سنتان وسعر صرف الدولار في لبنان بتأرجح مستمر بين هبوط وارتفاع. هذه الدوامة من عدم الاستقرار تنشط أيضاً في نهاية الأسبوع وخلال العطل الرسمية وكأن البلاد في فورة اقتصادية استثنائية غير أن الواقع مغاير تماماً، فالتداول بالعملة الخضراء بات خارج سيطرة الدولة والبنك المركزي ليصبح تحت رحمة السوق السوداء
هذه الظاهرة أنتجت خللاً كبيراً في البنية الاقتصادية والمالية المتدهورة أصلاً وبحسب الخبيرة الاقتصادية سابين عويس عوامل عدة تتداخل مع بعضها البعض فتطرح الواقع النقدي الراهن والمتروك أمره للسوق السوداء.
العوامل المتحكمة
وتؤكد عويس في حديث لـ "جسور" أن للعامل السياسي تأثيراً نفسياً كبيراً على المزاج الشعبي الذي يترجم كل استحقاق سياسي إما ارتياحاً كما عند تشكيل حكومة ميقاتي واعتبارها المنقذ ما أدى إلى انخفاض في سعر الصرف، إما رفضاً وغضباً كما حصل عند استقالة حكومة الحريري فارتفع سعر الصرف.
لكن، تشير عويس الى أن "هناك أيضاً أفرقاء يستغلون العامل السياسي للتلاعب بسوق الصرف عبر تشكيل ضغط سياسي يتوافق مع التوجه الذي يريدونه".
عامل ثالث أساسي أشارت إليه عويس يتمثل بفريق سياسي معين موجود في منطقة شتورة البقاعية، "يتحكم بسعر الصرف ويجبر الصرافين على الأراضي اللبنانية الالتزام به" مضيفة إلى أن سعر الصرف يرتفع عادة بداية الشهر لتلبية الحاجة إلى تأمين الاستحقاقات والالتزامات المالية ثم يعاود انخفاضه لاحقاً.
تعقيدات البنك المركزي
ولفتت عويس إلى أن مصرف لبنان ساهم أيضاً في دفع التجار والمستوردين نحو السوق السوداء بسبب الشروط والتعقيدات التي فرضها أخيراً، بالتالي بات من الصعب معرفة حجم التداولات التجارية في البلاد والتي قد تصل إلى 50 مليون دولار في حين أن التداولات من خلال منصة التي وضعها في الخدمة مصرف لبنان لا تتجاوز الثلاثة ملايين دولار"، هذه التعقيدات بدورها، أدت، بحسب عويس إلى تحكم السوق السوداء بسعر الصرف فباتت المنصات من دون أي راد.
دور المصارف
دور المصارف
أما عن المصارف فتلفت عويس الى أنه وحين أقدمت المصارفعلى إلغاء التعامل بالدولار وحجبه إثر عمليات تكسير وفوضى، إتجه كثيرون نحو السوق السوداء لكن المصارف وإكتشفت لاحقاً أنها أخطأت في قرارها.
أضف الى كل ذلك، فرمي الشائعات من قبل خبراء اقتصاديين زعزع بدوره ثقة المودعين الصغار الذين باتوا يحجمون عن تصريف الدولار ما خفض من حجم التداول به.
المعالجات الجدية
أما عن المعالجات التي بإمكانها انتشال البلد من الوضع المرهق الذي وصل إليه فأوضحت عويس أنه "أولاً يجب توحيد سعر الصرف وإقفال المنصات غير الشرعية، ثانياً إستعادة ثقة الناس ليس فقط على الصعيد السياسي إنما أيضاً بالسلطة النقدية والقطاع المصرفي" وهذا الامر يتطلب وقتاً في غياب المعالجات الجدية من قبل الدولة.
ومع غياب القرار الرسمي في وضع خطة لإنقاذ القطاع النقدي، تؤكد عويس "أن البلد يدور في حلقة مفرغة، وأي فريق يحاول القيام بإصلاحات معينة يصطدم بواقع إنعدام القرارات المتماسكة من قبل السلطة لا بل قراراتها المتضاربة.
وتعتبر عويس أن مصرف لبنان استطاع تأجيل الأزمة لمدة سنتين ويبقى الرهان الآن على صندوق النقد الدولي بعد أن امتنعت الدولة عن تطبيق الكابيتال كونترول وأوصلت البلد إلى ما وصلت إليه.