للمرة الخامسة على التوالي، فَشِلَ مجلس النواب اللبناني في انتخاب رئيس جديد للجمهورية بسبب تعذّر حصول أي مرشح على ثلثي أصوات النواب.
وانطلقت الخميس الجلسة النيابية برئاسة رئيس المجلس النيابي نبيه بري بعد اكتمال النصاب الذي يتطلب حضور 86 نائبًا من أصل 128 نائبًا.
وإثر انتهاء الدورة الأولى كانت النتيجة: 44 لميشال معوّض، 6 لعصام خليفة، 1 لزياد حايك، 1 لزياد بارود، 6 لـ"لبنان الجديد"، 1 "لأجل لبنان" و1 ملغاة و47 ورقة بيضاء.
وبحسب عضو تكتل الجمهورية القوية النائب غسان حاصباني، فاننا "اليوم لمسنا تراجعًا في أعداد الورقة البيضاء، لكن العرقلة تأتي من مجموعات لا تصوّت ولا تريد أن تنتخب رئيسًا. ففي كل مرة يخرج حزب الله وحلفاؤه وجزء من تكتل لبنان القوي من الدورة الثانية، وذلك بهدف عرقلة عملية الانتخاب، التي نسمع المجتمع الدولي يتحدث عن أهميتها لكن من دون أن يقوم بدعم فعلي في هذا الاتجاه، والكل يجلس متفرجًا ولا حلول بالأفق".
وفي حديث لـ"جسور"، قال حاصباني الذي انتخب معوض لرئاسة الجمهورية،"لا طروحات جدية ممكن أن تستقطب أصواتًا أكثر من الإسم الذي انتخبناه، ويبدو أن كثر في مجلس النواب لا زالوا غير مقتنعين أن لحظة الحسم قد حانت".
وتابع، "كـ"تكتل الجمهورية القوية"، هدفنا انتخاب رئيس جمهورية، لأن ذلك هو المدخل الأساسي لكل الحلول المتبقية، وانطلاقًا من هنا، نحن ملتزمون بإكمال النصاب وحضور الجلسات النيابية، والتسمية والتصويت، فالمجلس لا يمكنه التشريع بطريقة طبيعية قبل الاستحقاق الرئاسي، وجميع السلطات مكبّلة من دون رئيس جمهورية ما يعني أن لا إصلاحات ولا خطة نهوض إذا استمر لبنان بالتأجيل والفراغ".
وتمّ تطيير النّصاب بعد الدورة الأولى ورفع الجلسة. وحدّد برّي موعدًا جديداً للجلسة السادسة لانتخاب رئيس يوم الخميس المقبل الواقع فيه 17 أكتوبر/تشرين الثاني الحالي.
قاعدة كبيرة
وكان معوّض قد أشار في كلمة ألقاها بعد انتهاء الجلسة، إلى أنّه "رغم كلّ ما يُقال، يتبيّن جلسة بعد أخرى أنّ القاعدة حول ترشيحي تكبر وفي المقابل كلّ الطروحات الأخرى تنهار".
وقال، "أعرف الصعوبات التي تواجه ترشيحي، وقد وصلنا إلى ما نحن عليه بسبب المنطق نفسه وبسبب غياب الديمقراطية".
وتابع: "بترشيحي أعدتُ منطق لبننة الإستحقاق الرئاسي، ولستُ مرشّح اصطفافات بل مرشّح عودة الدولة اللبنانيّة، وقرّرتُ استكمال هذا المسار رغم الصّعوبات، وإن شاء الله نحن ذاهبون إلى تغيير جدّي"، وقال: "أنا لستٌ إبن أمس بالسياسة".
من جهته، اقترح النائب ملحم خلف جلسة انتخاب مفتوحة لا تنتهي إلا بانتخاب رئيس، وقال إنّه لا يجب اعتماد نصاب الثلثين، فردّ الرئيس بري عليه قائلاً: "لا أريد إكثار الاستنباطات.. أنت تعطيني أمرًا غير وارد".
وانعقدت أربع جلسات نيابية سابقة لانتخاب رئيس للجمهورية كان آخرها في 24 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ولم تنجح في انتخاب رئيس جديد.
وانتهت ولاية رئيس الجمهورية السابق ميشال عون في 31 من أكتوبر/تشرين الأول، ودخل لبنان منذ حينها مرحلة شغور رئاسي.
وقت طويل
ويؤشر فشل البرلمان في انتخاب مرشح حتى الآن، إلى أن العملية الانتخابية قد تستغرق وقتًا طويلاً، ما يزيد من تعقيدات الوضع في البلاد الغارقة في أزمة اقتصادية خانقة وحيث نادرًا ما تُحترم المهل الدستورية المحددة.
وتعارض كتل رئيسية بينها حزب الله، معوض وتصفه بأنه مرشح "تحدي"، وتطالب الجميع بالتوافق على مرشّح.
ويُنظر على نطاق واسع الى الوزير والنائب السابق سليمان فرنجية، على أنه المرشح الأمثل بالنسبة لحزب الله، وإن كان لم يعلن دعمه علنًا. لكن رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، صهر عون والمتحالف مع حزب الله، أعلن معارضته لفرنجية.
وقال نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب، الذي ينتمي إلى كتلة التيار الوطني الحر، "كل فريق يتهم الآخر بالعرقلة"، موضحًا أن الأزمة تكمن "في أن كل فريق يريد مرشح من جانبه. لكن يجب أن يفكروا بطريقة مختلفة بأن يجري التفاهم على اسم يشكل حل وسط، ويقبل به على الأقل ثلثي المجلس".
وفي لبنان، عادة ما يؤخر نظام التسويات والمحاصصة القائم بين القوى السياسية والطائفية، القرارات المهمة، وبينها تشكيل الحكومة او انتخاب رئيس.