كما في كل عام، يكون خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في ذكرى عاشوراء، موعداً منتظراً من قبل مناصري المقاومة وحلفائها وخصومها في الوقت نفسه، لمعرفة توجهات الحزب في العديد من القضايا الإقليمية منها، خصوصاً فيما يتعلق بملف استخراج الغاز والنفط .
وتحت عنوان يوم نصرة المظلوم، جاء خطاب نصر الله الشامل من نيجيريا الى فلسطين والعراق وايران.
"مرحلة انتقالية"
وعن الشأن اللبناني، أكدّ نصر الله العديد من الثوابت والتوجهات بما يتعلق بالمواجهة مع الهيمنة الأميركية والاحتلال الإسرائيلي، خصوصاً فيما يتعلق باستخراج لبنان لثرواته الغازية والنفطية أو بما يتعلق بمعادلات الردع وما يرتبط بها من تهديدات جديدة لمسؤولي الكيان الموقت، التي صدرت بعد المعركة الأخيرة "وحدة الساحات".
وللوقوف عند مضمون خطاب نصر الله، استضافت منصة "جسور" عبر مساحات "تويتر" Twitter Spaces نقاشا بعنوان: "خطاب السيد نصر الله الأخير.. مغامرة بمستقبل لبنان"؟ شارك فيه الصحافي قاسم قصير، النائب السابق فارس سعيد، ورئيس جهاز الإعلام والتواصل في حزب القوات اللبنانية شارل جبور.
بداية، اعتبر الصحافي قاسم قصير، أن المرحلة الحالية تشهد تغيّرات مهمة سواء على المستوى اللبناني أو على المستوى الخارجي، ومن غير الواضح كيف ستجري الأمور في المرحلة المقبلة، مشيرا إلى أنّ لبنان يعيش مرحلة انتقالية بانتظار تحديد الموقف من موضوع الترسيم البحري مع إسرائيل إضافة للاستحقاق المهم المتمثل بمعركة رئاسة الجمهورية، أضف إلى ذلك التطورات الخارجية سواء المفاوضات المتعلقة بالملف النووي الإيراني بين الاميركيين والإيرانيين عبر الأوروبيين أو الحوار السعودي - الإيراني.
ورأى قصير، أنّ خطاب نصر الله تصعيدي تحت عنوان "مواجهة ملف ترسيم الحدود"، وذلك للحفاظ على الثروة اللبنانية ولتحقيق مطالب لبنان تجاه إسرائيل.
تسوية داخلية؟
وعن موقف رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، من خطاب نصرا لله، أوضح قصير، أنّ جنبلاط كان واضحا بتحديده مجموعة أسس تحكم موقفه، سواء على المستوى الداخلي أم الخارجي، مبيّنا أن جنبلاط قال إن أميركا تحاور إيران بشكل غير مباشر والسعودية تحاور طهران بشكل مباشر، مؤكدا في الوقت عينيه، أن المنطقة أمام متغيرات كبرى، ولا يمكن تجاهل حزب الله الذي يعدّ قوة أساسية في الداخل كما لا يمكن الوصول إلى تسويات من دون الحديث معه.
في المقابل، أكد قصير أنّ جنبلاط يتابع دائما الشأن السياسي، ويقرأ المتغيرات ولديه معطيات بأن المرحلة المقبلة دقيقة جدا لذلك يبحث عن تسوية داخلية لإنقاذ الوضع اللبناني وكي يكون له دور أساسي في أي تسوية مستقبلية وخوفا من تشكّل تحالف آخر برئاسة رئيس حزب القوات اللبنانية، الدكتور سمير جعجع، مع شخصيات أخرى، ما يؤدي إلى حسم الوضع الداخلي باتجاه معيّن.
وقال قصير: "علينا أن نميّز بين مواقف جنبلاط ما قبل الانتخابات وبعدها، ومن الواضح أن جنبلاط استخدم خطابا تصعيديا من أجل مواجهة ما كان يتحدث عنه وتحديدا عن وجود محاولة لإضعاف دوره سواء على المستوى الدرزي أم على الوطني وأنه سيخوض معركة في العديد من المواقع النيابية في بيروت وفي إقليم الخروب وفي حاصبيا."
