"وحدها بكركي بتحكي صح"، منذ هذا الشطر الشعري الذي ردّده البطريرك اللبناني الماروني الراحل الكاردينال نصرالله صفير، قاصداً به الصرح البطريركي في بكركي في لبنان وهو مقر الطائفة المارونية في المشرق، وحتى مما قبله وما بعده، لا تزال مرجعيّة بكركي بالنسبة للموارنة خصوصاً والمسيحيين غالباً على صواب دوماً. الأمر قد يكاد يكون مماثلاً بالنسبة إلى كل مرجعيّة دينية بحكم التوزيع الطائفي في لبنان؛ وعليه كادت حادثة أن تفجّر الوضع في البلد المأزوم أصلاً.
الحادثة حصلت في الأيام الأخيرة، إثر قيام الأمن العام اللبناني بتوقيف النائب البطريركي على القدس وأراضي فلسطين والمملكة الهاشمية بالطائفة المارونية المطران موسى الحاج، لأكثر من 10 ساعات بعد عودته من الأراضي المحتلة.
قرار توقيف المطران اللبناني الذي يزور الأراضي المحتلة بشكل دوري لخدمة المسيحيين هناك، وفق عرف في الكنيسة المارونية، أتى على خلفية حيازته مبلغاً مالياً كبيراً يفوق الـ600 ألف دولار، بحسب ما ذكرت المصادر الصحفية، وكمية كبيرة من الأدوية، إضافة إلى لائحة قال المطران إنها لأسماء المتبرعين بالمبالغ المالية.
رد على الرد
هذا التوقيف استدعى ردّاً عنيفاً من البطريرك الماروني بشارة الراعي، وهو السلطة الكنسية الأعلى والمسؤولة عن المطران الحاج. واعتبر الراعي أنّ "ما قام به المطران موسى الحاج هو عمل إنسانيّ، وأن هناك لبنانيين موجودين في الأراضي المقدسة ولهم دور وحضور ورسالة بمعزل عن السياسة الإسرائيلية اليهودية".
تزامن رد البطريرك مع حملة تضامن مسيحية واسعة مع المطران الحاج على مواقع التواصل الاجتماعي، استكملت بتوافد شخصيات سياسية ووفود شعبية إلى منطقة الديمان (المقر الصيفي للبطريركية) في لبنان الأحد، حيثُ ردّد البطريرك الراعي أمامهم كلمة اعتبر فيها أنه "من غير المقبول أن يخضع أسقف لتوقيف وتفتيش من دون الرجوع إلى البطريركية"، مضيفاً "نرفض هذه التصرفات البوليسية ذات الأبعاد السياسية... ابحثوا عن العملاء في مكان آخر، فأنتم تعرفون من هم وأين هم، والبطريركية ستتابع مسيرتها من منطلق الحياد الإيجابي الناشط".
من جهته، رأى متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عوده "إذا كان توقيف المطران الحاج رسالة إلى الكنيسة من أجل إسكات صوتها، فإنها لا تخضع للترهيب والكيدية ولا تخاف إلا ربها ولا تنفذ إلا تعاليمه ولا تسمع إلا صوت الضمير والواجب، وواجبها إحترام الإنسان ومحبته والحفاظ على كرامته والدفاع عن حريته".
وعلى المقلب الآخر سُجّلت اعتراضات على ذهاب المطران الحاج إلى الأراضي المحتلة لاسيما وأن لبنان يُعادي إسرائيل، وكون اللبنانيين المقيمين هناك يعتبرهم البعض مُبعدين فيما يراهم البعض الآخر "عملاء خرجوا مع انسحاب الجيش الاسرائيلي من لبنان". إلا أن التضاد في المواقف، لم يقتصر على رفض تبرير البطريرك الراعي بل تعداه إلى إطلاق حملة مسيئة بحقه على مواقع التواصل الاجتماعي، كما تمّ اتهامه بـ"العمالة" من قبل البعض.
وفي السياق غرد الشيخ علي جابر، وهو معاون الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله عبر حسابه على "تويتر" قائلاً، "إذا أراد البطريرك لأن يثير صراعاً طائفياً وهمياً لحساباته السياسية، فعليه أن يحصد نتيجته، لكن لا عبور للمطران ولا لغيره إلى فلسطين المحتلة وكفى تطاولا على المقاومة وكفى تقسيما للبنانيين".
