كتب الدكتور ميشال الشمّاعي في "جسور":
لا يبدو أنّ المنطقة ستُحافظ على الستاتيكوهات نفسها التي حكمتها طوال العشرين سنة الماضية بعد زيارة بايدن إلى الشرق الأوسط. هذه الزيارة التي وضعت الأسس التغييريّة التي ستقوم عليها رؤية 2030 وأكثر.
وعليه، ثمة توجّه نحو دول تكون فيها القوّة محتكَرَة بمركزيّة القرار السياسي فيها، والتخلّص من كلّ فلول الميليشيات والحركات الإرهابيّة التي نجحت بزعزعة أمن الخليج العربي ودمّرت بعض الدّول العربيّة؛ كذلك الانتهاء من الميليشيات أو المنظّمات التي ترتبط بمرجعيّة غير عربيّة، أعني هنا مرجعيّة إيران بالتحديد. فهل بوصلة المنطقة تتجه نحو الثبات والاستقرار أكثر، أمّ أنّ طبول الحرب تقرع؟
زيارةٌ بمدلولاتٍ مُشَفَّرَةٍ
تعمّد الرئيس الأميركي إرسال رسائل مشفّرة في زيارته لإسرائيل لا يمكن التغاضي عنها. فتأكيده من إسرائيل تحديداً، أنّ " إيران لن تمتلك سلاحا نوويًّا من أجل أمن إسرائيل والولايات المتحدة والعالم"، مشددا على أن الولايات المتحدة "ستضمن أن إسرائيل قادرة على الدفاع عن نفسها". فهذا بحدّ ذاته ضوء أخضر أميركي لإسرائيل بحريّة التصرّف في هذا الاتّجاه. وفي هذا السياق لا يمكن إغفال المناورات والتدريبات التي قام بها الجيش الإسرائيلي محاكاة لحرب مفتوحة في المنطقة.
أمّا تصريح رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد "نحن مستعدون لتشارك تكنولوجياتنا وخبراتنا. فيدفع إلى طرح السؤال: المشاركة مع مَن؟ والجواب أتى بتوجّه الرئيس الأميركي بالطائرة كأوّل رئيس أميركي من إسرائيل إلى جدة، مبيّنًا أنّ الولايات المتحدة تدعم "الدول التي تعمق العلاقات مع إسرائيل".
محاولات ديبلوماسيّة اللحظة الأخيرة
حاول العراق بغناه التعدّدي أن يلعب دور الوسيط في محادثات دارت بين السعوديّة وإيران. لكن على ما يبدو أنّ هذه الوساطة بحدّ ذاتها هي بحاجة لوساطة، لأنّ العراق بدوره، هو موضع تجاذب بين المحور الذي تسيطر عليه إيران وبين العراقيين الأحرار الذين قالوا كلمتهم في اختيار ممثليهم للندوة البرلمانيّة الذين رفضوا إيران وأزلامها.
مقابل ذلك، لا زال العرب يقدّمون الفرص للحلّ الديبلوماسي مع إيران. مع العلم، أنّ الردود التي بدأت بالتسرّب لم تكن مشجّعة إطلاقًا. مما يعني عمليًّا، ضوء أخضر بتفويض أميركي – إسرائيلي لقلب الطاولة وفضّ الديبلوماسيّة مع إيران.
من هذا المنطلق، تشير المعطيات من مصادر ديبلوماسيّة مقرّبة من مراكز القرار في دول مجلس التعاون الخليجي، بأنّ المرحلة المقبلة ستكون بتوأمة الديبلوماسية والقوّة على قاعدة المصاحبة بينهما بحسب الحدث والقطعة والموقف. ذلك أنّ ما سيظهر في القليل القادم من الأيّام سيكشف عن اتّفاقيّات تعاون في مجال تطوير الدفاع والأمن المشترك بين الدول لمواجهة المسيّرات والصواريخ وتسليح الميليشيات.
