في وقت يكثر فيه الحديث عن اقتراب عودة السفيرين السعودي والكويتي إلى لبنان مع بداية شهر رمضان المبارك للإشراف على توزيع المساعدات الإنسانية، وبينما ينتظر العالم النتائج النهائية لمفاوضات فيينا كما ينتظر نهاية الغزو الروسي لأوكرانيا، يحضر لبنان على طاولة التفاوض الإقليمي بمبادرة سعودية - فرنسية.
من قطر إلى الكويت، كان الملف اللبناني حاضراً في جولة وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان على دول الخليج، لأنه بحسب المحلل السياسي والصحافي اللبناني أسعد بشارة، فإن "فرنسا تنسق مع المملكة العربية السعودية ودول الخليج لاحتضان لبنان وعدم تركه يسقط السقوط النهائي، لكن هذا التنسيق أيضاً لا يتخطى حتى الآن حدود المساعدة الإنسانية المباشرة للشعب اللبناني من دون المرور أو الاعتراف بأن السلطة الموجودة، يمكن التعامل معها أو إعادة تعويمها".
وقال بشارة، في حديث لـ"جسور"، إن "التنسيق السعودي - الفرنسي عميق جدّاً وهناك مشاورات مستمرة بين الطرفين للإستمرار بمساعدة لبنان".
وأشار إلى أنه "على الرغم من سحب السفراء والأزمات المتتالية التي سبّبها تدخل حزب الله في شؤون دول الخليج، إلّا أن هذه الدول لم تسقط من حساباتها ملف لبنان، سواء عاد سفراء بلادهم إلى بيروت أم لم يعودوا، فهناك متابعة خليجية للوضع اللبناني وقد تتخذ هذه المتابعة أشكالاً عدة".
وتابع: "اليوم هناك معالم اتفاق في فيينا قد تعيد رسم المواقف والتوازنات بشكل مختلف إن حصل، وبالتالي دول الخليج العربي معنية بما يحصل في لبنان، ولا تعتبر أن الملف اللبناني هامشي، بالرغم من استمرار الأزمة الدبلوماسية، وهي تسعى إلى إعادة السفراء ولكن على أسس ثابتة".
وأكد بشارة أن "التفاوض السعودي - الإيراني مستمر، ولكنه ليس رحلة سهلة، فهناك ملفات شائكة كبيرة من اليمن إلى العراق ولبنان، إضافة إلى المحاولات الإيرانية المستمرة لإستهداف العمق السعودي عبر الحوثيين، وبالتالي هذه الملفات تستلزم حواراً طويلاً ونقاشاً كبيراً ونجاحها يمر حكماً عبر تغيير إيران لسياستها في المنطقة وتحولها إلى دولة طبيعية يمكن التعاون معها".
ورأى أن "ليس هناك من تأكيد على تقدم المفاوضات، ولكن بمجرد استمرارها فذلك يعني أن لا رغبة بتفجير الوضع في المنطقة وقطع جميع الخطوط الحمراء".
في سياق آخر، كشف بشارة أن "هناك ضغطاً دوليا لإجراء الإنتخابات النيابية في لبنان بموعدها، وهذا الضغط الدولي ينطلق من مسلمة أن تأجيل الإنتخابات هو تمديد للسلطة الحاكمة بكل ما ارتكبته من فظائع".
تجاوب لبناني
وكان وزير الخارجية الكويتي أحمد الناصر الصباح، قد أكد، خلال لقائه لودريان، أن المبادرة التي حملتها الكويت إلى لبنان في وقت سابق هي ورقة خليجية عربية، مشيراً إلى "تجاوب من قبل الجانب اللبناني".
وشدد الصباح على "جدية المسؤولين اللبنانيين لمنع تصدير الشرور والمخدرات وإحكام السيطرة على تلك الممارسات"، مؤكداً "وجود بيان ترحيبي سعودي وأعقبه كويتي حول تلك الخطوة الإيجابية، وأن التنسيق مستمر وسيكون هناك رد في هذا الشأن، قريباً".
من جانبه، قال لودريان، "نرحب بالورقة الكويتية التي تهدف إلى خروج لبنان من الأزمة والانغلاق الذي تسبب هو نفسه في هذا الوضع".
وأشار إلى أن "فرنسا تتمنى أن يكون لبنان على قدر المسؤولية وأن يعي ذلك من أجل مصلحة شعبه"، مؤكداً "وجود بوادر وإشارات صغيرة توضح وجود آفاق جديدة".
كما جدد لودريان، بعد لقائه أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، التمسك بلبنان بعبارة توجه بها إلى اللبنانيين سابقاً: "ساعدوا أنفسكم لنساعدكم".
وفي وقت سابق، قال الرئيس اللبناني ميشال عون، إنه يريد أن يكون التواصل بين بلاده والمملكة العربية السعودية وسائر دول الخليج "في المستوى الذي يطمح إليه لبنان".
وأكد الرئيس اللبناني حرص بلاده "على إقامة أفضل وأطيب العلاقات مع المملكة ومأسسة هذه العلاقات وترسيخها من خلال توقيع الاتفاقات بين البلدين".