وتابع: "جنبلاط خاض معركة كبرى لترتيب وضعه، من هنا شهدنا على خطاب تصعيدي له في مواجهة حزب الله وحلفائه وخصوصا في الساحة الدرزية"، موضحا أن هذا الخطاب استفاد منه من أجل الحصول على عدد كبير من المقاعد وعندما حصل على غالبية المواقع في الساحة الدرزية وتشكيل كتلة كبيرة نسبيا من قبل اللقاء الديمقراطي، أصبح قادرا بحسب قصير على التفاوض من موقع قوي، من هنا بدأ الحديث عن تسوية يعتبرها جنبلاط لمصلحة البلد وللقوى السياسية.
صراع يتجاوز السياسة!
من جهته، رأى رئيس جهاز الإعلام والتواصل في حزب القوات اللبنانية، شارل جبور، أنّ حزب الله يستقتل من أجل أن يكون في السلطة لأنّه تشكل غطاءً له، معتبراً أنّه عندما حكم فريق 8 آذار البلد وصلنا إلى الإنهيار، مضيفا أنّ قوى 14 آذار قالت في وثيقة سياسية إن الصراع مع حزب الله يتجاوز السياسة إلى صراع بطبيعة ثقافية بين ثقافة حياة وثقافة موت.
وفيما يخصّ الاستحقاق الرئاسي، قال جبّور إنّه "مفصلي فإذا حصل فريق 8 آذار على الرئاسة تنتظرنا 6 سنوات كارثيّة وإذا أخذناها نكون وضعنا البلد على طريق الإنقاذ".
وأضاف: "نراهن على أنّنا سنتمكّن من انتخاب الرئيس القادر على أن يُعيد إنتاج السلطة ويحدّ من تأثير الدويلة على الدولة ونحن أمام فرصة تاريخيّة اليوم".
وتابع: "نتعامل مع مجموعة تريد القضاء علينا وعلى هويتنا، فالمشكلة في لبنان هي حزب الله وعلينا محاربته في منطق المؤسسات فهو يصفّي بعض حساباته عن طريق استغلال القضاء".
وفي السياق، أكد جبور أنّ وصول رئيس من 8 آذار إلى رئاسة الجمهورية يعني استمرار الفراغ بطريقة أخرى، لذلك لا يجب تعبئة هذا الفراغ بفراغ من الطبيعة نفسها، خصوصا أن الأولوية اليوم هي الخروج من الانهيار الذي لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال رئيس جمهورية غير خاضع لسلاح حزب الله، قائلا: "القوات اللبنانية لن تسمح بوصول رئيس من 8 آذار إلى رئاسة الجمهورية".
وشدّد جبور: "نحن الحزب الوحيد في لبنان الذي لم نلتقِ يوما في حوار ثنائي سياسي مع حزب الله ولا يمكن أن نلتقي إلا وفق قواعد واضحة هي احتكار الدولة وحدها للسلاح، اتفاق الطائف، شرعية عربية، شرعية دولية وقرارات دولية."
لبنان يواجه خطرين!
بدوره، أوضح النائب السابق فارس سعيد، أن الوثيقة التي تحدثت فيها القوات اللبنانية عن الخلاف الثقافي بينها وبين حزب الله صدرت في 14 آذار عام 2008 في المؤتمر الأول لقوى 14 آذار الذي عقد في "البيال"، لافتا إلى أنها كانت وثيقة سياسية، ساهمت بتسريع عملية 7 أيار.
وأكد سعيد أن لبنان يعيش مرحلة استثنائية يحتاج فيها إلى تلاقي جميع القوى لأجل إنقاذه والنهوض به.
وبيّن في معرض حديثه، أن الرئيس وليد جنبلاط يقرأ في السياسة من الخارج إلى الداخل وتحديدا فيما يخص معركة رئاسة الجمهورية، ويرى أن هذا الاستحقاق يقع في لحظة يستطيع ربما حزب الله المدعوم من إيران أن يفرض الرئيس الذي يريده، مشيرا إلى أنّ لبنان يواجه خطرين، الأول هو تثبيت المشروع الإيراني في لبنان من خلال إيصال مرشح من إيران إلى رئاسة الجمهورية اللبنانية، أما الثاني فهو أكبر من الأول ويتمثل بغياب المشروع اللبناني لمواجهة المشروع الأول.