المصارف اللبنانية في قبرص بدأت بحزم حقائبها استعداداً لإقفال أبوابها ومغادرة قبرص، في ضوء الاجراءات التي اتخذها المصرف المركزي القبرصي في خطوة تشبه عمليّة "الطرد" لقطاع المصارف اللبنانية من الجزيرة.
لا زال كابوس الأزمة المالية في لبنان يتواصل على نار حامية، فسنتان ونصف السنة ضمن هذا المسار، ولم تتّخذ السلطات اللبنانية قراراً إيجابياً واحداً ينقذ اللبنانيين والمودعين والقطاعات الاقتصادية، كما لم يتمّ إقرار خطة شاملة لإعادة هيكلة القطاع المصرفي وتحميله جزءا من الخسائر مقابل الإبقاء على ديمومته وتنشيطه.
مصدر في المركزي القبرصي، أكد أن 9 بنوك لبنانية شرعت في إغلاق فروعها في الجزيرة، مضيفا أن إغلاق فروع البنوك لن يؤثر سلبا على اقتصاد قبرص الواقعة شرقي البحر المتوسط.
وطمأن المركزي القبرصي العملاء بأن جميع الودائع التي تقل عن 100 ألف يورو مضمونة بالكامل.
أسباب عدة
ويبلغ إجمالي الودائع والقروض، التي تحتفظ بها الفروع اللبنانية في الجزيرة أقل من 1 بالمائة من إجمالي ودائع وقروض النظام المصرفي القبرصي، وتعود غالبية هذه الودائع والقروض إلى أشخاص غير مقيمين.
ولم يتلق المركزي القبرصي أي تفسير بشأن القرار، لكن إغلاق فروع البنوك قد يكون محاولة من جانب السلطات اللبنانية لاستباق هروب رأس المال المحتمل وسط الفوضى الاقتصادية المستمرة في لبنان.
وعن هذه الخطوة وتداعياتها، تحدث الصحافي والكاتب الاقتصادي، منير يونس، لافتا إلى أن "إقفال فروع بنوك لبنانية في قبرص يأتي لأسباب عدة، باعتبار أن البنوك الأم في لبنان تعاني أصلا من إفلاس نتيجة الانهيار المالي والاقتصادي الذي حصل، لهذا تأثرت الفروع الخارجية بهذا الإفلاس ولو أنه غير معلن رسميا، فجميع المؤشرات توحي بأن العديد من المصارف اللبنانية مفلسة وهذا بطبيعة الحال يؤثّر بشكل مباشر على البنوك الخارجية".
وأضاف يونس في تصريح لـ"جسور"، أنّ "الثقة العالمية بالبنوك اللبنانية تراجعت مما تطلّب من السلطات الرقابية النقدية في البلدان التي تتواجد فيها فروع لبنانية، اتخاذ إجراءات قاسية حفظا للحقوق والودائع في هذه البنوك، فقبرص مثلا عمدت إلى وضع شروط قاسية مقابل كل وديعة بمبلغ معين يجب وضع احتياطات بالمبلغ نفسه، وبالتالي كأنهم يقولون للبنوك اللبنانية أخرجوا من السوق وهذا بالفعل ما حصل".
سبب آخر شرحه يونس، إذ يقول إن "توسع البنوك اللبنانية في الخارج كان يهدف لجذب الدولارات من الخارج إلى الداخل بفوائد عالية، وهذه اللعبة وقعت ولم يعد هناك فوائد عالية في لبنان المتوقف عن السداد والبنوك تمر بمرحلة سيئة جدا"، مضيفا أنّ "تعثّر الوجود المصرفي في الخارج أمرٌ متوقع وليس بالمستغرب، كما أنّ صمود بعض البنوك في الخارج يعود لفصل ذمّتها المالية عن الذمّة المالية للبنك الأمّ في الداخل اللبناني وبالتالي تخضع للسلطات النقدية الخارجية وعندها تكون قابلة للاستمرار".
ملاحقات قضائية!
ويبّين الصحافي والكاتب الاقتصادي لـ"جسور" أنّ "حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، يتعرض لملاحقات قضائية في عدد من الدول الأوروبية بسبب شبهات إختلاس وتبيض أموال"، ويؤكد يونس أنّ "هذه الملاحقات تضعف الثقة بالنظام النقدي والمصرفي اللبناني، وبالتالي هذا أيضا من شأنه أن يؤثر على التواجد المصرفي في الخارج وعلى سمعة لبنان المصرفية، فحتى البنوك المراسلة الأجنبية التي تمرّ عبرها التحويلات والاعتمادات تراجعت ثقتها كثيرا بالقطاع المصرفي اللبناني ولم يبق منها إلا عدد قليل جدا".
