تنتهي ولاية رئيس الجمهورية اللبناني الحالي ميشال عون، في 31 تشرين الأول/أكتوبر 2022، وتنتهي معها حقبة استمرّت 6 سنوات. يأتي ذلك في أعقاب تواجد وجوه جديدة تمكّنت من الفوز في الانتخابات البرلمانيّة الأخيرة، وجوه ستخوض بعضها تجربة اختيار رئيس جديد للجمهوريّة، للمرّة الأولى.
ولكن يبدو أن حسم النتيجة النهائيّة للانتخابات البرلمانيّة لم يأخذ طريق النهاية بعد، وذلك بفعل الطعون المقدّمة من قِبل بعض الأطراف السياسيّة اللبنانيّة، والتي يُحكى عن ضغوطات كبيرة تُمارس من قبل حزب الله والتيار الوطني الحر على أعضاء المجلس الدستوري للتلاعب بالطعون النيابية والهدف منها قلب ميزان القوى داخل المجلس النيابي، تمهيدًا للانتخابات الرئاسية، الأمر الذي نفاه المجلس الدستوري جملة وتفصيلا.
بين المجلس الدستوري والفريق الحاكم
وللوقوف عند هذه المواقف، يعتبر رئيس جهاز الإعلام والتواصل في حزب القوات اللبنانية شارل جبور أنه "يجب التمييز بين المجلس الدستوري ودوره في التحقيق بالطعون النيابية المُقدّمة إليه، وبين الفريق الحاكم ودوره في استخدام كل الوسائل غير المشروعة حفاظًا على سلطته وتسلّطه".
ويقول: "من انقلب على الدستور واتفاق الطائف لن يتردّد في الإنقلاب على نتائج الإنتخابات النيابية، ومن هدّد المحقّق العدلي في انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار بـ"القبع"، لن يتردّد في ممارسة أقصى الضغوط على أعضاء المجلس الدستوري للبتّ في بعض الطعون لمصلحته، ومن استخدم آلة القتل بين عامي 2005 و2008 لإنقاص الأكثرية النيابية التي أنتجتها انتخابات العام 2005، لن يتردّد في استخدام آلة التهديد لإنقاص الأكثرية النيابية التي أنتجتها الإنتخابات الأخيرة، ومن لم يُبدّل في سياسة التهريب وسرقة موارد الدولة وعزلها عن الخارج تحقيقًا لمصالح دويلته على الرغم من الجوع والفقر والمأساة، لن يتردّد في القيام بأي شيء حفاظًا على سلطة تُبقي لبنان ورقة بيد ايران، وتوفّر له موارده على حساب لقمة عيش اللبنانيين."
استباق أول الإستحقاقات وأهمّها
ويشير جبور الى أنه "من هذا المنطلق يجب توقّع أي شيء يُمكن أن يقدم عليه الفريق الحاكم المتسلّط، خصوصًا بعدما اكتشف حاجته لنقل أربعة نواب من ضفة المعارضة الى ضفة الموالاة ليضمن النصف زائد واحد، فقرّر إستباق أول الاستحقاقات وأهمّها أي الإستحقاق الرئاسي بالإنقلاب على نتائج الإنتخابات النيابية للفوز بالإنتخابات الرئاسيّة."
مصلحة ثلاثيّة
ويوضح جبور بأن الفريق الحاكم يتعامل بجناحيه الأساسيين حزب الله والتيار الوطني الحرّ وكل من ينتمي الى 8 آذار مع البتّ ببعض الطعون النيابية لمصلحته انطلاقًا من مصلحة ثلاثيّة: المصلحة الأولى والأهم انتزاع ولاية رئاسيّة لستّ سنوات يتمكّن خلالها حزب الله من الحفاظ على غطاء شرعي لدوره غير الشرعي ويضمن مواصلة إمساكه بالسلطة بدءاً من رأسها.
المصلحة الثانية هي بتسديد ضربة موجعة كي لا نقول قاتلة للمعارضة في استحقاق مفصليّ بعد سلسلة نكسات في استحقاقات لم تتمكن فيها من جمع صفوفها، وفي حال فوزه في الاستحقاق الرئاسي يكون كمن يطوي صفحة الانتخابات النيابية التي كانت معاكسة لمصلحته وانقلب على نتائجها.
أما المصلحة الثالثة فتكمن في وجود بعض المقاعد ذات الرمزيّة المعيّنة ضمن الخطّ المُمانع، وبالتالي يريد وبأي ثمن استرجاعها على قاعدة ما فُقد ديموقراطيًّا يُستعاد انقلابيًّا."
السؤال الأساس
جبور يقول إن السؤال الأساس الذي ستكشُف إجابته الأسابيع المُقبلة هو: هل المجلس الدستوري سيكون صورة مُكرّرة للقاضي فادي عقيقي وللقضاء الذي وظّف سياسيًّا بعيدًا من دوره في إحقاق العدالة، أم سينفُض عنه الضغوط الترهيبية ويُظهر أن القضاء في لبنان بالرغم من تغييب الدولة وسلاح الأمر الواقع باستطاعته إحقاق حقّ الناس التي اقتلعت ضدّ دويلة السلاح ودويلة الفساد ولمصلحة قيام الدولة الفعلية التي تشكّل الحصانة الحقيقية لدور القضاء في لبنان؟"
تصريحات "غير مسؤولة"
وكان المجلس الدستوري قد نفى الكلام الصادر عن "تصريحات بعض الإعلاميين على وسائل الإعلام والتي تكّهنت بصدور قرارات لصالح جهات معيّنة بنتيجة الطعون الانتخابية النيابية"، واصفًا هذه التصريحات بـ"غير المسؤولة".
وأوضح، في بيان، أنّه "لا يزال في طور التحقيق بالطعون المقدّمة إليه، ويتمّ إعداد تقارير بشأنها في مهلة أقصاها 30 أيلول/سبتمبر المقبل، علمًا بأنّ القانون حدّد مهلة شهر على الأكثر تلي ورود التقرير للمذاكرة في الطعن وإصدار القرارات النهائية".