منذ استقلال لبنان وحتى اليوم، انفرزت القوى السياسيّة في لبنان بشكل يتناسب مع طوائفها، حتى بات الأفرقاء على اختلاف انتماءاتهم يتشاركون السلطة، بطريقة تبدو للعلن وكأنها تمثيل لشتى الأطياف بشكل متوازٍ. القوى السّياسيّة السنيّة أخذت وعلى امتداد السنوات والحكومات المتعاقبة، أشكالاً مختلفة في التمثيل، حتى بات المكوّن السني واحد من ركائز المشهد السياسي الأساسي في لبنان.
مؤخرًا ومنذ إعلان رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري تحديدًا انسحابه من الحياة السّياسيّة، يواجه المكوّن السنّي حالة من الإرباك الشّديد. فغياب الحريرية عن المشهد السياسي أدى إلى تشتت الصّوت السنّي، بشكل يستحيل معه إعادة تجميع النواب السنة تحت سقف واحد.
وتعليقًا على الأمر قال الكاتب السياسيّ قاسم يوسف في حديث ل"جسور"، "إن الانتخابات لم تستطع أن تأتي ببديل عن سعد الحريري، ورغم محاولة بعض الشخصيات لعب دور جامع للم شمل النواب السنة مثل رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة".
وعن الكلام الذي يدور في الأروقة حول تحركات مفتي الجمهوريّة الشيخ عبد اللطيف دريان للملمة العدد الأكبر من النواب السنة في كتلة نيابية تكون لها كلمتها، أشار يوسف إلى إفتقار المفتي دريان للقدرة على جمع البيت السني، وذلك يعود لعدّة أسباب أهمها اتّباع بعض النواب السنّة لما يسمّى بقوى ٨ آذار الموالية لحزب الله، والبعض الآخر لبيوت سياسيّة أو للمجتمع المدني، وبالتالي فإن جمعهم تحت مشروع سياسي واحد أمر صعب إن لم يكن مستحيلاً.
وأضاف: "توحيد النواب السنة يحتاج إلى دور سعودي عربي كبير، ولكن يبدو إلى الآن أن العرب والخليج غير متحمّسين للعب أي دور في لبنان وتحديدًا على الساحة السنيّة".
أما عن إعلان السفير السعودي وليد البخاري زيارة عدد من المرجعيّات السنية فقال يوسف،"وجود السفير السعودي هو لتقريب وجهات النظر فقط، فخلق مرجعيّة سنيّة بديلة عن سعد الحريري يتطلّب دورًا كبيرًا من المملكة العربية السعودية".
أما عن دور بهية الحريري عمّة الرئيس سعد الحريري وتأثيرها على النواب السنّة قال يوسف، "بعد الإنتخابات لم نرَ أي تحرّك جدّي ناتج عن آل حريري للم شمل النواب".
مصادر متابعة تقول إن غياب الطائفة السنيّة عن المشهد السياسي في لبنان سيؤدي إلى الإخلال بالتوازن العام، خاصةً وأن البلد مقبل على إستحقاقات كتشكيل الحكومة وإنتخاب رئيس للجمهورية. ليبقى السؤل الذي يطرح نفسه: "من هي الشخصية التي ستتمكّن من توحيد النواب السنّة تحت سقف القرار والرأي الواحد؟"