تفاصيل القرار القبرصي
وبحسب وكالة الأنباء القبرصية، قررت المصارف اللبنانية إغلاق فروعها في الجزيرة "بقرار صدر يوم الاثنين الماضي عن مصرف لبنان المركزي. وقد أكّدت مصادر في البنك المركزي القبرصي هذا القرار للوكالة، بناءً على تأكيدات من المركزي اللبناني". والقرار القبرصي أتى كردّ فعل احترازي على أي آثار محتملة قد تصيب القطاع المصرفي القبرصي في حال تعثّرت الفروع اللبنانية عن سداد مستحقات مودعيها. فالمركزي القبرصي "يراقب الوضع منذ عام 2019 عندما بدأ الوضع في لبنان بالتدهور". وذكّرت الوكالة بأن القرار ناجم عن "الأزمة الاقتصادية الشديدة التي تعصف بلبنان حالياً، والتي أدّت إلى تراجع الناتج المحلّي في العام 2021 إلى نحو 20.5 مليار دولار فيما كان في العام 2018 نحو 55 مليار دولار".
تسعة مصارف
تسعة مصارف ستودّع الجزيرة بقرار نهائي، هي بنك بيبلوس، لبنان والمهجر، البحر المتوسط، الاعتماد اللبناني، بيمو، بيروت والبلاد العربية، أنتركونتيننتال بنك، بنك بيروت وبنك لبنان والخليج.
وبهذا تكون قبرص ببعدها الأوروبي المهم، البلد الرابع، بعد العراق والأردن ومصر، الذي تغادره البنوك اللبنانية تحت وطأة تداعيات انفجار الأزمتين المالية والنقدية وتفاقم الضغوط الداخلية على البنك المركزي والجهاز المصرفي معاً، والبلد السادس من خريطة انتشارها الاقليمي، بعدما غادرت قسراً السودان وسوريا او قلصت تواجدها فيهما الى أدنى الحدود بفعل الاستجابة للعقوبات الاميركية على البلدين.
كلّ هذا يحصل والأزمة الاقتصادية اللبنانية آخذة بالاشتداد، حيث تشهد العملة المحلية أدنى مستوى لها أمام دولار السوق السوداء مقابل ارتفاع كبير في أسعار السلع والمحروقات وتدهور الكثير من القطاعات.
لا زال كابوس الأزمة المالية في لبنان يتواصل على نار حامية، فسنتان ونصف السنة ضمن هذا المسار، ولم تتّخذ السلطات اللبنانية قراراً إيجابياً واحداً ينقذ اللبنانيين والمودعين والقطاعات الاقتصادية، كما لم يتمّ إقرار خطة شاملة لإعادة هيكلة القطاع المصرفي وتحميله جزءا من الخسائر مقابل الإبقاء على ديمومته وتنشيطه.
مصدر في المركزي القبرصي، أكد أن 9 بنوك لبنانية شرعت في إغلاق فروعها في الجزيرة، مضيفا أن إغلاق فروع البنوك لن يؤثر سلبا على اقتصاد قبرص الواقعة شرقي البحر المتوسط.
وطمأن المركزي القبرصي العملاء بأن جميع الودائع التي تقل عن 100 ألف يورو مضمونة بالكامل.
أسباب عدة
ويبلغ إجمالي الودائع والقروض، التي تحتفظ بها الفروع اللبنانية في الجزيرة أقل من 1 بالمائة من إجمالي ودائع وقروض النظام المصرفي القبرصي، وتعود غالبية هذه الودائع والقروض إلى أشخاص غير مقيمين.
ولم يتلق المركزي القبرصي أي تفسير بشأن القرار، لكن إغلاق فروع البنوك قد يكون محاولة من جانب السلطات اللبنانية لاستباق هروب رأس المال المحتمل وسط الفوضى الاقتصادية المستمرة في لبنان.
وعن هذه الخطوة وتداعياتها، تحدث الصحافي والكاتب الاقتصادي، منير يونس، لافتا إلى أن "إقفال فروع بنوك لبنانية في قبرص يأتي لأسباب عدة، باعتبار أن البنوك الأم في لبنان تعاني أصلا من إفلاس نتيجة الانهيار المالي والاقتصادي الذي حصل، لهذا تأثرت الفروع الخارجية بهذا الإفلاس ولو أنه غير معلن رسميا، فجميع المؤشرات توحي بأن العديد من المصارف اللبنانية مفلسة وهذا بطبيعة الحال يؤثّر بشكل مباشر على البنوك الخارجية".
