حصل اللبنانيون أخيرًا على فسحة من الأمل اخترقت جحيم يومياتهم ونجحت في توحيدهم بعيدًا من خلافاتهم السياسية، إذ نقلهم منتخب بلادهم في كرة السلة إلى أجواء حالمة من الانتصارات المتتالية كان آخرها ما حققه يوم أمس من فوز مثير في مباراة قطعت الأنفاس حتى الثواني الأخيرة.
أكثر من 8 آلاف متفرج ومتفرجة تجمهروا على مدرّجات ملعب مجمع نهاد نوفل وأطلقوا الهتافات الداعمة لمنتخب بلدهم خلال مباراة جمعته مع نظيره الفلبيني وفاز بها بنتيجة 85-81 ضمن منافسات النافذة الرابعة من التصفيات الآسيوية المؤهلة إلى كأس العالم لكرة السلة 2023.
رافق جمهور الملعب جمهورٌ موازِ على مواقع التواصل الإجتماعي، إذ واكب مئات آلاف اللبنانيين المباراة الحماسية لحظة بلحظة من خلال منشورات وتغريدات عكست توترهم كما حماسهم.
الطاقات الشابة
"برهن لاعبو المنتخب بالأمس أن بمقدورهم الوصول مجددًا إلى التصنيف العالمي 23" كما أوضح المعلّق الرياضي اللبناني أنطوني مجدلاني في اتصال مع "جسور" مضيفًا "التشكيلة الحالية نجحت للمرة الأولى منذ 12 عامًا بإعادة اسم لبنان عاليًا في عالم كرة السلة بعدما خفت وهجه منذ عام 2010 وحل في المركز 54، كما أظهرت تصنيفات فبراير/شباط 2022 أي قبل انطلاق تصفيات كأس العالم وكأس آسيا" ويتوقع بالتالي "أن يصل التصنيف الآن إلى حدود الثلاثين أو أقل".
أن يصل منتخب رياضي تترنح دولته اقتصاديًا وماليًا إلى العالمية ليس بالأمر السهل، إلا أن عوامل عديدة ساهمت في هذا الإنجاز كما أشار مجدلاني "نعاني اقتصاديًا وماديًا لكننا لا نعاني من الطاقات" وأضاف، "هذا المنتخب تتطور مع مرور الوقت، وتمكن من إيجاد توليفة تتكامل بالطاقات والخبرات كما العنصر الشاب إن كان على صعيد اللاعبين أو على صعيد المدربين الثلاثة والاتجاه نحو تدعيم المنتخب بلاعبين تحت سن الثامنة عشر".
الجهود الفردية
الجهود الفردية الجماعية ساهمت إلى حد كبير في إيصال المنتخب اللبناني إلى العالمية بعد 12 عامًا من التراجع يشرح مجدلاني "في ظل غياب الدولة والسياسيين أدت المتابعة الحثيثة من قبل القيمين على اللعبة من أكاديميات وأندية ومدربي الفئات العمرية وعلى صعيد الاتحاد اللبناني لكرة السلة إلى إنقاذ اللعبة ودعم المنتخب اللبناني بطاقات بشرية مميزة".
ولفت إلى أن الاستمرارية تميّز المرحلة المقبلة "الفارق بين الأجيال لم يعد موجودًا بل هناك استمرارية وأجيال تسلم أخرى" مشيرًا إلى ما سيكون عليه الجيل المقبل من اللاعبين "بطول قد يتجاوز المترين وثلاثة سنتيمترات".
لكنه أكد الحاجة إلى مزيد من الدعم، "لا يزال المنتخب بحاجة إلى دعم مادي للاتيان بلاعبين مجنسين كما أن الاتحاد يعاني إذ يعجز عن إقناع المجنسين الأجانب بالمجيء إلى لبنان بسبب تخوفهم من الأوضاع وما يسمعونه عن لبنان".
الأجواء الحماسية
الأجواء الحماسية من أهم العناصر المساهمة في تغيير نتائج المباراة كما يؤكد مجدلاني "الأجواء كانت جد حماسية منذ الدقائق الأولى للمباراة حتى انتهائها وتمكنا أمس من تحويل ملعب محلي في منطقة الذوق اللبنانية إلى ملعب NBA".
كما لفت إلى أن المنتخب اللبناني "يعد واحدًا من المنتخبات المعدودة التي لا تخسر على أرضها" مشيرًا إلى أن "من تابع المباراة بالأمس يفهم ما كان يحصل على أرض الملعب من أجواء ترفيهية تهدف إلى تنشيط الجمهور اللبناني، حيث أنه لم يتوقف عن تشجيع منتخبه ثانية واحدة ليشكل ضغطًا مستمرًا على المنتخب الفليبيني".
التراجع من 2010
يعيد مجدلاني أسباب تراجع المنتخب اللبناني منذ عام 2010 إلى "وجود سوء إدارة على صعيد اللعبة بشكل عام وتوقف تام لبطولات الفئات العمرية التي تعد خزان اللعبة" إلا أنه أكد أن اللعبة "استعادت نشاطها منذ عام 2018 وبات لدى لبنان جيل جديد ناشئ".
وأبدى تفاؤلاً كبيرًا بما يمكن أن يحققه لبنان خلال هذه السنة "إن ربحنا على الهند في المباراة المقبلة، يكون لبنان قد سجّل تأهل ثلاث منتخبات للمرة الأولى في تاريخه في سنة واحدة (تحت 16عامًا، تحت 18 عامًا والمنتخب الأول).
وختم مجدلاني الحوار بسبق صحفي خصّه لـ"جسور" "قد نكون أمام تعزيز صفوف المنتخب اللبناني فور التأهل لكأس العالم بلاعب مجنس جديد يفوق المستوى الموجود مع المجنس الحالي" معتبرًا أن "المنتخب ضمن تأهله بنسبة 99% إلى كأس العالم إذ ان فوزنا على الهند منطقي ومنتخب لبنان يحتاج إلى الفوز في مباراة واحدة للتأهل".