وفي معلومات خاصّة من الدّاخل الإيراني تشير إلى أنّ الإنقسام السياسي قد اتّخذ الشكل العمودي بين فريق يميل إلى الديبلوماسيّة الناعمة التي يبرع فيها الساسة الإيرانيّون من داخل التركيبة المؤسساتيّة للدولة الإيرانيّة، وفريق آخر يقوده الحرس الثوري الإيراني المتشدّد الذي يغلّب منطق الثورة على الدّولة. ويبقى أنّ دور إيران، أو بالحريّ الشكل الجديد للدولة التي ستدخل مرحلة 2030 سيظهره القرار الإيراني: مَن سيغلِبُ مَن داخل إيران؟
تحالف عربي جيوستراتيجي
لا يبدو أنّ المنطقة ستُحافظ على الستاتيكوهات نفسها التي حكمتها طوال العشرين سنة الماضية بعد زيارة بايدن إلى الشرق الأوسط. هذه الزيارة التي وضعت الأسس التغييريّة التي ستقوم عليها رؤية 2030 وأكثر.
وعليه، ثمة توجّه نحو دول تكون فيها القوّة محتكَرَة بمركزيّة القرار السياسي فيها، والتخلّص من كلّ فلول الميليشيات والحركات الإرهابيّة التي نجحت بزعزعة أمن الخليج العربي ودمّرت بعض الدّول العربيّة؛ كذلك الانتهاء من الميليشيات أو المنظّمات التي ترتبط بمرجعيّة غير عربيّة، أعني هنا مرجعيّة إيران بالتحديد. فهل بوصلة المنطقة تتجه نحو الثبات والاستقرار أكثر، أمّ أنّ طبول الحرب تقرع؟
زيارةٌ بمدلولاتٍ مُشَفَّرَةٍ
تعمّد الرئيس الأميركي إرسال رسائل مشفّرة في زيارته لإسرائيل لا يمكن التغاضي عنها. فتأكيده من إسرائيل تحديداً، أنّ " إيران لن تمتلك سلاحا نوويًّا من أجل أمن إسرائيل والولايات المتحدة والعالم"، مشددا على أن الولايات المتحدة "ستضمن أن إسرائيل قادرة على الدفاع عن نفسها". فهذا بحدّ ذاته ضوء أخضر أميركي لإسرائيل بحريّة التصرّف في هذا الاتّجاه. وفي هذا السياق لا يمكن إغفال المناورات والتدريبات التي قام بها الجيش الإسرائيلي محاكاة لحرب مفتوحة في المنطقة.
أمّا تصريح رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد "نحن مستعدون لتشارك تكنولوجياتنا وخبراتنا. فيدفع إلى طرح السؤال: المشاركة مع مَن؟ والجواب أتى بتوجّه الرئيس الأميركي بالطائرة كأوّل رئيس أميركي من إسرائيل إلى جدة، مبيّنًا أنّ الولايات المتحدة تدعم "الدول التي تعمق العلاقات مع إسرائيل".
محاولات ديبلوماسيّة اللحظة الأخيرة
حاول العراق بغناه التعدّدي أن يلعب دور الوسيط في محادثات دارت بين السعوديّة وإيران. لكن على ما يبدو أنّ هذه الوساطة بحدّ ذاتها هي بحاجة لوساطة، لأنّ العراق بدوره، هو موضع تجاذب بين المحور الذي تسيطر عليه إيران وبين العراقيين الأحرار الذين قالوا كلمتهم في اختيار ممثليهم للندوة البرلمانيّة الذين رفضوا إيران وأزلامها.
مقابل ذلك، لا زال العرب يقدّمون الفرص للحلّ الديبلوماسي مع إيران. مع العلم، أنّ الردود التي بدأت بالتسرّب لم تكن مشجّعة إطلاقًا. مما يعني عمليًّا، ضوء أخضر بتفويض أميركي – إسرائيلي لقلب الطاولة وفضّ الديبلوماسيّة مع إيران.
من هذا المنطلق، تشير المعطيات من مصادر ديبلوماسيّة مقرّبة من مراكز القرار في دول مجلس التعاون الخليجي، بأنّ المرحلة المقبلة ستكون بتوأمة الديبلوماسية والقوّة على قاعدة المصاحبة بينهما بحسب الحدث والقطعة والموقف. ذلك أنّ ما سيظهر في القليل القادم من الأيّام سيكشف عن اتّفاقيّات تعاون في مجال تطوير الدفاع والأمن المشترك بين الدول لمواجهة المسيّرات والصواريخ وتسليح الميليشيات.