وأضاف يونس في تصريح لـ"جسور"، أنّ "الثقة العالمية بالبنوك اللبنانية تراجعت مما تطلّب من السلطات الرقابية النقدية في البلدان التي تتواجد فيها فروع لبنانية، اتخاذ إجراءات قاسية حفظا للحقوق والودائع في هذه البنوك، فقبرص مثلا عمدت إلى وضع شروط قاسية مقابل كل وديعة بمبلغ معين يجب وضع احتياطات بالمبلغ نفسه، وبالتالي كأنهم يقولون للبنوك اللبنانية أخرجوا من السوق وهذا بالفعل ما حصل".
سبب آخر شرحه يونس، إذ يقول إن "توسع البنوك اللبنانية في الخارج كان يهدف لجذب الدولارات من الخارج إلى الداخل بفوائد عالية، وهذه اللعبة وقعت ولم يعد هناك فوائد عالية في لبنان المتوقف عن السداد والبنوك تمر بمرحلة سيئة جدا"، مضيفا أنّ "تعثّر الوجود المصرفي في الخارج أمرٌ متوقع وليس بالمستغرب، كما أنّ صمود بعض البنوك في الخارج يعود لفصل ذمّتها المالية عن الذمّة المالية للبنك الأمّ في الداخل اللبناني وبالتالي تخضع للسلطات النقدية الخارجية وعندها تكون قابلة للاستمرار".
ملاحقات قضائية!
ويبّين الصحافي والكاتب الاقتصادي لـ"جسور" أنّ "حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، يتعرض لملاحقات قضائية في عدد من الدول الأوروبية بسبب شبهات إختلاس وتبيض أموال"، ويؤكد يونس أنّ "هذه الملاحقات تضعف الثقة بالنظام النقدي والمصرفي اللبناني، وبالتالي هذا أيضا من شأنه أن يؤثر على التواجد المصرفي في الخارج وعلى سمعة لبنان المصرفية، فحتى البنوك المراسلة الأجنبية التي تمرّ عبرها التحويلات والاعتمادات تراجعت ثقتها كثيرا بالقطاع المصرفي اللبناني ولم يبق منها إلا عدد قليل جدا".
تفاصيل القرار القبرصي
وبحسب وكالة الأنباء القبرصية، قررت المصارف اللبنانية إغلاق فروعها في الجزيرة "بقرار صدر يوم الاثنين الماضي عن مصرف لبنان المركزي. وقد أكّدت مصادر في البنك المركزي القبرصي هذا القرار للوكالة، بناءً على تأكيدات من المركزي اللبناني". والقرار القبرصي أتى كردّ فعل احترازي على أي آثار محتملة قد تصيب القطاع المصرفي القبرصي في حال تعثّرت الفروع اللبنانية عن سداد مستحقات مودعيها. فالمركزي القبرصي "يراقب الوضع منذ عام 2019 عندما بدأ الوضع في لبنان بالتدهور". وذكّرت الوكالة بأن القرار ناجم عن "الأزمة الاقتصادية الشديدة التي تعصف بلبنان حالياً، والتي أدّت إلى تراجع الناتج المحلّي في العام 2021 إلى نحو 20.5 مليار دولار فيما كان في العام 2018 نحو 55 مليار دولار".
تسعة مصارف
تسعة مصارف ستودّع الجزيرة بقرار نهائي، هي بنك بيبلوس، لبنان والمهجر، البحر المتوسط، الاعتماد اللبناني، بيمو، بيروت والبلاد العربية، أنتركونتيننتال بنك، بنك بيروت وبنك لبنان والخليج.
وبهذا تكون قبرص ببعدها الأوروبي المهم، البلد الرابع، بعد العراق والأردن ومصر، الذي تغادره البنوك اللبنانية تحت وطأة تداعيات انفجار الأزمتين المالية والنقدية وتفاقم الضغوط الداخلية على البنك المركزي والجهاز المصرفي معاً، والبلد السادس من خريطة انتشارها الاقليمي، بعدما غادرت قسراً السودان وسوريا او قلصت تواجدها فيهما الى أدنى الحدود بفعل الاستجابة للعقوبات الاميركية على البلدين.
كلّ هذا يحصل والأزمة الاقتصادية اللبنانية آخذة بالاشتداد، حيث تشهد العملة المحلية أدنى مستوى لها أمام دولار السوق السوداء مقابل ارتفاع كبير في أسعار السلع والمحروقات وتدهور الكثير من القطاعات.