قنبلة من العيار الثقيل أوقعها أمر عاجل من زعيم التيار الصدري في العراق، مقتدى الصدر، توجّه به إلى نوابه لتقديم استقالاتهم من البرلمان العراقي. قنبلةٌ سيكون لها وقع على شكل البرلمان والأغلبية فيه، إذ إن الصدر الذي نال الأكثرية في الانتخابات النيابية الأخيرة، ووفق السيناريوات الأكثر ترجيحاً، سيترك بذلك مقاعد نوابه إلى "أوائل الخاسرين" بين النواب في الانتخابات الماضية وغالبيتهم ومن الإطار التنسيقي.
أمر الصدر
وفي التفاصيل، قال الصدر في بيان له الأحد، إنه "على رئيس الكتلة الصدرية حسن العذاري أن يقدم استقالات الأخوات والإخوة في الكتلة الصدرية الى رئيس مجلس النواب".
واعتبر الصدر أن هذه "الخطوة تُعتبر تضحيةً مني من أجل الشعب والوطن لتخليصهم من المصير المجهول"، كما قدم شكره إلى "جعفر الصدر الذي كان مرشحنا لرئاسة الوزراء".
وكان الصدر قد أجرى الأحد، اتصالًا برئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني.
وبحسب بيان مقتضب للحزب، فقد "تلقى مسعود بارزاني اتصالا هاتفيا من مقتدى الصدر تناولا فيه آخر مستجدات العملية السياسية الجارية".
الحلوبسي يوافق
وبعد وقت قصير من أمر الصدر، وافق رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي، الأحد، على استقالة نواب الكتلة الصدرية، وقام بتوقيع الاستقالات من داخل البرلمان.
يُذكر أن خبراء اعتبروا أن موافقة رئيس البرلمان ضمن النظام العراقي، تكون "تلقائية" كون استقالة أي نائب تعتبر مقبولة حال تقديمها.
في المقابل، فسر الخبير القانوني علي التميمي، شرعية قبول رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي لاستقالات نواب الكتلة الصدرية من المجلس. قائلاً إن"موافقة الحلبوسي على الاستقالات تحتاج الى تصويت من مجلس النواب للمصادقة عليها واستحقاقها الشرعية".
ولفت الى أن"التصويت على تلك الاستقالات سيكون اما بعد انتهاء العطلة التشريعية او الدعوة الى عقد جلسة طارئة لمجلس النواب بهذا الشأن".
الإطار يجتمع
وبشكل عاجل، إثر إعلان الصدر وموافقة الحلبوسي، اجتمع عقد الاطار التنسيقي اجتماعا عاجلا لمناقشة استقالة نواب الكتلة الصدرية.
السيناريوات والأكثرية
وكان الصدر قد فاز بالكتلة النيابية الأكبر في الانتخابات التشريعية الأخيرة، وحصل على 73 مقعداً من أصل 329 مقعداً في البرلمان العراقي.
وفي السيناريوات المطروحة إثر الاستقالة، فإنه من المرجّح أن يحل مكان نواب الكتلة الصدرية تلقائيًا "أول الخاسرين" من النواب في الانتخابات ومعظمهم من الإطار التنسيقي، الذي يضم القوى الشيعية وفصائل الحشد الشعبي الموالية لإيران؛ مما يعني مبدئيًا ميل الأكثرية النيابية لقوى الإطار التنسيقي مجددًا في المجلس النيابي العراقي.
وكان الصدر قال قبل نحو شهرين إنه سيتّجه إلى المعارضة. ودعا خصومه السياسيين في الإطار التنسيقي الذي يضمّ كتلاً شيعية أبرزها دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، وكتلة الفتح الممثلة لفصائل الحشد الشعبي الموالي لإيران، إلى أن تشكّل الحكومة.
زعيم التيار الصدري الذي يرأس تحالف "إنقاذ وطن" مع كتلة "تقدّم" السنية بزعامة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، والحزب الديموقراطي الكردستاني، كان أصر في السابق على تشكيل حكومة أغلبية، مؤكداً أن تحالفه هو الأكبر في البرلمان إذ يضم 155 نائبًا.
أما الإطار التنسيقي، 83 نائباً، فيدفع باتجاه تشكيل حكومةً توافقية تضمّ الأطراف الشيعية كافة، كما جرت العادة في السنوات الماضية.
"خلطة العطار" التي يرفضها الصدر أدت إلى الخلاف سياسي حاد في البلاد وعدم قدرة أي طرف على حسم الأمور، إذ أخفق البرلمان 3 مرات في انتخاب رئيس للجمهورية، متخطياً المهل التي ينص عليها الدستور.
كما طرحت خيارات منها حلّ البرلمان وتنظيم انتخابات جديدة، إلا أن هذه الحل غير وارد اذ لا يمكن حل مجلس النواب إلا بقرار من المجلس عينه.