لم يعُد للبنانيين حال، ولم يرف للطبقة الحاكمة جفن، فلبنان لا يزال ينزُف والانهيار فيه طاله بإقتصاده وأمنه وشعبه. وبين تعطيل مجلس الوزراء والفشل في ايجاد حلول، ومن إنهيار تاريخي لليرة اللبنانية أمام الدولار والذي تخطى الـ 28000 والتفلت الأمني في البلاد وتفشّي وباء كورونا من جديد وتسجيل أرقام قياسية يومياً، فماذا ينتظر اللبنانيون بعد؟
وفي السياق، يعتبر المحلل السياسي اللبناني خطار بو دياب في حديث لـ"جسور" أن " الإنهيار المتواصل كأنه مُبرمج والمسألة لا تعود الى انتفاضة أكتوبر/تشرين الأول 2019 بل ربما قبل ذلك وما رصد من اشارات واضحة سبقت الانتخابات النيابية في الـ2018 بعقد مؤتمر Cedre في باريس من أجل منع الانهيار إلّا أننا قد وصلنا اليه"، لكن الغريب هو بالمنظومة والتي على الرغم من مسؤولياتها الكبيرة في فرض المعالجات للواقع المأزوم تستمرّ وكأن شيئاً لم يكُن".
مسار التعطيل
وقال بو دياب: بين الانهيار الهائل بسعر صرف الليرة اللبنانية والتضخّم والمشكلة المعيشية وبعد كارثة المرفأ (انفجار مرفأ بيروت في 4 آب 2020) إضافة إلى انتظار أكثر من 13 شهراً لتشكيل حكومة، برز ولو بصيص أمل في الانطلاق أو البدء في مكان ما في المسار الإنقاذي بعد تشكيل حكومة برئاسة ميقاتي (رئيس مجلس الوزراء الحالي نجيب ميقاتي) بالرغم من كل الملاحظات على تركيبتها، ولكن سرعان ما عاد التعطيل على رأس جدول الأعمال وتحت عناوين كثيرة أهمّها منع استكمال التحقيق في انفجار مرفأ بيروت وحصلت بعدها أحداث الطيونة والأزمة الدبلوماسية مع دول الخليج وإثر زيارة ماكرون إلى المملكة العربية السعودية تبيّن أيضاً، من خلال البيان السعودي – الفرنسي، أن هناك سقفاً معيّناً وإلا فالوضع سيؤول إلى المزيد من الانهيار".
معضلة الميثاقية
وفي ظلّ التعطيل الحاصل في تعيين جلسة للحكومة لطرح المواضيع الملحّة التي تمرّ بها البلاد لإعلان الثنائي الشيعي رفضها ومقاطعتها مسبقاً، رأى بو دياب أن "المشكلة في لبنان " الميثاقية"، وهذا عرف تمّ اعتماده منذ الـ2007 من بين جملة أعراف لا علاقة للدستور بها ، وقال: "عندما تكون طائفة رئيسية كالطائفة الشيعية مقاطعة لطاولة مجلس الوزراء فهذا خلل كبير في السلطة التنفيذية".
أزمة بنيوية
واعتبر بو دياب أنه ومنذ الـ2005 وحتى اليوم يمارس التعطيل من قبل الطائفة الشيعية ما يطرح سؤالا عن أزمة بنيوية وعن تحكّم حزب الله بمجريات الأمور"، مشيرا إلى أنه "وبعد رحيل النظام السوري حلّ حزب الله بديلاً والآن رئيس الحكومة يجد نفسه مقيداً فعدم حضور الطائفة الشيعية جلسات الحكومة سيخلق مشكلة ".
ويبدو أنه قد طلب من رئيس الجمهورية،التواصل مع الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله لعام لحزب الله) فرفض، فبدل أن يمارس ضغطاً يحاول تصفية حسابات مع حليف نصر الله رئيس مجلس النواب (نبيه بري)، لكن المشكلة أن البلد لا يحتمل تصفية حسابات بل يحتاج انطلاقة سريعة بالمسار الانقاذي". وهذه المعطيات يقول بو دياب تثبت للجميع أن المنظومة الفاشلة غير قادرة على الاجتماع ولا أمل فيها إطلاقاً ولا حتى بالإنتخابات النيابية المقبلة."
تسيير دولي للإنقاذ
وعن الاستحقاق الانتخابي، يدعم بو دياب تجديد الشرعية في صناديق الاقتراع ليحقق الناس التغيير غير أنه ومن دون إشراف دولي عليها لا يمكن تحقيق شيء. ولخّص العناوين الانقاذية يالتالي: استرجاع سيادة لبنان وتسيير لبنان دولياً في مرحلة انتقالية حتى اعادة بناء الدولة اللبنانية بشكلها المستقيم والسليم."
واقع الشعب اللبناني
وعمّا إذا الشعب اللبناني قد استسلم أو أصبح محبطاً، توجه بو دياب بالسؤال الى من يزايد على الشعب اللبناني، وقد هاجر من هاجر: كيف لم لا يجد لقمة عيشه أن يتحرك؟ "الناس في لبنان اليوم تحولت إلى كائنات تسعى وراء لقمة عيشها حفاظا على ما تبقى من كرامتها لذلك رجح بو دياب ارتفاع معدل التفلت الامني والفوضى".