في ظل ضبابية التحالفات التي يمكن أن تربط بعض الكتل النيابية ببعضها في لبنان، وفي وقت يشهد فيه المشهد السياسي انقساما عمودياً بعد خسارة حزب الله وحلفائه الأكثرية في مجلس النواب، يتوقع محللون أن تطرأ تعقيدات على الإستحقاقات الملحة كانتخاب رئيس مجلس النواب ونائبه، وتكليف شخصية سنية لتأليف الحكومة، وتأليف الحكومة بحد ذاته، وانتخاب رئيس جمهورية جديد للبنان، ما ينذر في أحسن الأحوال بشلل سياسي طويل أو حتى احتمال الانزلاق الى العنف.
وبينما تشير المعطيات إلى أن تشكيل الحكومة ليس قريبا، وأن المهمة ستكون صعبة ومعقدة، ما يجعل البعض يتحدث عن أزمة حكومية جديدة، يرى الكاتب السياسي والصحفي اللبناني آلان سركيس، أن "جميع المؤشرات تؤكد أنه من الصعب أن تتشكل الحكومة بسرعة، إلا إن كان هناك قرار عربي ودولي بذلك، ولكن حتى ولو تشكلت، فلن تبقى لأكثر من بضعة أشهر، أي حتى موعد انتخاب رئيس جمهورية جديد".
الاوفر حظاً
وقال سركيس في حديث لـ"جسور"، "وفي حال لم يتم انتخاب رئيس جمهورية جديد في الخريف المقبل ودخلنا في الفراغ، من الممكن أن تكون الحكومة المقبلة شبيهة بحكومة الرئيس الأسبق تمام سلام عام 2014، التي تم فيها إدارة الفراغ".
وتابع: "لكن حتى اليوم لم يتفق السياسيون على أي إسم بالرغم من أن القوى السياسية التي من الممكن أن تعرقل، كالثنائي الشيعي والتيار الوطني الحر قد دعت إلى تشكيل حكومة سريعة وهادئة، لكن الكلام شيء والفعل شيء آخر".
وعن الأسماء الاوفر حظاً لرئاسة الحكومة اللبنانية، قال سركيس، "إذا تحدثنا بمنطق الأكثرية والأقلية، فطبعا النائب المنتخب اللواء أشرف ريفي والنائب المنتخب الذي رشحته الثورة ابراهيم منينمة، لديهما الحظوظ الأكبر لتولي هذا المنصب، لكن المشكلة هي أن القوى التي نالت الأغلبية ضد حزب الله ليست موحدة. ومن جهة أخرى، هناك حديث عن عودة السفير مصطفى أديب لرئاسة الحكومة بضعة أشهر، كما تسوق قوى 8 آذار لتسمية الرئيس نجيب ميقاتي لحكومة إنتقالية، وكل ذلك يؤكد أنه حتى الآن، لا إسم نهائي بعد".
رئاسة الجمهورية
في سياق آخر، وفي وقت يتداول فيه البعض أسماء كل من رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية، وقائد الجيش اللبناني جوزف عون، لخلافة رئيس الجمهورية الحالي ميشال عون (88 عاما)، يقول سركيس، "إن الحكومة هي تفصيل أمام الاستحقاق الكبير الذي ينتظرنا في أكتوبر/ تشرين الأول لانتخاب رئيس الجمهورية، فرئاسة الجمهورية بحاجة لاتفاق إقليمي ودولي وذلك سائد منذ تاريخ نشأة لبنان الكبير وحتى اليوم، فهذا القرار ليس 100% بيد اللبنانيين".
ولفت إلى أن "فوز القوى المناهضة لحزب الله بالأغلبية، أدى إلى تطيير حظوظ رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية، وذهابنا للبحث عن رئيس قادر أن يرضي الجميع وألا يكون استفزازيا".
وتابع: "باسيل حظوظه أصبحت معدومة بسبب خسارته مع حلفائه الأكثرية، ووضع إسمه على لائحة العقوبات الأميركية، الأمر الذي لا يمكن أن يتحمله لبنان، إضافة إلى أن لا وجود اتفاق داخلي على إسمه".
وأضاف سركيس: "بالمنطق المسيحي القوي، فرئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع لديه الكتلة المسيحية الأكبر، ولكن الجميع يعلم أن جعجع لا يمكن أن يحصل على إجماع وطني حول إسمه خصوصا لدى المكون الشيعي".
كما أشار إلى أن "حظوظ قائد الجيش اللبناني جوزيف عون قد ارتفعت، وأسماء جديدة قد دخلت السباق الرئاسي كرئيس حركة الإستقلال النائب ميشال معوض، الذي يتم التداول بإسمه بالرغم من أن حظوظه ليست كبيرة".
وختاما قال سركيس، "ستبقى بورصة الأسماء مستمرة، إلا أن الأهم اليوم هو مواصفات الرئيس وليس إسمه".
مجلس جديد
وتبدأ ولاية مجلس النواب الجديد في 22 مايو/ أيار، وستكون أمامه مهلة 15 يوما لانتخاب رئيس له، وهو منصب يشغله رئيس حركة أمل نبيه بري منذ العام 1992، ولا ينوي التنازل عنه رغم بلوغه الرابعة والثمانين.
وأعلن بعض النواب "التغييريين" والمعارضين الآخرين، ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، أنهم لن ينتخبوا بري رئيسا للبرلمان، لكن هذا الإعتراض قد لا يكون مجديا، كون جميع النواب الشيعة ينتمون الى حركة أمل وحزب الله، وبالتالي، لن يكون لديهم مرشح بديل لتقديمه، علما ان رئاسة المجلس النيابي تعود للشيعة في لبنان بحسب الأعراف.
وسارع حزب الله الى البدء بتوجيه رسائل الى النواب المعارضين له فور ظهور نتيجة الانتخابات، وقال رئيس كتلة حزب الله النيابية محمّد رعد "نتقبّلكم خصومًا في المجلس النيابي، ولكن لن نتقبّلكم دروعًا للإسرائيلي ومن وراء الإسرائيلي".
ويثير هذا الانقسام الحاد مخاوف من تكرار حوادث العنف التي شهدتها منطقة الطيونة في بيروت في أكتوبر/ تشرين الأول 2021 بين أنصار القوات اللبنانية وأنصار حزب الله وحركة أمل على خلفية تظاهرة احتجاجية.