وفي معلومات خاصّة من الدّاخل الإيراني تشير إلى أنّ الإنقسام السياسي قد اتّخذ الشكل العمودي بين فريق يميل إلى الديبلوماسيّة الناعمة التي يبرع فيها الساسة الإيرانيّون من داخل التركيبة المؤسساتيّة للدولة الإيرانيّة، وفريق آخر يقوده الحرس الثوري الإيراني المتشدّد الذي يغلّب منطق الثورة على الدّولة. ويبقى أنّ دور إيران، أو بالحريّ الشكل الجديد للدولة التي ستدخل مرحلة 2030 سيظهره القرار الإيراني: مَن سيغلِبُ مَن داخل إيران؟
تحالف عربي جيوستراتيجي
بدا الملك السعودي حريصًا على كيفيّة إظهار التحالف العربي المتلائم مع رؤيته الاستراتيجية للمنطقة. وتميّز وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان الذي أعلن استبدال ناتو عربي بمنظومة خليجية عربية، وذلك لإراحة بعض الدول العربيّة التي ليست مستعدّة بعد لأيّ تعاون عربي – إسرائيلي. ونجاح هذا التحالف هو الذي سيضع الولايات المتحدة الأميركيّة أمام أمر واقع جديد حيث من المعروف أنّها كدولة استراتيجيّة تبحث عن الأقوى لتتعاون معه. ويبدو أنّ نجاح الأمبر محمد بن سلمان بفرض هذا الوجود العربي القوي قد دفع بالولايات المتّحدة للتراجع عن قرار عزلتها للمملكة. ناهيك عن حاجتها لزيادة إنتاج البترول في العالم للحدّ من أزمة الطاقة.
واللافت بهذا التحالف الناشئ أنّه لن يستثني أيّ بلد عربي فيه مصلحة استراتيجيّة للوطن العربي ككلّ. ولبنان لن يكون بمنأى عن هذا التحالف؛ إذ لا يمكن أن يسمح لإيران بوضع يدها على مصدر جديد من مصادر الطاقة في شرقي المتوسّط، أي الغاز الطبيعي الذي لدى لبنان مخزون منه، لا سيّما بعد الحرب الروسيّة على أوكرانيا وحاجة أوروبا والعالم إلى هذا الغاز.
ومن المهمّ هنا قراءة ما قاله البيان الأميركي – السعودي عن لبنان من حيث دعمه للسيادة والقوات المسلّحة التي تحمي الحدود وتقاوم المجموعات المتطرّفة والإرهابيّة. وهذا ما بدا إشارة واضحة إلى ضرب الدّور الذي يحاول حزب الله أن يسلبه من الدولة اللبنانيّة. فضلاً عن إشارته إلى ضرورة إجراء إصلاحات سياسيّة ما يعني حتمًا العمل على لبنان جديد يتلاءم مع تطلّعات المرحلة المقبلة للمنطقة. وأهمّ قاعدة إلى ذلك هي تطبيق القرارات الدوليّة من أجل ان تمارس الدولة سيادتها الكاملة ولا تكون هنالك سلطة إلا سلطة الحكومة الشرعيّة. وبالمقارنة مع بنود المبادرة الكويتيّة فهناك تلازم في المسار أو قل استكمالاً لما تمّ سابقًا. وهذا ما سيفضي إلى الوصول لما تمّ الاتّفاق عليه.
