بات المواطن اللبناني على استعداد دائم للتعايش مع أي ارتفاع يمكن أن يطرأ على سعر صفيحة البنزين أو المازوت كما فاتورة المولد الكهربائي وغيرها، ليبقى قطاع الإتصالات بعيداً ولحين عن مشهد الغلاء رغم الارتفاع الطفيف الذي طرأ على تعرفة الخط العام الماضي.
إلا أن الحكومة اللبنانية أقرت لا بل هرّبت في جلستها الأخيرة، وقبل أن تتحول إلى حكومة تصريف أعمال، قرار رفع تعرفة شركتي الاتصالات "ألفا" و"تاتش"، وهما الشركتان المشغلتان للخطوط الخليوية، عبر قسمة الفاتورة الأساسية على 3.3 ولاحقاً ضربها بسعر دولار صيرفة، وذلك ابتداءً من شهر يوليو/تموز المقبل.
هموم اللبنانيين
أعباء إضافية اذا من شأنها أن تثقل كاهل المواطن بعد تدني القيمة الشرائية لراتبه، لكن بعض الضرورات تفرض عليه القبول بالأمر الواقع.
سمر، شابة لبنانية تعمل في مؤسسة داخل بيروت، لديها اشتراك بباقة العشرين جيغابايت للانترنت على هاتفها الخليوي بتكلفة لا تتجاوز السبعين ألف ليرة لبنانية، صرحت لـ"جسور" التالي: "لا أظن أنني سأتخلى عنها فخدمة الوايفاي في منزلي بطيئة ولا يمكنها تلبية حاجتي".
خليل أيضاً، شاب عازب وموظف يقول "بالتأكيد أنوي الإبقاء على اشتراك الـ6 جيغابايت لأنني مضطر وأي باقة أقل لن تكفيني."
أما أمير، فمتزوج، أعلن لـ"جسور": "سأوقف خدمة الـ6 جيغابايت لأنني أعمل طيلة النهار في مؤسسة تؤمن لي خدمة الوايفاي كما أن لدي وايفاي في المنزل، بالتالي لن أحتاج لأكثر من 500 ميغابايت عند التنقل بين العمل والمنزل وأفضل أن أوفر هذا المبلغ".
معاناة من نوع آخر عكسها الطالب الجامعي ابراهيم " نحن كطلاب جامعات لدينا خطة توفيرية خاصة بنا لا يزال مصيرها غير معروف وأخاف جداً أن يتم إيقافها كما أن رفع تعرفتها سيكون حمله ثقيلاً علينا".
لا مفر
الخبير الاقتصادي اللبناني الدكتور لويس حبيقة أكد في اتصال مع "جسور" أنه "لا مفر من زيادة التعرفة للحؤول دون انهيار قطاع الاتصالات نهائياً"، لافتاً إلى أن ثلاثين عاماً من إهمال الدولة لقطاعاتها أوصل الأمور إلى هذا الدرك.
وإن كان الإبقاء على التسعيرة القديمة غير وارد، يتابع حبيقة أن المطلوب اليوم "ترشيد الإنفاق أي خفض استخدام الانترنت قدر المستطاع"، مشيراً إلى أنه شخصياً سيقوم بذلك.
ورجح حبيقة أن يلمس مستخدمو شبكة الانترنت في آخر سبتمبر/أيلول المقبل "تحسناً للخدمة بناء على التسعيرة الجديدة التي ستساهم بدورها في تحسين مستوى القطاع".
كما لفت إلى أن الخط الأرضي سينشط "سيعود الناس لاستخدام خطهم المنزلي بين بعضهم البعض لأنه سيبقى أقل كلفة من الاتصالات الخليوية".
نحن أمام طريق مسدود يقول حبيقة داعياً المواطنين "إلى التحلي بالوعي كي يتفهموا دقة المرحلة التي نمر بها".
وكان وزير الاتصالات جوني القرم قال في مؤتمر صحافي سابقاً "اننا نرفع صرخة موحدة باسم القطاع وباسم 5 آلاف عائلة تعيش من هذا القطاع وباسم الاقتصاد اللبناني وكل اللبنانيين، ان اليوم هي اخر فرصة امام مجلس الوزراء لمنع انهيار قطاع الاتصالات من خلال اقرار رفع التعرفة بشكل مدروس للقطاعين الثابت والخليوي".