تحتفي المملكة العربية السعودية للمرة الأولى هذا العام بذكرى "يوم التأسيس"، بعد صدور أمر ملكي الشهر الماضي حدّد 22 فبراير/شباط من كل عام، يوماً لذكرى تأسيس الدولة السعودية، وأعلنه إجازة رسمية، تضاف لإجازة اليوم الوطني، ذكرى إعلان الملك عبد العزيز توحيد المملكة العربية السعودية بعد أحداث تاريخية استمرت 30 عامًا.
الإحتفال الأول من نوعه، يراد منه، كما أعلن، ترسيخ العمق التاريخي والحضاري والثقافي للدولة السعودية منذ تأسيسها قبل ثلاثة قرون، والتلاحم والترابط الوثيق بين المواطنين وقيادتهم. وللمناسبة أصدرت المملكة هوية بصرية تحت شعار "يوم بدينا" تظهر في وسطها أيقونة رجل يحمل راية في إشارة إلى بطولة رجالات المجتمع السعودي.
ويحيط بأيقونة الهوية أربعة رموز لدلالاتها التاريخية والاجتماعية، التمر الذي يدل على الحياة والكرم، والمجلس الذي يعبِّر عن الوحدة والتناغم الثقافي المجتمعي، والخيل العربي، وهو العنصر الذي يعرض فروسية وبطولة أمراء وشجعان الدولة، والسوق، في إشارة إلى الحراك الاقتصادي والتنوع والانفتاح على العالم، وكُتبت عبارة "يوم التأسيس - 1727م" بخط مستلهم من مخطوطات عديدة وثّقت تاريخ الدولة السعودية الأولى.
تحليلات سياسية عدة رأت في الذكرى ابتعاداً عن الدعوة التي رافقت تأسيس الدولة السعودية الأولى عام 1727 واستمرت مع الدولة السعودية الثانية منذ العام 1824 لتكمل مع الدولة السعودية الثالثة التي تأسست عام 1902 على يد الملك عبد العزيز آل سعود.
فرح وامتنان
وللإضاءة أكثر على هذا الموضوع تواصلت "جسور" مع أستاذ العقيدة والمذاهب المعاصرة والأمن الفكري وعضو مجلس في كلية الملك خالد العسكرية الدكتور نايف الوقاع الذي أكد بداية أن "الشعب السعودي تلقى الإعلان عن يوم التأسيس بفرح وسرور وامتنان للقيادة الحكيمة باعتبار أنها ذكرى لتاريخ عظيم، ساهم عبره الأجداد في بناء دولة كانت ممتدة على بقعة جغرافية كبيرة جداً وصلت إلى أطراف الشام وكان لها أثر في صياغة التاريخ العربي".
وأضاف الوقاع أن يوم التأسيس هو يوم فريد في تاريخ الدولة السعودية إذ، "لا توجد دولة على مر التاريخ تحظى بعمق تاريخي كما هي الدولة السعودية، فاستمرارها، رغم مرورها بثلاث مراحل مختلفة منذ تأسيسها، بالمكون المجتمعي والشعبي نفسه ما هو إلا دليل على عمق العلاقة التي تربط الأسرة الحاكمة الحالية مع النسيج الاجتماعي في البلاد".
الوقاع أشاد، بإصدار العاهل السعودي أمراً ملكياً للاحتفاء بيوم التأسيس واعتبره حقا للسعوديين، قيادةً وشعباً لما "يظهره من أصالة وعراقة وامتداد هذه الدولة العظيمة" بحسب قوله مردفاً "البعض يعتقد أننا أمة طارئة أو شعب طارئ أو حتى دولة طارئة والبعض يغمز من زاوية أننا لم نحصل على التعليم إلا بعد اكتشاف البترول وما إلى ذلك" ويتابع شارحاً "لكن في الحقيقة السعودية دولة موجودة حتى قبل الولايات المتحدة الأميركية وقبل أن تخوض حروبها الأهلية والكونية". كما أكد أنه منذ زمن بعيد دعا إلى تخليد هذا اليوم في إجازة وطنية رسمية.
جسور التواصل
من جهة أخرى نفى الوقاع التحليلات التي تشير إلى ابتعاد المملكة عن الدعوة وأكد لـ"جسور" أنه "ومنذ نشأة الدولة الأولى حتى يومنا هذا، ينص نظام الحكم في المملكة العربية السعودية على أن مصدر التشريع في المملكة هو الكتاب والسنة ولن يتوقف العمل به. لافتاً إلى أن "المملكة العربية السعودية قائمة على خدمة الحرمين الشريفين ومسجد الرسول بالتالي لا يمكن أن تتوقف عن نشر الإسلام الوسطي والمعتدل والانفتاح على الشعوب وإقامة جسور التواصل الانساني معهم".
ومن المقرر أن تشهد المملكة العربية السعودية الثلاثاء الكثير من الفاعليات من بينها تزيين الشوارع بالأعلام وإقامة البرامج والأنشطة للتعريف بأهمية هذه المناسبة، والعمق التاريخي والحضاري والثقافي للدولة السعودية منذ تأسيسها، والتلاحم والترابط الوثيق بين المواطنين وقيادتهم.