يمضي لبنان في انهياره والحكّام في تعنّتهم باتخاذ عددٍ من القرارات المُهلكة التي تسنزف المواطن اللبناني حتى آخر أنفاسه ومعالم قوّته. آخر فصول الانهيار أتت بتوقيع اقتصاديّ، بحيث توجّه مصرف لبنان نحو التخلّي عن تمويل استيراد البنزين بالدولار النقدي، بعدما سبقه دولرة المازوت والدواء جزئيًّا، ويرجّح أن يطال القرار خدمة الإتصالات الشهر المقبل واللائحة قد تطول.
ما مدى قانونيّة هذه الخطوات وهل يتخلّى حاكم المصرف المركزي رياض سلامة عن الليرة الوطنيّة، وكيف يُمكن للمواطن أن يتأقلم مع هذه القرارات؟ وما هو القانون الحمائي؟
قانون "حمائي"
في السياق، تشدّد الأستاذة المحاضرة المُتخصّصة في الشأن المصرفي والرئيسة التنفيذية لمؤسسة Juriscale سابين الكيك في حديث لـ"جسور" على نقطة أساسيّة جدًّا وتقول "إن الحفاظ على إستقرار العملة اللبنانية في إطار قانون النقد والتسليف، وبحسب ما يُفسّره مجلس شورى الدولة هو نوع من الإستقرار بالنظام العام، وهو أبعد من القدرة الشرائية، ذلك أنه يخلق جوّ استقراري نقدي لأن النقد يتعلّق بالسيادة والاستثمارات والدورة الإقتصاديّة، كما أنه معني بقدرة المواطن والاستقرار الإجتماعي والابتعاد من الإضطرابات، وهو ما يُسمّى بحسب التوصيف القضائي والقانوني"loi police" أي قانون حمائي"
وتضيف، "قانون النّقد والتسليف في ما يتعلّق بالمواد التي تعطى لمصرف لبنان التنظيم والعمل على استقرار العملة اللبنانية والوطنية هو قانون "حمائي" يتعلّق بالنظام العام وهو أبعد من المُخالفة، بل إنه عمليّة فضّ أركان الإستقرار بدولة معيّنة."
الدولرة الفعلية والقانونية.. والخطوات المستقبليّة كلها مخالفة
توضح الكيك بأن الدولرة الواقعيّة والفعليّة أي أسعار الخدمات والإنتاج والمنتوجات والسلع هي على سعر صرف عالي جدًّا، أما الدولرة القانونية هي اعتماد الدولار كمقياس للتسعير الرسمي، وتؤكّد أنّ "التسعير بالعملات الأجنبية للمستهلكين مباشرة أمر يُخالف قانون حماية المستهلك لأن سعر الخدمات والسلع في لبنان يُحدّد بالليرة اللبنانية، ويمكن إلى جانب السعر بالليرة اللبنانية أن يشار إليه بما يعادله بالعملة الأجنبية".
وتُضيف:"هذا الأمر يُعتبر مخالفة قانونيّة من قِبل مصرف لبنان، ففي لبنان أصبح التعاطي مع الأزمات "بالمفرّق" وطالما أن الخطوات تُتخذ "من كل وادي عصا" وغير متكاملة ومقطّرة بخطّة واضحة من حيث الرؤيا والمعالم والاسترتيجيّة فستكون كل الخطوات مخالفة للقانون."
قرارات.. لاستنزاف المواطن
تعتبر الكيك أن "القرارات التي تصدر هي ردّات فعل وخطوات تستنزف المجتمع اللبناني أكثر فأكثر، وتستنزف المواطن والمستوى الإجتماعي وأساسيات المجتمع، ولا خطّة إنّما خطوات عشوائية غوغائية مرحلية لا تقدم ولا تؤخّر بالاتجاه الصحيح بل على العكس تمامًا، هي خطوات تضر الشعب اللبناني ولا تنفعه."