في المحصّلة، أتت عودة أميركا هذه المرّة إلى الشرق الأوسط بطريقة مستهجنة على وقع الإستقبال الفاتر الذي قوبل به الرئيس الأميركي جو بايدن. هذا الرئيس الذي يلاقي في قلب حزبه اعتراضات على أدائه السياسي، حيث تبدو اليوم أميركا في عهده بحالة لم تشهدها في سابق العهود. يبدو أنّ دوائر القرار الأميركي قد دفعت بهذا النهج إلى إعادة احتضان المملكة العربيّة السعوديّة لأنّ وليّ العهد محمّد بن سلمان استطاع أن يوحّد العرب حول قيادته الرشيدة؛ كما نجح ضمنًا بفرض شروطه على الأميركي مستفيدًا من عدم استعداده للتنازل أمام ابتزاز إيران أو استغلال إسرائيل. ولأنّ المنطقة ستتحوّل إلى سوق إنتاجيّة للطاقة الجديدة فالتوجّه اليوم نحو تثبيت الاستقرار والأمن فيها وضمان خلوّها من أيّ سلاح دمار شامل. وفي معلومات مؤكّدة أنّ بعد القمّة قد تعمد إيران عبر فصائلها إلى تفجير المنطقة بالكامل لأنّها لا تبرع بالتفاوض إلا على وقع الحروب أو بعدها؛ ولنا في ذلك أمثلة كثيرة، فخيار الحرب يبدو الأكثر ترجيحًا على الأقلّ حتّى الساعة. لا سيّما بعد جرعة الدعم التي تلقّتها من صديقتها روسيا. فهل من الممكن أن يكون لبنان الساحة التي سيسحب منها صاعق التفجير بسحب الذرائع كلّها من يد حزب الله فيُنتَخَبَ رئيس للجمهوريّة نحو لبنان جديد؟
واللافت بهذا التحالف الناشئ أنّه لن يستثني أيّ بلد عربي فيه مصلحة استراتيجيّة للوطن العربي ككلّ. ولبنان لن يكون بمنأى عن هذا التحالف؛ إذ لا يمكن أن يسمح لإيران بوضع يدها على مصدر جديد من مصادر الطاقة في شرقي المتوسّط، أي الغاز الطبيعي الذي لدى لبنان مخزون منه، لا سيّما بعد الحرب الروسيّة على أوكرانيا وحاجة أوروبا والعالم إلى هذا الغاز.
ومن المهمّ هنا قراءة ما قاله البيان الأميركي – السعودي عن لبنان من حيث دعمه للسيادة والقوات المسلّحة التي تحمي الحدود وتقاوم المجموعات المتطرّفة والإرهابيّة. وهذا ما بدا إشارة واضحة إلى ضرب الدّور الذي يحاول حزب الله أن يسلبه من الدولة اللبنانيّة. فضلاً عن إشارته إلى ضرورة إجراء إصلاحات سياسيّة ما يعني حتمًا العمل على لبنان جديد يتلاءم مع تطلّعات المرحلة المقبلة للمنطقة. وأهمّ قاعدة إلى ذلك هي تطبيق القرارات الدوليّة من أجل ان تمارس الدولة سيادتها الكاملة ولا تكون هنالك سلطة إلا سلطة الحكومة الشرعيّة. وبالمقارنة مع بنود المبادرة الكويتيّة فهناك تلازم في المسار أو قل استكمالاً لما تمّ سابقًا. وهذا ما سيفضي إلى الوصول لما تمّ الاتّفاق عليه.
في المحصّلة، أتت عودة أميركا هذه المرّة إلى الشرق الأوسط بطريقة مستهجنة على وقع الإستقبال الفاتر الذي قوبل به الرئيس الأميركي جو بايدن. هذا الرئيس الذي يلاقي في قلب حزبه اعتراضات على أدائه السياسي، حيث تبدو اليوم أميركا في عهده بحالة لم تشهدها في سابق العهود. يبدو أنّ دوائر القرار الأميركي قد دفعت بهذا النهج إلى إعادة احتضان المملكة العربيّة السعوديّة لأنّ وليّ العهد محمّد بن سلمان استطاع أن يوحّد العرب حول قيادته الرشيدة؛ كما نجح ضمنًا بفرض شروطه على الأميركي مستفيدًا من عدم استعداده للتنازل أمام ابتزاز إيران أو استغلال إسرائيل. ولأنّ المنطقة ستتحوّل إلى سوق إنتاجيّة للطاقة الجديدة فالتوجّه اليوم نحو تثبيت الاستقرار والأمن فيها وضمان خلوّها من أيّ سلاح دمار شامل. وفي معلومات مؤكّدة أنّ بعد القمّة قد تعمد إيران عبر فصائلها إلى تفجير المنطقة بالكامل لأنّها لا تبرع بالتفاوض إلا على وقع الحروب أو بعدها؛ ولنا في ذلك أمثلة كثيرة، فخيار الحرب يبدو الأكثر ترجيحًا على الأقلّ حتّى الساعة. لا سيّما بعد جرعة الدعم التي تلقّتها من صديقتها روسيا. فهل من الممكن أن يكون لبنان الساحة التي سيسحب منها صاعق التفجير بسحب الذرائع كلّها من يد حزب الله فيُنتَخَبَ رئيس للجمهوريّة نحو لبنان جديد؟