بعد القطيعة الخليجية التي دامت أشهرًا وأنهكت لبنان وعزلته عربيّاً ودوليّاً، عاد أخيراً سفير المملكة العربية السعودية وليد البخاري إلى بيروت، جامعاً ساسة لبنان حول مائدة إفطار في منزله في اليرزة.
شارك في الافطار رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، رئيسا الحكومة السابقان تمام سلام وفؤاد السنيورة، وزير الزراعة عباس الحاج حسن، رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، رئيس حزب الكتائب سامي الجميل، النائبة بهية الحريري والرئيسان أمين الجميل وميشال سليمان.
كما شاركت السفيرة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا الإفطار مع الحاضرين، وكان حضور الوزير عباس الحاج حسن لافتاً في الإفطار ما طرح علامات إستفهام عدة.
وبينما فسّرت أوساط متابعة هذا النشاط بأنه نوع من التدخل في العملية الانتخابية، خصوصاً وان لبنان على مشارف الانتخابات النيابية، نفى الإعلامي والكاتب السياسي والمتابع للشأن الخليجي والعربي، طارق أبو زينب، في حديث لـ"جسور"، أن يكون لهذه اللقاءات علاقة بأي إستحقاق داخلي لبناني، مؤكداً أن "كلمة البخاري كانت واضحة حين شدد على أن المملكة لا تتدخل في الشؤون الداخلية للبنان، إنما العودة أتت من أجل تنفيذ مشاريع مشتركة مع دول غربية لمصلحة لبنان، وهناك لجنة تحضيرية مشتركة لتنفيذ هذه المشاريع، لأن لبنان والشعب اللبناني يستحقان، والوضع صعب جداً في هذه المرحلة ".
وتابع: "الممكلة العربية السعودية حريصة جدا على حماية لبنان وشعبه، ولطالما أكدت على اهتمامها باستقراره وانتمائه الوطني، وانطلاقا من هذه الرؤية عادت السعودية إلى لبنان، ويبقى على اللبنانيين أن يساعدوا أنفسهم بعدم الانخراط في لعبة المحاور الإقليمية، وأن يمنعوا تمرير أي رسالة سياسية لخدمة أي أجندة خارجية ".
ارتياحٌ لبناني
وقال أبو زينب إن "الإفطارات التي رعاها البخاري لم تكن مفاجئة، فهي ترسيخ لأحد أعظم معاني وقيم الإنسانية في شهر رمضان المبارك، والإفطار الأول أقامه على شرف مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، مؤكداً بذلك على أهمية موقعه ودوره الوطني الجامع".
وأضاف: "مأدبة الافطار الاثنين التي دعا اليها البخاري، كانت بحضور شبه كامل لمعظم القوى السيادية الوطنية اللبنانية في لبنان وعلى مستوى الصف الأول، ما يعكس رسالة سياسية مهمة حول تقدير واحترام السعوديين لهذا الخط السياسي العريض، وما يؤكد أن لبنان ليس متروكاً".
ولفت إلى أن "ما يجمع لبنان بأشقائه الخليجيين والسعوديين أعمق بكثير من أن تؤثر عليه بعض الأصوات التي تتمنى زعزعة العلاقات اللبنانية - الخليجية، والأزمة التي استمرت خمسة أشهر كانت أشبه بغيمة صيف وانقشعت، ولا عودة بعد اليوم الى فتور العلاقات مع الخليج".
وأكد أبو زينب أن "لقاءات البخاري مع المرجعيات الروحية عكست ارتياحاً لبنانياً وطنياً، وأعادت التأكيد على وقوف الأشقاء السعوديين والعرب الى جانب لبنان، وهذا ما نحتاجه في هذه الظروف الصعبة، لكن على الحكومة اللبنانية أن تلتزم بإعادة العلاقات بين لبنان ودول مجلس التعاون الخليجي إلى طبيعتها، وبإتخاذ الإجراءات اللازمة والمطلوبة لتعزيز هذا التعاون، وبكل قرارات جامعة الدول العربية والشرعية الدولية، إضافة إلى العمل الجدي والفعلي في متابعة واستكمال تنفيذ مندرجاتها، بما يضمن السلم الأهلي والاستقرار الوطني للبنان وتحصين وحدته".
سلسلة مواقف
وكان البخاري أطلق سلسلة مواقف أشار فيها إلى أن العلاقات السعودية لم تكن مقطوعة مع لبنان بل استمرت، ولكن عملية سحب السفراء كانت تعبيراً عن موقف اعتراضي، وهو موقف ديبلوماسي للتعبير عن موقف كان مسيئاً للمملكة ودول مجلس التعاون الخليجي، وفيما بعد تعهد لبنان بالالتزام بالشروط المطلوبة للحفاظ على العلاقات الأخوية واستعادة دوره ومكانته.
وأصرّ على الترفع عن الخوض بأي تدخلات في الانتخابات النيابية، مشيراً إلى أن العودة تتركز على ضرورة مساعدة لبنان والوقوف إلى جانبه، بناء على التنسيق والتعاون مع المجتمع الدولي، ولا سيما مع فرنسا، لإنشاء صندوق مخصص للمساعدات الإنسانية يستفيد منها اللبنانيون.
وقال: "مرتكزات السعودية لا تسمح لها بالتدخل في الأمور السيادية ونحترم الإجراءات والاستحقاقات النيابية والرئاسية، ونتمنى على الجميع خوضها وفق الكفاءة. ويهم المملكة الاهتمام باللبنانيين والانسان في لبنان".
وختم البخاري قائلاً: "المملكة لا تتدخل في الشؤون الداخلية، إنما العودة إلى لبنان أتت وفق مشاريع مشتركة مع فرنسا لتقديم الدعم الإنساني وحفظ الاستقرار، وهناك لجنة تحضيرية مشتركة لتنفيذ المشاريع، لأن لبنان وشعبه يستحقان".