لا تزال صورة المجلس النيابي في لبنان في طور التبلور بعد انتخابات لم تنجح بتأمين الأغلبية لأي فريق سياسي، وفي هذا الإطار انبثقت اليوم كتلة نيابية جديدة تحت اسم كتلة التجدد أسسها النواب فؤاد مخزومي، ميشال معوض، أشرف ريفي وأديب عبد المسيح.
وتميّز البرلمان اللبناني الجديد بتوزيع شبه متوازٍ للمقاعد، عزّز الانقسام العامودي بين أحزاب السلطة منها حزب الله، وبين الأحزاب السيادية المعارضة، تقابلها كتلة التغييريين حديثة العهد، أما ما تبقى من نواب مستقلين فباشروا تدريجيًا بالكشف عن توجّهاتهم.
كتلة "تجدد" كانت السباقة اليوم إذ أطلقت عبر مؤتمر صحافي من مكتبة مجلس النواب برنامجها، معلنة أسماء مؤسسيها وهم من النواب المستقلين. وبدا لافتًا ضمّها إسمين بارزين من أعمدة الطائفة السنيّة في لبنان، هما الوزير السابق اللواء أشرف ريفي من طرابلس والنائب المجدد له فؤاد مخزومي من بيروت.
ويمثّل النائبان المنتخبان الوجدان السني من ناحية التصويت والوجود. فاللواء المتقاعد والوزير السابق أشرف ريفي تصدّر أصوات الناخبين في طرابلس أما النائب فؤاد مخزومي فأمن لنفسه حيثية كبيرة في بيروت حين نجح بتمثيل إحدى المجموعات الثورية إضافة إلى متابعته ملفات حياتيّة ضاغطة لأهل المدينة عبر مساهمته في تأمين الكهرباء والمياه المنقطعتان عنهم.
ورجّحت أوساط سياسية متابعة في حديث مع "جسور" أن يكون رئيس الحكومة المقبل السني منبثقًا عن كتلة "تجدد" لما تشكّله من امتداد على المستوى الوطني، من ناحية إيمانها بالشراكة المسيحية الإسلامية فضلاً عن علاقاته المميّزة مع باقي الأحزاب السيادية من قوات وكتائب.
فعالية وثوابت
التقاء النّواب الأربعة لم يكن وليد الصدفة، وفي اتصال مع "جسور" أوضح الصحافي أسعد بشارة أن "علاقات معرفة شخصيّة قوية تربط فيما بينهم، إضافة إلى قناعات وثوابت مشتركة بدأت من خلال خوض الانتخابات النيابية، ليجتمعوا بعد فوزهم على أن الالتقاء ضمن كتلة واحدة، أمر يضاعف من فعالية العمل النيابي داخل البرلمان خصوصًا في ظل الوضع الصعب الذي يمر به لبنان".
وشرح بشارة أن "عددًا من الاتصالات جرت بين النواب الأربعة مخزومي وريفي ومعوض وعبد المسيح، استتبعت بزيارات متبادلة بينهم لتثمر أخيرًا عن خطّة عمل وبرنامج ميداني كما إلى مسودة مواقف تعبّر عن قناعاتهم".
وإذ لفت بشارة إلى ما تمّت الإشارة إليه خلال إطلاق الكتلة "من أنهم نواب متساوون مستقلون يجتمعون ضمن رؤية ونهج واحد، وأمامهم الكثير من التحديات والاستحقاقات ليواجهونها في برنامجهم الاقتصادي والسياسي" إلا أنه أكد أن موقفهم من القضايا والاستحقاقات المصيرية سيكون موحدًا" الأمر الذي لم نلمسه مع التغييريين.
وأوضح أن الكتلة تنبثق من "الثوابت الوطنيّة وعلى رأسها محاربة الفساد والقيام بالإصلاحات اللازمة وحصر السلاح بيد الدولة" كما نقل قرار الكتلة بالتواصل مع الأحزاب السيادية الأخرى.
جبهة أمام الاستحقاق الرئاسي
من جهتها أعلنت المستشارة السياسيّة للنائب فؤاد مخزومي كارول زوين أن "مشروعًا سياسيًا واقتصاديًا يجمع بين النواب الأربعة على رأس أهدافه مواجهة الاستحقاق الرئاسي من خلال خلق جبهة موحّدة داخل البرلمان، تضم أكبر عدد ممكن من النواب السياديين لإيصال رئيس جمهورية إصلاحي وسيادي يتوافق عليه 65 نائبًا" وهو العدد الذي يسمح بانتخاب رئيس جمهورية في لبنان.
كذلك تسعى الكتلة، بحسب زوين، إلى خوض الانتخابات النيابية المقبلة لتأمين عدد أكبر من النواب، "الكتلة التي تضم اليوم أربع نواب من المرجّح أن يكبر عددها في المستقبل".
خطوات عدة تسعى الكتلة للقيام بها، تتابع زوين "بعدما أعلنت الكتلة عن برنامجها الإصلاحي والسياسي والاقتصادي سنشهد ابتداءً من الأسبوع المقبل تحركات لها على مختلف الأصعد وباتجاه الجميع خصوصًا قبيل الاستحقاق الرئاسي لأهميّته" معلنة عن "بدء التنسيق مع الكتل النيابية والأحزاب السياسية التي تتوافق مع توجّهاتها".
وشدّدت زوين على أن "تجدد" تُعَد سياديّة إصلاحيّة بامتياز مؤكدة أن رؤية الكتلة "اليوم برزت واضحة من خلال رفضها لسلاح حزب الله، داعية إلى حصر قرار الحرب والسلم في يد الدولة اللبنانية، إلا أن ذلك لا يمنع من أنها أيضًا تهدف إلى القيام بالإصلاحات لكونها على علم بوجود مشكلة أخرى في لبنان ألا وهي الفساد".