رسائل سياسية
وتغريدة جابر ولّدت تصعيداً على مختلف الجبهات، حيثُ قال رئيس حركة التغيير المحامي إيلي محفوض، في حديث لـ"جسور"، إنه "على الشيخ جابر أن يدرك جيّداً دور بكركي، التي كانت ولا زالت تحتضن جميع اللبنانيين عند المصاعب والإضطهاد، وليس فقط المسيحيين والموارنة، لأن وظيفتها لبنانية لا مسيحية، أما في ما يخص دخول مطران من المطارنة الأراضي المحتلة أم لا، فلا أحد يقرر ذلك إلّا بكركي، وإذا قررت الكنيسة أن تقوم بأي نشاط لأي رعية من رعاياها في القدس أو حيفا أو أي بقعة أخرى من العالم، فلا حزب الله ولا نصرالله ولا أحد بإمكانه أن يمنعها".
وتابع: "ونحن لا نتكلّم من باب التحدي، لكن كلام الشيخ جابر، إن كان حزب الله يتبناه، سيأخذ الناس إلى "مذهبة" الدولة اللبنانية، ولا أحد يريد ذلك. فنحن ننصح الحزب للمرة الألف، بعدم إثارة النعرات الطائفية وعدم التدخل بعمل الكنيسة، وبإعطاء ما لقيصر لقيصر وما لله لله، لأن مقاومته سقطت".
وأكد محفوض أن "المطران الحاج القيّم على الرعية في الأراضي المقدسة، يدخل إليها ويخرج منها بحماية ومواكبة الأمم المتحدة، وهذا الأمر طبيعي وليس بجديد، كما سبَقَ للبطريرك الراعي أن ذهبَ إلى الأراضي المقدسة في زيارة رعوية، لكن السؤال هو لماذا اليوم تمّ تحريك هذا الملف؟ لماذا اختار حزب الله هذا التوقيت بالذات؟ ولماذا لم يتمّ الإتصال بمرجعيته قبل توقيفه وتفتيشه؟ أم كان المقصود توقيف مطران لمدة 13 ساعة في سابقة خطيرة لم تحصل في زمن الإحتلالات لا العثماني ولا الإسرائيلي ولا السوري؟".
وأشار إلى أنه "من الواضح أن هناك رسالة مباشرة أراد حزب الله إيصالها إلى بكركي، خصوصاً بعد المواقف المتصاعدة للأخيرة، وآخرها مواصفات رئيس الجمهورية المقبل التي وضعتها الكنيسة المارونية، وهي غير موجودة لدى مرشحي حزب الله".
وأردف محفوض قائلاً: "معلوماتي تؤكد أن حزب الله كان يهدف إلى إسكات وإخضاع بكركي أو على الأقل إلزامها على تغيير موقفها، لكن ما حصل هو أن السحر انقلب على الساحر وطابخ السم آكله أي حزب الله، وهو اليوم يدفع ثمنا كبيراً لأن بكركي لا يمكن اللعب معها أو اعتبارها كأي شخصية سياسية وحزب من الأحزاب".
إجراءات قانونية
في المقابل، رأى الكاتب والمحلل السياسي اللبناني فيصل عبد الساتر، في حديث لـ"جسور"، أن "الذي رفع سقف التحدي أمام الدولة اللبنانية هو البطريرك الراعي، وعليه أن يتوقع ردود من أي شخصية لبنانية لأنه خالف ولا زال يخالف القانون، وممنوع على المطران الحاج أن يفعل ما فعله".
وسأل عبد الساتر، "من له مصلحة بأن يشتم حزب الله في الديمان الأحد؟ ولماذا حُوّلت القضية ضده؟ ومن يريد أن يأخذ البلاد إلى الإنقسام والمواجهة؟ مع العلم أن المطران أوقفه الأمن العام والقضاء اللبناني، وهو الذي أشار بضرورة مصادرة جواز سفره والأموال ومثوله أمام الجهة المعنية قضائيّاً".
واعتبر أن "البطريرك الراعي هو الذي أعطى الموضوع بعداً سياسيّاً عندما قال إن الذي حصل هو سلوك سياسي بوليسي وموجه إليّ شخصيّا".
كما كشف عبد الساتر أن "معلوماته تشير إلى أن هناك تنبيهات وإشارات من الأجهزة الأمنية والقضائية وصلت إلى بكركي حول هذا الموضوع في وقت سابق"، مضيفاً "لكن إذا كان ذلك صحيح، فهذا يعني أن هذه الأجهزة عليها أيضاً أن تتحمل مسؤوليتها في هذا للإطار، لأن هذا الملف لا يمكن التساهل به. وبحسب المعلومات أيضاً، أنه تمّ توقيف شبكة من قبل الأجهزة الأمنية، وان أحد أفرادها كشف أن المطران الحاج يقوم بنقل الأموال على الدوام ومنذ سنوات من الأراضي المحتلّة إلى لبنان".
