فيما يُواصل لبنان عملية إعادة النازحين السوريين الراغبين بالعودة الى بلادهم لتخفيف العبء عن كاهل الدولة اللبنانية، مع وقوف المجتمع الدولي موقف "المتفرّج" وإصراره على أنّ موعد العودة لم يحن بعد.
وبعد ازدهار تجارة الأدوية المهرّبة من سوريا إلى لبنان، والتي عمد نازحون سوريّون إلى بيعها للّبنانيّين من دون المرور بوزارة الصحة، وما تبعها من مضاعفاتٍ صحيّة، برز ابتكار جديد بتوقيع نازحة سورية في مدينة زحلة البقاعية شرقي لبنان، حيث أوقفت دوريّة من أمن الدّولة امرأة سوريّة، تقوم بتوليد النّساء اللبنانيّات والسوريّات، وإخضاعهنّ أحياناً لعمليّات إجهاض، بأدوات بدائيّة لقاء مبالغ ماليّة ضئيلة، من دون حيازتها على شهادة جامعيّة، ولا على إذنٍ ولا ترخيص لمزاولة المهنة.
وبحسب المعلومات، لا يزال التحقيق معها جارياً بإشراف القضاء المختصّ، الذي كان قد أمر بتوقيفها.
خطر النازحين على لبنان
مصدر مطّلع (فضّل عدم الكشف عن اسمه)، أكد في اتصال مع "جسور" أنّ تزايد عدد النازحين السوريين، يُشكّل خطراً ليس فقط على الوضع الإقتصادي المنهار أصلا إنما على الوضع الصحي أيضا، خصوصا مع انتشار عيادات غير مرخّصة وانتحال صفة الطبيب، لافتا إلى أنّ الاستشفاء في لبنان للأسف، لم يعد حقاً مؤمّناً للجميع، فالأزمة المالية قضت على آخر قطاع وحوّلت الناس إلى أجساد يائسة.
وأوضح المصدر، أنّ الجهات الضامنة عاجزة أو يتعذر عليها تصحيح بدل الاتعاب، والمستشفيات تواصل مهمتها واستنزاف الناس "على سعر السوق" أو "الفريش دولار"، لهذا يلجأ كثر إلى عيادات غير معروفة ومضمونة، فقط لأنّ أسعارها مخفّضة، من دون التفكير بعواقب هذه الخطوة الخطيرة.
وطالب المصدر تشديد الرقابة على مثل هذه الأعمال المنافية للقانون والمسيئة لمهنة الطبّ، داعيا إلى محاسبة كل من ينتحل صفة طبيب، معرضا حياة المواطنين للخطر.
بؤر أمنية خطيرة
من جهته، بيّن الصحافي جورج شاهين، في تصريح لـ "جسور"، أنه قبل الحديث عمّا يجري في بعض مخيمات النازحين السوريين، لا بدّ من الإشارة إلى أنّ لبنان يعاني من انتشار عشوائي وقد زادت بؤر المخيمات التابعة للنازحين السوريين عن 1350 بؤرة في لبنان تنتشر على مختلف الأراضي اللبنانية وتدار بطريقة غير منضبطة وغير منتظمة باستثناء بعض المخيمات النموذجية التي يحضر فيها ممثلو الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والإقليمية التي ترعى شؤون النازحين.
وبحسب شاهين، كان من الطبيعي أن يتم اكتشاف العديد من المخالفات المرتكبة في هذه المخيمات، فبعضها تحوّل إلى بؤر أمنية خطيرة قبل اكتشاف هذه المرأة التي تتقن عمليات التوليد بطرق تقليدية عادية، ومن دون ترخيص مسبق لمزاولة المهنة، وهناك مخيمات عُثر بداخلها على ممنوعات من مخدرات وأسلحة، والتقارير التي تتحدث عن هذه المجموعات كثيرة، وهذا أمر طبيعي.
وأوضح شاهين، أنّ أي مخيم يحوي على شباب من عمر الـ 25 إلى 40 عاما، يعني أنهم نفّذوا التجنيد الإجباري في سوريا، وهي فترة تمتّد لعامين تقريبا يتدرّب خلالها العسكري ليس على اتقان استخدام كل أنواع الأسلحة، إنما على المهن الحرة، وهذا أمر خطير بالنسبة للمجتمعات المضيفة، فبعض المخيمات تحوّل مقصدا لأصحاب المهن الصغيرة والمهن الفردية والتجارة الصناعية، لذلك يبدو طبيعيا ما نراه اليوم يقول شاهين، مذكّرا بمجزرة اكتشاف أدوية منتهية الصلاحية تباع إلى الموطنين، بعدما ظهرت عليهم عوارض صحيّة خطيرة.
وأشار شاهين، إلى أنّ ما يجري داخل المخيّمات السورية، يستدعي التدخل الفوري من قبل المعنيين، وهو ما عجزت عنه الدولة اللبنانية حتى يومنا هذا، فوزارة الشؤون الاجتماعية وبعض المنظّمات المحليّة التي تهتم عاجزة عن القيام بمثل هذه الأعمال الالزامية والضرورية.
ماذا عن العقوبة؟
من الناحية القانونية، يوضح المحامي والخبير الدستوري، سعيد مالك، أنّ قانون العقوبات اللبناني،يعاقب كل من انتحل صفة ومارس عملا لم يكن مجازا له القيام به، وبالتالي ما جرى من قبل المديرية العامة لأمن الدولة لناحية توقيف شاغلة هذه الخيمة ومصادرة ما بداخلها يقع ضمن الإطار القانوني الصحيح.
وتابع مالك، في تصريح لـ "جسور"، أنّ هكذا فعل يحتاج إلى ترخيص قانوني من قبل المراجع المعنيّة، قائلا: "ليس هناك من ترخيص من جهة، وهناك انتحال صفة وممارسة عمل من دون إجازة من جهة أخرى"، وبطبيعة الحال هذه الأفعال يعاقب عليها قانون العقوبات اللبناني، حيث تحال الفاعلة إلى المحكمة المختصّة بعد ادعاء النيابة العامة عليها من أجل العمل على إلحاق أقصى درجات العقوبة بحقّها، إضافة على العطل والضرر، كما يحقّ لكل من تضرّر من هذه الأفعال وفق مالك، الإدعاء تبعا للدعوة العامة وتحصيل التعويض اللازم والملائم.
عودة وشيكة؟
ويُشكّل النزوح السوري إحدى القضايا اللبنانية الشائكة وأبرزها التي تهدّد الكيان، فقد مرّ نحو 11 عاماً على بدء النزوح ولا بريق أمل يشي بقرب حلّ هذا الملف الوجودي وبالتالي فإنّ الأمر يحتاج إلى قرار دولي غير متاح حالياً لأنّ حسابات الدول الكبرى مغايرة تماماً للحسابات والهواجس اللبنانية.
ويكشف أحد الدبلوماسيين اللبنانيين الذي التقى المبعوث الأممي إلى سوريا، غير بيدرسون، أنّ الأخير أخبره أن لا حلّ قريباً لأزمة النزوح لأن الدول الكبرى التي ستموّل إعادة الإعمار في سوريا لم تتّخذ القرار بذلك.
وفي السياق يؤكد بيدرسون أنّ القرار السياسي لحلّ الأزمة السورية مرتبط بالولايات المتحدة الأميركية وروسيا في حين أن تمويل إعادة الإعمار مرتبط بشكل أساسي بدول الخليج والدول الأوروبية.