الإطار، يشير الصحافي والمحلل السياسي اللبناني نبيل بو منصف، في حديث لـ"جسور"، إلى أن "النتيجة التي وصلنا إليها بعد هذه الإنتفاضة هي مخيبة للآمال وليست على مستوى معاناة اللبنانيين، وذكراها باتت ذكرى للإنهيار بالرغم من أنه بدأ قبل اندلاعها".
وقال بو منصف، "هذه الإنتفاضة لم تستطع أن تترجم الحد الأدنى من التغيير السياسي في البلاد، ونتيجة الانتخابات البرلمانية كانت مخيبة أيضا، وحتى وإن افترضنا أن النواب الـ13 هم فعلاً من التغييريين مع العلم أن هذا الأمر مشكوك به، إلا أن سلوكياتهم وتمثيلهم للمنتفضين ليس على المستوى المطلوب".
أمر إيجابي
لكنه لفت إلى أن "الأمر الإيجابي الوحيد الذي حصل هو ولادة ثقافة تمرد ورفض للواقع القائم ومناهضة عنيفة جدا للفساد". كما ميّز بو منصف بين الثورة "الفعل التصاعدي والمستمر، التي إن فشلت تتحول إلى عنف، والإنتفاضة بالمفاهيم الاجتماعية والثقافية"، محذراً من أن "لبنان غير قادر على استيعاب ثورة عنيفة، لأنها ستتحول تلقائيّاً إلى مسألة طائفية وفتنة خطيرة تأخذنا إلى مكان أسوأ من الذي نعيشه، وذلك لأن تركيبة لبنان هشة".
وتابع: "نحن بحاجة إلى تغيير جذري بمفهوم الدولة والسياسة، لكن النبض الرفضي قد تلاشى بفعل عدة عوامل: أولاً، موجات الإنتفاضة لم تؤد إلى التغيير المشجع، ثانياً، الإنتخابات البرلمانية أعادت 90% من القوى التقليدية إلى السلطة، الأمر الذي أظهر أن المواطنين غير قادرين على إحداث إنقلاب باللعبة الديمقراطية، مع العلم أن القانون سيئ ولعب دوراً كبيراً بمنع تطور التغيير. وثالثا والأخطر، هو اليأس الذي دفع وما زال يدفع مئات آلاف الشباب، الذين هم نبض التغيير، إلى مغادرة لبنان".
17 تشرين.. مسار
إلى ذلك، أصدرت مجموعات الثورة بيانا مشتركا لمناسبة "17 تشرين" بعنوان "17 تشرين... مسار". وقالت فيه: "ذكرى ثالثة تمر، والسلطة تحاول اعادة احياء نفسها دون الالتفات الى اعادة احياء لبنان الوطن، ذكرى ثالثة تمر، ولبنان بفضل المافيا من انهيار الى انهيار، حتى وصلنا الى الجحيم الذي وعدونا به، ها هم اليوم يبيعون الارض والبحر والثروات مقابل المحافظة على كرسي من هنا أو هناك وزعامة وهمية أولتها إياها خيانتها وعمالتها وارتهانها للخارج، ها هم اليوم يضحون بالشعب عبر قوارب الموت، والجوع والعوز ولا ننسى مجزرة مرفأ بيروت اذ انهم كلهم كانوا يعلمون، ها هم اليوم يمعنون في اذلال المواطن إن عبر البنزين، أو الغذاء، أو الودائع والصحة وغيرها... فمعادلتهم بسيطة، حكم المافيا أو الانهيار والذل للبنانيين".
وتابعت: "واليوم، وحرصا على احترام الدستور ومتابعتنا لكل مواضيع الساعة وفذلكات السلطة، فالطارىء هو انتخاب رئيس للجمهورية... من هنا، فنحن نطالب شعب لبنان، أن يلاقينا يوم الخميس 20/10/2022 يوم انعقاد جلسة ثالثة لانتخاب رئيس للجمهورية، أولا، لوقف مسرحيات السلطة في جلسات عقيمة لا تخدم سوى الفوضى والانهيار، وثانيا، لفرض انتخاب رئيس يعيد للبنان تألقه وموقعه، يعيد إحياء دولة القانون والمؤسسات، رئيس يصلح للبنان الوطن، ولتاريخه ولمستقبله ومستقبل ابنائه. من خلال كل ما ذكرناه، إعادة احياء المافيا تعني موت الوطن ولكن إن عشتم انتم، عاش لبنان الوطن".
يذكر أنه منذ خريف عام 2019، يخضع اللبنانيون لقيود مصرفية صارمة تحول دون تمكنهم من سحب أموالهم المودعة في المصارف. وشهدت العملة الوطنية إنهيارا تدريجيا خطيراً، حيث تجاوز اليوم سعر صرف الدولار الواحد الـ40 ألف ليرة لبنانية. وبات نحو 80 بالمئة من السكان يعيشون في الفقر على خلفية تضخم متسارع وشحّ في الأدوية والمحروقات وتقنين حاد للتغذية بالتيار الكهربائي.