وتابع: "بدوره اعترف البطريرك الراعي أن ما كان يقوم به المطران الحاج بدأه منذ أن عيّن راعياً لأبرشية الأراضي الفلسطينية المحتلة، وكان يقوم به سلفه أيضا، وهذا الإعتراف يدلّ أن الراعي على علم بذلك منذ سنوات طويلة، وهذا الأمر يعتبر كبيراً وخطيراً جدّاً ويدلّ على أن الكنيسة لا ترى أن في ذلك مخالفة، وطبعاً لا يمكن أن نكون في لبنان تحت سقوف متعددة، فما يجري على المطران يجري على غيره والعكس صحيح".
وأيضاً، شدد عبد الساتر على أن "ما حصل مع المطران هو أمر وإجراء طبيعي وقانوني، والمسألة لا علاقة لها بتوقيت معيّن، ولا يمكن تشريع ما يجرّمه القانون اللبناني، والحديث عن بعد سياسي ورسائل من حزب الله إلى بكركي هو غير صحيح"، سائلاً "لكن لماذا لا يعتبر البطريرك هو الذي يوجه رسائل سياسية في وقت تشتد فيه الأزمة بيننا وبين العدو الإسرائيلي؟ ولماذا خرج ليشرّع ما حصل تحت عنوان إنساني ويقول فتشوا عن العملاء في مكان آخر؟ أيعقل أن يبرئ العملاء من تهمة العمالة وهؤلاء من بينهم الآن من يخدم في جيش العدو الإسرائيلي؟".
وقال إن "المسألة خطيرة وغير بسيطة، والمستغرب أن تغيب أصوات وازنة في لبنان عن مثل هذه القضية الحساسة، وكأن المطلوب أن يكون هناك مواجهة بين حزب الله وبكركي، أو كأن إسرائيل هي عدوة حزب الله وحده وليس كل لبنان، وفي حال لم يذهب المطران موسى إلى التحقيق، فالفجوة يجب أن تكون بين بكركي والشعب اللبناني أجمع".
وختم قائلاً: "إذا كانت بكركي تريد أن تتحدى الدولة تحت منطق قانون كنسي ورعوي، فهذا يعني أنها خرجت عن دورها الرعوي لتنتهج خطا سياسيّاَ من الحياد إلى التطبيع مع العدو الإسرائيلي".
الحادثة حصلت في الأيام الأخيرة، إثر قيام الأمن العام اللبناني بتوقيف النائب البطريركي على القدس وأراضي فلسطين والمملكة الهاشمية بالطائفة المارونية المطران موسى الحاج، لأكثر من 10 ساعات بعد عودته من الأراضي المحتلة.
قرار توقيف المطران اللبناني الذي يزور الأراضي المحتلة بشكل دوري لخدمة المسيحيين هناك، وفق عرف في الكنيسة المارونية، أتى على خلفية حيازته مبلغاً مالياً كبيراً يفوق الـ600 ألف دولار، بحسب ما ذكرت المصادر الصحفية، وكمية كبيرة من الأدوية، إضافة إلى لائحة قال المطران إنها لأسماء المتبرعين بالمبالغ المالية.
رد على الرد
هذا التوقيف استدعى ردّاً عنيفاً من البطريرك الماروني بشارة الراعي، وهو السلطة الكنسية الأعلى والمسؤولة عن المطران الحاج. واعتبر الراعي أنّ "ما قام به المطران موسى الحاج هو عمل إنسانيّ، وأن هناك لبنانيين موجودين في الأراضي المقدسة ولهم دور وحضور ورسالة بمعزل عن السياسة الإسرائيلية اليهودية".
تزامن رد البطريرك مع حملة تضامن مسيحية واسعة مع المطران الحاج على مواقع التواصل الاجتماعي، استكملت بتوافد شخصيات سياسية ووفود شعبية إلى منطقة الديمان (المقر الصيفي للبطريركية) في لبنان الأحد، حيثُ ردّد البطريرك الراعي أمامهم كلمة اعتبر فيها أنه "من غير المقبول أن يخضع أسقف لتوقيف وتفتيش من دون الرجوع إلى البطريركية"، مضيفاً "نرفض هذه التصرفات البوليسية ذات الأبعاد السياسية... ابحثوا عن العملاء في مكان آخر، فأنتم تعرفون من هم وأين هم، والبطريركية ستتابع مسيرتها من منطلق الحياد الإيجابي الناشط".
