يُصادف اليوم في الثامن عشر من كانون الأول، اليوم العالمي للغة الضاد، اللغة العربية. وتُعتبر هذه اللغة من أقدم اللغات السامية ومن أكثرها انتشارًا في العالم، إذ يتحدثها أكثر من 467 مليون نسمة. لكن اللغة العربية تواجه اليوم تحديات وصعوبات كثيرة على صلة بتكيفها مع التكنولوجيا الحديثة.
وفي هذا السياق يشير الإعلامي والشاعر زاهي وهبي، في حديث لـ"جسور"، إلى أن "حال كل لغة هو من حال أهلها، وحال العرب هذه الأيام لا يسرّ، لذا نرى أجيالاً يعتري ألسنتها اللحن والاعوجاج، ونخباً ترطن بغير لغة الضاد".
ويقول وهبي: "كثير منا مستلب أو مأخوذ بلغة السيد المسيطر، بدافع التماهي معه أو بضرورة التماشي مع التكنولوجيا المعاصرة الأكثر مرونة في التعاطي مع لغة مبتكريها، فضلاً عن دور المدراس الخاصة ووسائل الإعلام التي لا تعطي لغتنا الجميلة ما يقتضيه الأمر من عناية واهتمام، وشيوع ما يسمى "العربيزي" في وسائل التواصل الحديثة".
ومع ذلك، يضيف وهبي: تظل العربية واحدة من أجمل لغات الأرض وأكثرها مقدرة على التعبير عن مكنونات الإنسان ومشاعره، وإن كان التذرّع بالمقدّس الذي هو فخر لها، قد حال أحياناً دون رفدها بالمزيد من مفردات العصر، إلا أنها تظل لغة إعجاز وبلاغة، ويظل الحرص عليها واجباً لأنها "روح الأمة" كما اعتبرها ساطع الحصري، وليست مجرد أداة تخاطب وتواصل يوميين، فدور اللغة أبعد بكثير من ذلك، إنها حامل المشاعر والأفكار من جيل إلى جيل، ومكّونٌ أساس من مكونات كل هوية وطنية أو قومية".
الأحرف اللاتينية
من جهته، يرى الإعلامي اللبناني يزبك وهبي، في حديث لـ"جسور"، أن "المشكلة الأساسية تتمثل بتجاهل مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي التعبير والكتابة بالفصحى ما يعكس تراجعاً في القواعد والتعابير والمصطلحات، والناس تميل الى كتابة العربية بالاحرف اللاتينية وهذا الأمر شوّه لغتنا".
ويقول وهبي: "هناك تراجع على مستوى اللغة العربية الفصحى، في لبنان كما في الدول العربية الأخرى، إنما يمكن إعادة إحياء اللغة على مستوى وزارات التربية والتعليم والمدارس الخاصة، وطبعاً بجهد شخصي من الأهالي والطلاب معاً".
ويتابع: "اللغة العربية في لبنان والعالم العربي تراجعت على حساب اللغات الغربية، لا سيّما الإنكليزية والفرنسية، إنما بعض المهن والإختصاصات لا زالت تتطلب لغة عربية فصحى كالترجمة والحقوق والصحافة والمحاماة والتعليم".
ويختم يزبك وهبي بالقول: "يجب ألا يتردد الطلاب بالتركيز على هذه اللغة المهمة كي لا تتراجع أكثر، ويجب أن نُحدث توازناً بين الحفاظ على لغتنا الأصلية واكتساب لغات أجنبية جديدة".
لغة عابرة للطوائف
ويحتفل باليوم العالمي للغة العربية في الثامن عشر من ديسمبر/ كانون الأول،يوم أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها رقم 3190 عام 1973، وبموجبه تم إدخال اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية ولغات العمل في الأمم المتحدة، وذلك بعد اقتراح قدمته المملكة المغربية والمملكة العربية السعودية خلال انعقاد الدورة 190 للمجلس التنفيذي لمنظمة اليونسكو.
ويتوزع متحدثو اللغة العربية في الوطن العربي، بالإضافة إلى العديد من المناطق الأخرى المجاورة.
وتحظى اللغة العربية بأهمية كبيرة لدى المسلمين، فهي لغة القرآن، والعربية أيضا لغة رئيسية لدى عدد من الكنائس المسيحية في الوطن العربي، كما كتبت بها أهم الأعمال الدينية والفكرية اليهودية في العصور الوسطى.
وتتميز العربية بقدرتها على التعريب واحتواء الألفاظ من اللغات الأخرى بشروط دقيقة معينة. فيها خاصية الترادف، والأضداد، والمشتركات اللفظية وتتميز كذلك بظاهرة المجاز، والطباق، والجناس، والمقابلة والسجع، والتشبيه. وبفنون اللفظ كالبلاغة والفصاحة وما تحويه من محسنات بديعية.
أصول تسميتها بلغة الضاد
سميت اللغة العربية بـ "لغة الضاد" لإحتوائها على حرف "الضاد"، بالإضافة إلى أنّ العرب هم أفصح من نطقوا هذا الحرف.
ومن المعروف أنّ حرف الضاد يعتبر من أصعب الحروف نطقاً عند غير العرب، كما أن بعض المتكلمين بغير العربية يعجزون عن إيجاد صوت بديل له في لغاتهم.