من موقع المفاوض، أطل وزير الاعلام اللبناني جورج قرداحي بتصريحات جديدة طالب فيها بـ"ضمانات مقابل استقالته"، بعد أن سببت تصريحات سابقة له بأزمة دبلوماسية مستمرة إلى الآن، بين لبنان ودول الخليج. عن أي ضمانات تحدّث قرداحي؟ وما هي احتمالات استقالته؟ وما هي آليّة إقالته؟ وهل من أمثلة سابقة عن إقالة وزراء في لبنان؟
موقع المفاوض اتخذه قرداحي، حينما وضع ورقة استقالته، في أي مفاوضات محتملة لحل الأزمة الخليجية-اللبنانية، مقابل ورقة الضمانات.
وقال قرداحي بشأن احتمال استقالته، "نحن ندرس الموضوع، ونرى التطورات، عندما تكون هناك ضمانات أنا حاضر"، في تصريح له الجمعة، عقب لقائه رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري.
قرداحي المفاوض
رئيس الوزراء اللبناني، نجيب ميقاتي، حثّ في وقت سابق، قرداحي على منح الأولوية للمصلحة الوطنية وتحكيم ضميره، بشأن الأزمة الدبلوماسية وقرار استقالته. لكن يبدو أن طلب رئيس الحكومة لم يلقَ رداً إيجابياً.
مصادر مطلعة على الأزمة الديبلوماسية بين دول الخليج ولبنان، رأت أن استقالة قرداحي متعلقة بقرار من حزب الله، الذي يمنعه عن ذلك. وتابعت المصادر، "قرداحي ليس سيّد قراره وشروطه من شروط حزب الله ومحور الممانعة، وفي حال استقال سيكون ذلك مقابل إسقاط كل الاجراءات الديبلوماسية المتخذة ضد لبنان".
من جانبه، اعتبر رئيس تحرير موقع "الكلمة أونلاين"، الصحافي سيمون أبو فاضل، في حديث لـ"جسور"، أنه ثمة "انعدام للتوازن في الأزمة بين لبنان والمملكة العربية السعودية نسبةً الى دورها العربي والإقليمي، فكيف بالحري بوزير ورّط الدولة اللبنانية ويشترط على السعودية باسم حزب الله؟".
الضمانات التي تحدث عنها الوزير قرداحي، قال أبو فاضل، إنها تعني "إعادة السفراء بين المملكة ولبنان، وإعادة فتح الباب السعودي أمام الصادرات اللبنانية والأهم أن لا تكرر السعودية ما قامته به في حال عبّر شخص آخر عن رأيه بحرية".
الكلمة الفصل
وأكد أبو فاضل لـ "جسور"، أن "رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون، ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، لديهما رغبة في إستقالة قرداحي، إلا أن مساعيهما فشلت في دفعه نحو ذلك".
وعن احتمال إقالة وزير الإعلام، اعتبر أبو فاضل أن "لا أحد يجرأ على إقالته وذلك بسبب نفوذ حزب الله رغم أنهما (أي رئيسا الجمهورية والحكومة) متحمسان لهذا الخيار".
وعن إمكانية التصعيد في الأيام المقبلة من الجانب السعودي، أشار أبو فاضل، إلى أنه "لا معرفة ما إذا ستتفاقم الأزمة في الأيام المقبلة وإن كانت المملكة ستتخذ إجراءات تصعيدية جديدة. معلقاً "لا دولة لبنانية لحل الأزمة معها، فلحزب الله الكلمة الفصل وكل ما تبقى مجرد تماثيل متحركة لا تستطيع اتخاذ أي قرار في الدولة اللبنانية".
وفي حال لم يستقل قرداحي، أو لم تتم إقالته، اعتبر أبو فاضل أن خيار إستقالة حكومة ميقاتي ليس وارداً حتى الآن، إذ إن لقاءات عدة أجراها ميقاتي على هامش قمة غلاسكو مع عدد من المسؤولين الذين نصحوه بعدم الاستقالة تخوفاً من عودة الفراغ.
وأضاف، "لن تسمح فرنسا لميقاتي بالاستقالة، خاصة بعد الجهود التي بذلتها في سبيل تشكيل هذه الحكومة".
يتحدث أبو فاضل عن معلومات دبلوماسية تفيد بأن "استقالة ميقاتي ستؤدي حتماً إلى عقوبات عليه، لأنه بهذه الحركة سيضع رصيد الدول الأوروبية وعلى رأسها فرنسا على المحك".
آلية الإقالة
تُشير المعطيات المتوافرة، إلى أن استقالة الوزير قرداحي أو إقالته غير واردة حتى الآن، وهذا ما أكده الخبير القانوني الأستاذ أنطوان صفير في حديث لـ "جسور". إذ اعتبر صفير، أن "استقالة قرداحي ليست مطروحة حالياً أما إقالته فهي رهن قرارٍ سياسي سيترجم إذا حصل في مجلس الوزراء".
وعن الآلية القانونية لإقالة أي وزير يوضح صفير، أن المعني الأول هي الحكومة، ووفقا للفقرة 2 من المادة 69 من الدستور اللبناني، "تكون إقالة الوزير بمرسوم يوقعه رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء بعد موافقة ثلثي أعضاء الحكومة".
أما على مقلب مجلس النواب، يشرح صفير: "يستطيع أن يطرح نائب أو عدد من النواب الثقة بالوزير المعني، وحق طرح الثقة من قبل مجلس النواب بأي وزير أمر دستوري ومشروع، إذ أن الوزير يعمل بموجب الثقة الممنوحة للحكومة من قبل المجلس النيابي".
حق إسقاط الثقة، مكفول في المادة 37 من الدستور اللبناني، إذ تنصّ على أن "حق طلب عدم الثقة مطلق لكل نائب في العقود العادية وفي العقود الاستثنائية، ولا تجري المناقشة في هذا الطلب ولا يقترع عليه إلا بعد انقضاء خمسة أيام على الأقل منذ إيداعه أمام عمدة المجلس وإبلاغ الوزراء المقصودين بذلك".
سوابق في الإقالة
في لبنان سوابق عدة في إقالة وزراء، ولعل أحدثها إقالة وزير الموارد المائية والكهربائية جورج افرام عام 1993، وذلك بعد خلاف بين افرام، ورئيس الجمهورية اللبناني السابق الياس الهراوي ورئيس الحكومة السابق رفيق الحريري، حول خطة الكهرباء.
وتم حينذاك، بموجب المرسوم الرقم 3602 تاريخ 11-6-1993، إجراء تبديل وزاري قضى بتعيين إيلي حبيقة وزيراً للموارد المائية والكهربائية، وتعيين جورج افرام وزير دولة.
إلا أن ذلك لم يحل الخلاف الذي تفاقم وأدى الى إصدار المرسوم الرقم 3920 تاريخ 11-8-1993، الذي قضى بإقالة جورج افرام من الحكومة، وتعيين جان عبيد خلفاً له في وزارة الدولة بموجب المرسوم الرقم 3921 بتاريخ 11-8-1993.
هذا وتم في عام 1994، بموجب المرسوم الرقم 5608 تاريخ 2-9-1994، إجراء تبديل وزاري قضى بتولي نائب رئيس مجلس الوزراء ميشال المر مهام وزارة الداخلية، وإقالة وزير الداخلية بشارة مرهج من منصبه وتعيينه وزير دولة، مما دفعه إلى الاستقالة لاحقاً.