من جهته، رأى متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عوده "إذا كان توقيف المطران الحاج رسالة إلى الكنيسة من أجل إسكات صوتها، فإنها لا تخضع للترهيب والكيدية ولا تخاف إلا ربها ولا تنفذ إلا تعاليمه ولا تسمع إلا صوت الضمير والواجب، وواجبها إحترام الإنسان ومحبته والحفاظ على كرامته والدفاع عن حريته".
وعلى المقلب الآخر سُجّلت اعتراضات على ذهاب المطران الحاج إلى الأراضي المحتلة لاسيما وأن لبنان يُعادي إسرائيل، وكون اللبنانيين المقيمين هناك يعتبرهم البعض مُبعدين فيما يراهم البعض الآخر "عملاء خرجوا مع انسحاب الجيش الاسرائيلي من لبنان". إلا أن التضاد في المواقف، لم يقتصر على رفض تبرير البطريرك الراعي بل تعداه إلى إطلاق حملة مسيئة بحقه على مواقع التواصل الاجتماعي، كما تمّ اتهامه بـ"العمالة" من قبل البعض.
وفي السياق غرد الشيخ علي جابر، وهو معاون الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله عبر حسابه على "تويتر" قائلاً، "إذا أراد البطريرك لأن يثير صراعاً طائفياً وهمياً لحساباته السياسية، فعليه أن يحصد نتيجته، لكن لا عبور للمطران ولا لغيره إلى فلسطين المحتلة وكفى تطاولا على المقاومة وكفى تقسيما للبنانيين".
رسائل سياسية
وتغريدة جابر ولّدت تصعيداً على مختلف الجبهات، حيثُ قال رئيس حركة التغيير المحامي إيلي محفوض، في حديث لـ"جسور"، إنه "على الشيخ جابر أن يدرك جيّداً دور بكركي، التي كانت ولا زالت تحتضن جميع اللبنانيين عند المصاعب والإضطهاد، وليس فقط المسيحيين والموارنة، لأن وظيفتها لبنانية لا مسيحية، أما في ما يخص دخول مطران من المطارنة الأراضي المحتلة أم لا، فلا أحد يقرر ذلك إلّا بكركي، وإذا قررت الكنيسة أن تقوم بأي نشاط لأي رعية من رعاياها في القدس أو حيفا أو أي بقعة أخرى من العالم، فلا حزب الله ولا نصرالله ولا أحد بإمكانه أن يمنعها".
وتابع: "ونحن لا نتكلّم من باب التحدي، لكن كلام الشيخ جابر، إن كان حزب الله يتبناه، سيأخذ الناس إلى "مذهبة" الدولة اللبنانية، ولا أحد يريد ذلك. فنحن ننصح الحزب للمرة الألف، بعدم إثارة النعرات الطائفية وعدم التدخل بعمل الكنيسة، وبإعطاء ما لقيصر لقيصر وما لله لله، لأن مقاومته سقطت".
وأكد محفوض أن "المطران الحاج القيّم على الرعية في الأراضي المقدسة، يدخل إليها ويخرج منها بحماية ومواكبة الأمم المتحدة، وهذا الأمر طبيعي وليس بجديد، كما سبَقَ للبطريرك الراعي أن ذهبَ إلى الأراضي المقدسة في زيارة رعوية، لكن السؤال هو لماذا اليوم تمّ تحريك هذا الملف؟ لماذا اختار حزب الله هذا التوقيت بالذات؟ ولماذا لم يتمّ الإتصال بمرجعيته قبل توقيفه وتفتيشه؟ أم كان المقصود توقيف مطران لمدة 13 ساعة في سابقة خطيرة لم تحصل في زمن الإحتلالات لا العثماني ولا الإسرائيلي ولا السوري؟".
وأشار إلى أنه "من الواضح أن هناك رسالة مباشرة أراد حزب الله إيصالها إلى بكركي، خصوصاً بعد المواقف المتصاعدة للأخيرة، وآخرها مواصفات رئيس الجمهورية المقبل التي وضعتها الكنيسة المارونية، وهي غير موجودة لدى مرشحي حزب الله".
