في ظل أزمات لبنانية متتالية، أشد صعوبة من سابقاتها، يطلُ شهر سبتمبر/ أيلول بعد أسبوعين، لتدخل معه معظم المدارس، بازار الاستثمار في الأزمة من بابه الواسع، وذلك عبر الدولرة والزيادات التعجيزية على الأقساط المدرسيّة.
وفي وقت تزدحم الملفات التي تنتظر البت، من ملف الترسيم الى التشريع والإصلاحات المطلوبة والإنتخابات الرئاسية، ينشغل معظم اللبنانيين في همّ الأقساط المدرسية التي تشهد فوضى عارمة تهدد العام الدراسي المقبل بعدما بات محاصراً بشتّى الأزمات أولها تأثير ارتفاع أسعار المحروقات الذي يوجه ضربة قاسية للقطاع على صعيد النقل وتلبية احتياجات التشغيل والكهرباء والتدفئة في فصل الشتاء.
دولرة جزئية للأقساط
ورغم وجود قانون في وزارة التربية والتعليم العالي يمنع تحديد الاقساط بالعملة الأجنبية، بات مؤكدا اتجاه المدارس الخاصة لفرض استيفاء قيمة من القسط بالدولار الاميركي "الفريش"، تحت مسمى "مساعدة مدرسية"، وبهذا يكون القسط المدرسي مستوفى بجزئيه اللبناني والدولار.
وفي هذا الإطار، أكد الأمين العام للمدارس الكاثوليكية، الأب يوسف نصر، في اتصال مع "جسور" أنه لا يمكن الحديث عن دولرة الأقساط في المدارس الكاثوليكية، قائلا: "نحن لم نقم ولن نسعى لأي دولرة للأقساط في مدارسنا، وسيبقى القسط بالليرة اللبنانية بحسب القانون 515 وبحسب مادة أخرى تحدّد النسب بين الرواتب والأجور والمصاريف التشغيلية".
لكن بسبب الأزمة الراهنة ولعدم استقرار سعر صرف الدولار، وتخوفا من صعود مفاجئ للدولار ارتقت المدارس الكاثوليكية بالتشاور مع اتحادات لجان الأهل ومع المعلمين إلى إنشاء صندوق للدعم يُغذّى من الأهالي والمساعدات المدرسية بهدف تقديم مساعدات بالدولار الى الأستاذة وتأمين المصاريف التشغيلية.
ولفت الأب نصر إلى أن الفئة غير القادرة على تأمين الدولار ستتم مساعدتها لعدم حرمان أحد من التعليم، بينهم العسكريون وموظفو القطاع العام الذين يصنّفون من هذه الفئة وهناك وعد بتخصيص المساعدات الخارجية لهم لسد ثغرة عدم قدرتهم على تحمل الدولرة أكثر من غيرهم.
حال من الضياع
وفي حديث لـ "جسور"، شكت إحدى السيدات من الارتفاع الجنوني للأقساط، وقالت: "ارتفعت الأقساط في بعض المدارس من 4 و5 مليون ليرة لبنانية إلى 12 مليون ليرة، ومن 9 و10 مليون إلى 28 مليون ليرة، والدولار الذي تمّ فرضه على الأهل بين 300 دولار وصولا إلى 4000 دولار، على أنّ بعض هذه المدارس تبتز الأهل وترفض تسجيل الطلاب إذا لم يسدّدوا بـ "الدولار".
وتبيّن أن زيادة الأقساط بطريقة مستمرّة دفعتها إلى التفكير في نقل ولديها إلى مدرسة رسميّة حيث تكون وطأة المصاريف أخفّ بكثير، وتؤكد أن بقاء أولادها في مدرستهم الخاصة سيدفعها إلى التخلي هي وزوجها عن أمور كثيرة لأجل الصمود في وجه هذه الضائقة المالية، خصوصاً أن لا شيء يوحي بانفراج قريب.
وتساءلت: "كيف يكون الحلّ بغياب الدولة عن الواقع الإقتصادي وصعوبة اجتراح الحلول؟ وممن علينا طلب المساعدة؟
وتقول سيدة أخرى في حديث لـ "جسور"، إنه مع اقتراب بداية السنة الدراسية الجديدة لعام 2022 – 2023، لم نتبلّغ حتى يومنا هذا بموعد استئناف الصفوف، ولا المبلغ النهائي المتوجب دفعه بالدولار الفريش.
وتضيف: "إن الأقساط المدرسية لا تطاق اليوم، وتتساءل كيف يمكن للأهل تعليم أولادهم في ظلها"، وترى أن الدولة غائبة تماما عن مراقبة الأسعار والأقساط، وكذلك لا تحسّن مدارسها الرسمية كي يضع الأهل أولادهم فيها.
ولعل الشكاوى تتفاوت بحسب الأهل، فبينما يجد أهالي التلامذة الذين لديهم أفراد من عائلاتهم يعملون في الخارج، بأن الاقساط معقولة، يستصعب الأهل في لبنان تسديد الاقساط رغم أن قسم من رواتبهم مستوفاة بالدولار، وأما الاهالي الذين يعملون في القطاع الرسمي والعسكري فهم أكثر المتضررين بحيث أن الزيادة تفوق مجمل رواتبهم.
أقساط جنونية
إلى ذلك، تفاوتت مبالغ الدولار فريش المفروضة من قبل المدارس الخاصة وتراوحت بين الـ 300 دولارا والـ 4000 دولار، وقد بلغ القسط المحدد بالليرة اللبنانية في حده الادنى ضعفي قسط العام الفائت ووصل إلى ثلاثة وأربعة أضعاف في بعض المؤسسات التربوية.
فعلى سبيل المثال حددت بعض المدارس، إضافة إلى الليرة اللبنانية مبلغا وقدره بالدولار كالتالي:
الشويفات الدولية 1500$، الإيست وود كوليدج1850$، ويل سبرينغ 3950$، الشانفيل 900$، أمجاد$ 350 إلى $500، الراهبات الانطونيات $500، المنتيسوري 1800$، الاهلية 1800$، الروضة $1200.