وكأن السلطة في لبنان لم تكتفِ بعد من ضرب المواطن واهلاكه، فتلقى آلاف الموظفين وتحديدًا من يتقاضون رواتبهم بالدولار، صدمة كبيرة مع فرض وزارة المالية ضرائب على الدخل، تصل نسبتها إلى 25%، وذلك في محاولة منها لتأمين إيرادات للموازنة العامة للبلاد التي تعاني عجزًا كبيرًا في مختلف مفاصلها.
وكان رئيس لجنة المال والموازنة النّائب ابراهيم كنعان قد أعلن يوم أمس "التوصّل إلى التّريّث بتنفيذ العمل بالقرارين 686 و687 المتعلّقين بضريبة الدّخل على الرّواتب، إلى حين إعادة النّظر بهما".
وتنقسم ضريبة الدخل إلى 7 فئات وفقًا لقيمة الراتب سنويًا:
الأول 2%: من يبلغ راتبه من صفر إلى 18 مليون ليرة "لمن يتقاضى أقل من 450 دولارًا".
الثاني 4%: من يبلغ راتبه من 18 مليونًا إلى 45 مليونًا "لمن يتقاضى أقل من 1125 دولارًا".
الثالث 7%: من يبلغ راتبه من 45 مليونًا إلى 90 مليونًا "لمن يتقاضى أقل من 2250 دولارًا".
الرابع 11%: من يبلغ راتبه من 90 مليونًا إلى 180 مليونًا "لمن يتقاضى أقل من 4500 دولار".
الخامس 15%: من يبلغ راتبه من 180 مليونًا إلى 360 مليونًا "لمن يتقاضى أقل من 9 آلاف دولار".
السادس 20%: من يبلغ راتبه من 360 مليونًا إلى 675 مليونًا "لمن يتقاضى أقل من 16875 دولارًا" .
السابع 25%: ما يزيد على 675 مليون ليرة "لمن يتقاضى أكثر من 16875 دولارًا".
"تحرّكات إعلاميّة ومؤسساتيّة واسعة فضلاً عن تحرّك الهيئات الاقتصادية حالت دون الضغط على قرارات وزير المالية العتيد ومن خلفه للطعن في القرارات العشوائية" والمُتّسمة "بالغباء" بحسب الصحافي ومؤسّس منظمة "ريفورم" هادي جعفر في حديث لـ"جسور"، كاشفًا عن أربعة أو خمسة طعون جاهزة للطعن بالقرار أمام مجلس شورى الدولة رفضًا للضريبة المرتفعة على الدخل والضرائب الأخرى".
فمن وراء هذه القرارات وما الهدف منها؟ وهل يُعدّل القرار؟ وماذا عن الطعون؟
التخبّط والعشوائية
يرى جعفر أن "لا ظروف دفعت لفرض هذه الضريبة إنما تخبّط وزير الماليّة (وزير الماليّة في حكومة تصريف الأعمال يوسف الخليل) بكل قراراته النابعة من تخبّط الحكومة والسلطة بشكل عام غير القادرين على وضع خطّة إنقاذ إقتصاديّة مما يُفسّر القرارات العشوائيّة "، ويشير الى أن هذا ليس آخر قرار عشوائي وغير مبني على أي قاعدة علميّة أو اقتصاديّة أو ماليّة يصدر عن هذا الوزير، وسبق أن أصدر قرارات وتراجع عنها".
ويقول: "التجربة مع هذا الوزير المُتلعثم بكل عمله كما كلمته في مجلس النواب تُشير الى انه مُتخبّط بعمله وغير مُدرك لما يقوم به".
تعاون بالطعن
ويكشف جعفر أن "منظمة ريفورم قد حضرت طعن بالتعاون مع أصحاب الشأن كتجمّع الصحافيين العاملين بالمؤسسات الدوليّة إضافة الى الصحافيين في نقابة الصحافة البديلة فضلاً عن مجموعة من النقابات الأخرى من أصحاب المصلحة والمتضررين من قرارات الوزير بضريبة الدخل"، ويشير الى أن هذا الطعن جاهز أن يتقدّم بانتظار فقط شكل القرار الذي سيصدر عن الوزير باعتبار أن (وزير المال) قد قال يوم أمس في خلال جلسة لجنة المال أنه سيُعلّق القرار".
وكشف جعفر عن "أن محامين آخرين مع هيئات اقتصاديّة وشركات أخرى تحضّر أيضًا طعون بالإضافة إلى منظمة "ريفورم" ليصل مجموع الطعون تقريبًا الى 4 أو 5 طعون بقرارات الوزير فيما خصّ الضريبة على الدخل والضرائب الأخرى التي فرضها".
هل يُعدّل القرار؟
وردًا على سؤال عمّا إذا قد يُلغى القرار، يقول جعفر إن الضغط كبير ان كان إعلاميًّا أو عبر بيانات الموظفين في المؤسسات الخاصة كالميدل ايست ونقابة موظفي المصارف وغيرها"، ويضيف: "الهيئات الإقتصاديّة تجتمع بالوزير وتضغط عليه بحيث ان الموظفين في شركاتهم قد تأثّروا بهذا القرار أيضًا"، واصفًا القرار بالعشوائي ومُتّسم "بالغباء" ويدفع الموظفين إلى ترك وظائفهم في لبنان والعمل في الخارج بحيث سيدفع الموظف في لبنان ما يُقارب 25% من راتبه للدولة من غير أي تقديمات أخرى ".
ويضيف جعفر قائلا: "بحسب المعلومات من رئيس لجنة المال والنوب الذين اجتمعوا يوم أمس مع الوزير، فإنهم تلقّوا منه وعدًا بالتريّث وبعدما سأله (جعفر) عمّا يعني التريّث قال إنه سيُعلّق القرار، إنما بيان الوزير أمس الذي صدر يوحي عكس ذلك وبالتالي بعد ما صرّح به ابراهيم كنعان (رئيس لجنة المال والموازنة النّائب ابراهيم كنعان) وما أكده مجموعة من النواب عن وعد الوزير بتعليق القرار، جاء البيان معاكس لذلك".
دور سيء.. من يقف خلفه؟
أمام هذه المعادلة وعدم التزام الوزير بوعده يعتبر جعفر أنه "على ما يبدو هناك دور غير بريء بحقّ الموظفين يلعبه لؤي الحجّ سعادة (مدير الواردات في وزارة المالية ومدير الضريبة على القيمة المضافة) ونواياه غير معروفة، لكن تصرّفاته والقرارات التي يقف خلفها، هدّامة للاقتصاد ويدقّ بآخر حلقات الصمود بالمجتمع اللبناني الذين هم ومنذ اندلاع الأزمة المالية والاقتصادية في لبنان يتحمّلون أعباء منازلهم ومصاريف ذويهم، فضلا عن أنها تدفع الشركات إلى الاقفال والذهاب نحو الخارج كما الموظفين أو يدفع الناس الى التهرّب الضريبي."
ويقول: "إذا كان هدف قرار الحج سعادة المتعنّت رفع الخزينة العامة بمزيد من الإيرادات فهذا سيُخسّر الخزينة العامة أكثر الايرادات وسيُدمّر ما تبقى من الاقتصاد اللبناني ويقضي على آخر حلقات الصمود الا وهي الموظفين الذين يتقاضون رواتبهم بالدولار الأميركي أو جزء من معاشاتهم بالدولار".