في زيارة رسمية هي الأولى منذ أنهت المملكة العربية السعودية وحلفاؤها مقاطعة لقطر استمرت ثلاث سنوات ونصف السنة، حط الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان الاثنين رحاله في الدوحة التي تستضيف كأس العالم لكرة القدم. وقال مكتب أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني إنه استقبل آل نهيان لدى وصوله إلى الدوحة.
في هذا الإطار، تساءل مراقبون إن كانت هذه الزيارة تعني عودة العلاقات إلى دفئها بين دول الخليج، ليؤكد الإعلامي المتابع للشأن الخليجي والعربي، طارق أبو زينب، في حديث لـ"جسور"، على أهمية هذه الخطوة "على صعيد تعزيز العلاقات الأخوية الثنائية، وتعزيز التضامن الخليجي، ووحدة مجلس التعاون الخليجي، ودعم الإستقرار والأمن في المنطقة، كذلك توطيد العلاقات التجارية والأمن الإقليمي والخليجي، والتباحث قبل عقد "قمة الرياض الخليجية الصينية للتعاون والتنمية"، و"قمة الرياض العربية الصينية للتعاون والتنمية" بمشاركة قادة الدول".
علاقات راسخة
وقال أبو زينب، "حصلت هذه الخطوة بعد زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى سلطنة عمان وتعزيز العلاقات الأخوية القوية المتنامية بين البلدين على مختلف الصعد. وهي تدل على حرص البلدين على التشاور في ما يتعلق بتعزيز العلاقات الثنائية وسبل تطويرها ودفعها إلى الأمام على المستويات كافة، كذلك التطورات الإقليمية الأخيرة، منها أزمة النفط العالمية والحرب الروسية الاوكرانية، وعلاقات واشنطن المتوترة مع بكين ".
وتابع، "كما هنأ الرئيس الإماراتي قطر بنجاحها في تنظيم الحدث العالمي "كأس العالم لكرة القدم 2022"، وبدوره هنأ أمير قطر دولة الإمارات بعيد الاتحاد الــ 51، متمنياً لها ولشعبها دوام التقدم والإزدهار في ظل قيادته".
وأشار أيضاً إلى أن "العلاقة السعودية القطرية والخليجية الأخوية الراسخة انطلقت من بيان القمة الخليجية الـ41، التي عقدت في محافظة العلا بالسعودية، من أجل طي صفحة الخلاف الخليجي والتأكيد على احترام مبادئ حسن الجوار، وعودة العمل الخليجي المشترك إلى مساره الطبيعي، وتعزيز وحدة الصف والتماسك بين الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي، والحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة".
"زيارة مجاملة"
لكن في المقابل، رأى الأكاديمي والباحث السياسي السعودي، الدكتور نايف الوقاع، في حديث لـ"جسور"، أن "زيارة الشيخ آل نهيان إلى قطر قد تكون زيارة مجاملة لدعمها في كأس العالم، خصوصا بعد الهجوم الغربي الذي تتعرض له الدوحة".
وقال، "انقلاب الغرب على قطر ربما يجعلها تعيد تموضعها ودراسة مواقفها، كذلك الأحداث المتسارعة في إيران التي قد تتجه إما لإسقاط النظام إما أن تُلحق أضراراً كبيرة بصورته، إذ انه لا يمكن أن تبقى طهران بعد هذه الأحداث كما كانت قبلها".
وتابع الوقاع، "لكن الدوحة لم تطوِ ملف الخلاف مع دول الخليج الأخرى نهائيا، فالعلاقات القطرية البحرينية لا تزال غير جيدة وفي حال توتر. كما نلاحظ تجاهل القيادة القطرية للقيادة البحرينية أثناء حضورها في مباريات كأس العالم".
لا خطوات كبيرة
كما لفت إلى أن "قطر لم تتقدم بخطوات كبيرة ومؤثرة في القضايا الكبرى التي كانت محل الإختلاف مع دول الخليج الأخرى"، متوقعاً أن "تدرس قطر المعطيات جيداً وأن تختار الطريق الصحيح لمسار علاقاتها مع الدول، خصوصا بعد الضغط الأوروبي والأميركي عليها".
وأكد الوقاع أن "المملكة العربية السعودية تنظر إلى العلاقات القطرية على أنها جزء من حجر الزاوية في أمن الخليج وان قطر هي دولة شقيقة ولا تستطع الدفاع عن نفسها من دون حماية خليجية، كما تحتاج إلى تقوية علاقاتها مع الجميع من دون أن تدخل بصراعات مؤثرة تهدد أمنها".
قطع العلاقات
يُذكر أنه أوائل العام الماضي، أنهت السعودية والإمارات والبحرين ومصر مقاطعة لقطر استمرت ثلاث سنوات ونصف السنة، لكن العلاقات بين أبو ظبي والدوحة لم تتحسن بنفس وتيرة الرياض والقاهرة اللتين استعادتا العلاقات الدبلوماسية مع الدوحة.
وحضر ولي العهد السعودي ورئيس مصر افتتاح كأس العالم لكرة القدم في الدوحة يوم 20 نوفمبر/ تشرين الثاني، بينما أرسلت الإمارات حاكم دبي، وهو أيضا نائب رئيس الدولة الخليجية.
وشهد الخلاف السياسي قطع الرياض وحلفائها كل العلاقات مع قطر بسبب دعم الدوحة لجماعات إسلامية تعتبر تهديدا للحكم في دول الخليج ولعلاقاتها مع إيران وتركيا. وأدى هذا الخلاف إلى انقسام في مجلس التعاون الخليجي الذي يضم ست دول. وتحركت كل من السعودية والإمارات بعد ذلك للتواصل مع إيران الشيعية في محاولة لاحتواء التوترات وإصلاح العلاقات مع تركيا وسط تركيزهما على التنمية الاقتصادية. وزار مستشار الأمن القومي الإماراتي الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان الدوحة مرتين في إطار مساعي أبو ظبي لمعالجة الخلافات الإقليمية. ولم تعقد البحرين وقطر محادثات ثنائية بعد. ولم تعين أبو ظبي، مثل المنامة، مبعوثا إلى الدوحة، لكنها استأنفت العلاقات فيما يتعلق بالسفر والتجارة بين الإمارات وقطر.