أثارت المادّة 121 من مشروع قانون الموازنة للعام 2022 الذي أرسلته حكومة الرئيس اللبناني نجيب ميقاتي السابقة إلى المجلس النيابي، جدلاً واسعًا، بعد اعتبار البعض ما جاء فيها قوننة للرشاوى.
وتنصّ هذه المادة على استحداث رسم بدل خدمات سريعة وطارئة لدى الإدارات العامة، يسمّى بدل خدمات مأجورة، يستوفى من الراغبين في إنجاز معاملاتهم لدى الإدارات العامة بصورة سريعة، أو الذين لديهم معاملات طارئة.
وللاستفادة من هذه الخدمات، تقول المادة إنّه يتوجّب على الراغبين أن يقدمّوا طلباتهم إلى الدائرة المختصّة في كلّ مديرية عامة، لإنجازها في اليوم ذاته أو خلال ثلاثة أيّام كحدّ أقصى، وأن يسدّدوا الرسم المتوجّب بالتزامن مع تقديم تلك الطلبات.
كما تنصّ على أنّه تخصّص نسبة 60 في المئة من البدل المستوفى في كلّ مديرية عامة أو مديرية نتيجة الخدمات التي قدّمتها إلى موظفيها، والباقي لحساب الخزينة.
رشوة مقنّعة
هذه المادة فعليًا تنظم الرشوة التي كان يتقاضاها الموظف كي يُنجز المعاملة بسرعة ضمن إطار القانون، لكن بحسب رئيس "قوة العمل اللبنانية لمكافحة الفساد"، المحامي اللبناني لؤي غندور، فإن "جميع دول العالم تفرض رسومًا إضافية على الخدمات السريعة التي يطلبها المواطن، إلّا أن ما تفعله حكومة ميقاتي اليوم هو أقرب إلى الرشوة المقنّعة وإغراء الموظفين ليعودوا عن إضرابهم".
غندور وفي حديث لـ"جسور" قال، "نحن لا يمكننا أن نثق بآلية التنفيذ التي تعتمدها هذه الحكومة ومدى شفافيتها، فالبعض لا يؤتمن على إدارة "دكان".
وأشار إلى أن "المسؤولين غير قادرين على زيادة رواتب موظفي القطاع العام، خصوصًا في ظل الإضراب المستمر لأن لا إيرادات للدولة، إضافة إلى أن أزمة رواتب هؤلاء مرتبطة بالأزمة الاقتصادية في البلاد، وحلّها يتطلب مشروعًا إقتصاديًّا شاملاً لدعم القطاعات المنتجة، مع وضع سياسة نقدية جديدة أو تنفيذ أي إصلاحات حقيقية، وإلّا فنحن ذاهبون إلى تضخّم ومزيد من الإنهيار".
وتابع: "يقوننون الرشاوى في القطاع العام كما قوننوا الإنترنت غير الشرعي بزيادة التعرفة وإدخال تعريفات جديدة".
أعباء معيشيّة
ومنذ بضعة أشهر، أعلن الرئيس ميقاتي إحالة مشروع موازنة 2022 إلى مجلس النواب. وقال خلال اجتماع للحكومة عُقد في قصر بعبدا برئاسة الرئيس ميشال عون، إن مشروع الموازنة الجديدة "أفضل الممكن في الوقت الحاضر".
وتابع إن "موازنة العام 2022 التي أحيلت إلى مجلس النواب، دُرست على مدى أكثر من 8 جلسات على الفاصلة والنقطة".
وأضاف أن "الموازنة أفضل الممكن في الوقت الحاضر، حتى تؤمّن الانتظام المالي العام للدولة، ونحن محكومون بأرقام ووقائع لا يمكن تجاهلها".
وفي وقت سابق، أقرّت الحكومة اللبنانية مشروع الموازنة وسط مخاوف نقابيّة وشعبيّة من أن تتضمن ضرائب ورسوم تؤدي إلى رفع أسعار السلع والخدمات، وتزيد من الأعباء المعيشية للمواطنين.
وقال ميقاتي، وفق بيان الرئاسة اللبنانية، إن "البلاد أمام تحديات عدة ودور الحكومة هو أن تحقق الأهداف الانقاذية للاقتصاد"، وأن الشعب اللبناني يتطلع إلى أن تحقق له الحكومة ما يريده من إصلاحات وخدمات".
ويعاني لبنان أزمة اقتصادية هي الأسوأ في تاريخه، أدّت إلى انهيار مالي وفقدان سلع أساسية كالوقود والأدوية وتراجع الخدمات العامة، وفقدت العملة المحلية نحو 90 بالمئة من قيمتها منذ أكتوبر/تشرين الأول 2019.