وأردف محفوض قائلاً: "معلوماتي تؤكد أن حزب الله كان يهدف إلى إسكات وإخضاع بكركي أو على الأقل إلزامها على تغيير موقفها، لكن ما حصل هو أن السحر انقلب على الساحر وطابخ السم آكله أي حزب الله، وهو اليوم يدفع ثمنا كبيراً لأن بكركي لا يمكن اللعب معها أو اعتبارها كأي شخصية سياسية وحزب من الأحزاب".
إجراءات قانونية
في المقابل، رأى الكاتب والمحلل السياسي اللبناني فيصل عبد الساتر، في حديث لـ"جسور"، أن "الذي رفع سقف التحدي أمام الدولة اللبنانية هو البطريرك الراعي، وعليه أن يتوقع ردود من أي شخصية لبنانية لأنه خالف ولا زال يخالف القانون، وممنوع على المطران الحاج أن يفعل ما فعله".
وسأل عبد الساتر، "من له مصلحة بأن يشتم حزب الله في الديمان الأحد؟ ولماذا حُوّلت القضية ضده؟ ومن يريد أن يأخذ البلاد إلى الإنقسام والمواجهة؟ مع العلم أن المطران أوقفه الأمن العام والقضاء اللبناني، وهو الذي أشار بضرورة مصادرة جواز سفره والأموال ومثوله أمام الجهة المعنية قضائيّاً".
واعتبر أن "البطريرك الراعي هو الذي أعطى الموضوع بعداً سياسيّاً عندما قال إن الذي حصل هو سلوك سياسي بوليسي وموجه إليّ شخصيّا".
كما كشف عبد الساتر أن "معلوماته تشير إلى أن هناك تنبيهات وإشارات من الأجهزة الأمنية والقضائية وصلت إلى بكركي حول هذا الموضوع في وقت سابق"، مضيفاً "لكن إذا كان ذلك صحيح، فهذا يعني أن هذه الأجهزة عليها أيضاً أن تتحمل مسؤوليتها في هذا للإطار، لأن هذا الملف لا يمكن التساهل به. وبحسب المعلومات أيضاً، أنه تمّ توقيف شبكة من قبل الأجهزة الأمنية، وان أحد أفرادها كشف أن المطران الحاج يقوم بنقل الأموال على الدوام ومنذ سنوات من الأراضي المحتلّة إلى لبنان".
وتابع: "بدوره اعترف البطريرك الراعي أن ما كان يقوم به المطران الحاج بدأه منذ أن عيّن راعياً لأبرشية الأراضي الفلسطينية المحتلة، وكان يقوم به سلفه أيضا، وهذا الإعتراف يدلّ أن الراعي على علم بذلك منذ سنوات طويلة، وهذا الأمر يعتبر كبيراً وخطيراً جدّاً ويدلّ على أن الكنيسة لا ترى أن في ذلك مخالفة، وطبعاً لا يمكن أن نكون في لبنان تحت سقوف متعددة، فما يجري على المطران يجري على غيره والعكس صحيح".
وأيضاً، شدد عبد الساتر على أن "ما حصل مع المطران هو أمر وإجراء طبيعي وقانوني، والمسألة لا علاقة لها بتوقيت معيّن، ولا يمكن تشريع ما يجرّمه القانون اللبناني، والحديث عن بعد سياسي ورسائل من حزب الله إلى بكركي هو غير صحيح"، سائلاً "لكن لماذا لا يعتبر البطريرك هو الذي يوجه رسائل سياسية في وقت تشتد فيه الأزمة بيننا وبين العدو الإسرائيلي؟ ولماذا خرج ليشرّع ما حصل تحت عنوان إنساني ويقول فتشوا عن العملاء في مكان آخر؟ أيعقل أن يبرئ العملاء من تهمة العمالة وهؤلاء من بينهم الآن من يخدم في جيش العدو الإسرائيلي؟".
وقال إن "المسألة خطيرة وغير بسيطة، والمستغرب أن تغيب أصوات وازنة في لبنان عن مثل هذه القضية الحساسة، وكأن المطلوب أن يكون هناك مواجهة بين حزب الله وبكركي، أو كأن إسرائيل هي عدوة حزب الله وحده وليس كل لبنان، وفي حال لم يذهب المطران موسى إلى التحقيق، فالفجوة يجب أن تكون بين بكركي والشعب اللبناني أجمع".
وختم قائلاً: "إذا كانت بكركي تريد أن تتحدى الدولة تحت منطق قانون كنسي ورعوي، فهذا يعني أنها خرجت عن دورها الرعوي لتنتهج خطا سياسيّاَ من الحياد إلى التطبيع مع العدو الإسرائيلي".