الأكيد أن لقاء النواب السنّة في دار الفتوى يوم السبت الماضي، وما تلاه من اجتماع لعدد منهم في دارة السفير السعودي سيعيد خلط الأوراق ويعزز مكانة الطائفة "السنية" في المشهدية اللبنانية، خصوصا بعدما أُصيبت الساحة السنية بالتشرذم السياسي إثر إعلان زعيم تيار المستقبل سعد الحريري انسحابه من الحياة السياسية في لبنان، مبررًا خياره آنذاك بإنعدام أي فرصة إيجابية للبنان في ظل النفوذ الإيراني والتخبط الدولي، والانقسام الوطني.
مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان كان واضحًا في خطابه أمام 24 نائباً حضروا اللقاء، حدد الثوابت الوطنية التي يجب أن يلتزم بها رئيس الجمهورية الجديد، وأهمها التمسك بدستور الطائف وبالعروبة وباعتماد إدارة رشيدة وخطة انقاذ اقتصادي ومالي ناجعة بمقدورها انتشال لبنان من قعر الأزمات.
اللقاء السني
النائب اللبناني عبد الرحمن البزري الذي حضر اللقاء أكد في حديث لـ"جسور" أن "اللقاء نجح بمجرد اجتماع 24 نائبًا سنيًا في دار الفتوى، ناهيك عن أهمية حضور نواب من مختلف المناطق اللبنانية للاجتماع تحت قبة دار الفتوى وثمار اللقاءات التي دارت بين عدد من النواب مع المفتي دريان تظهر تباعا."
أما عن توقيت اللقاء فأكد البزري أن "رغم قربه من موعد الاستحقاق الرئاسي الا أن الهدف لم يكن تحقيق توازن لفرض مرشح رئاسي محدد،وتم التطرق الى هذا الموضوع بشكل عام من خلال التشديد على التمسك باتفاق الطائف واجراء الانتخابات الرئاسية بموعدها."
توحيد الساحة السنية
وهناك من يعتبر أن الغاية من اجتماع 24 نائباً في دار الفتوى، بغض النظر عن الاختلاف في تصورهم السياسي، إعادة إحياء الوزن السياسي للطائفة السنية.
بذلك تصبح الدار مقصداً لكتل نيابية متفقة أو مختلفة في طروحاتها، كما هو الحال بالنسبة إلى الدور الذي تضطلع به بكركي.
ويبقى الشرط الأساسي مرهوناً بنقطتين، استمرارية مثل هذه اللقاءات بالنسبة إلى المشاركين فيها، وثانياً التأسيس لحركات سياسية جديدة أو تنظيمات خارج النطاق الديني.
وفي السياق، اعتبر البزري أن "الساحة السنية شهدت تغييرات شتى في صفوف نوابها في الاستحقاق الانتخابي الأخير، ما عكس رغبة الشارع السني في احداث تجدد في الحياة السياسية السنية، وبالتالي أتى اللقاء السبت الماضي ليبحث في إيجاد أرضية مشتركة للحفاظ على هذه التغييرات الجذرية وتوحيد صفوف الشارع السني من جديد."
الحركة السعودية
واللافت أن دار الفتوى لم تضم جميع النواب السنة، اذ جمع 24 من أصل 27 نائباً سنياً، بعدما تغيّب كل من أسامة سعد، حليمة القعقور وإبراهيم منيمنة.
وتدل مؤشرات شتى على أن الشأن اللبناني بات محط اهتمام المملكة العربية السعودية، اذ أن لقاء النواب السنّة في دار الفتوى تلاه اجتماع لعدد منهم في دارة السفير السعودي في لبنان وليد البخاري حيث تمحور اللقاء حول شرح رؤية السعودية وأهمية عودة العلاقات العربية - اللبنانية وتحديداً اللبنانية - السعودية إلى ما كانت عليه سابقاً وأنه على اللبنانيين تنفيذ الإصلاحات أولاً، وسبق أن تناول بيان سعودي-فرنسي-أميركي الشأن اللبناني.