حملت زيارة رئيس البرلمان الليبي المستشار عقيلة صالح الى تركيا قبل ايام في طياتها الكثير من التساؤلات داخل ليبيا لكونها جاءت بعد عداء بين معسكر الشرق الليبي بقيادة حفتر، حيث يوجد البرلمان، وبين تركيا المتحالفة مع حكومة الوفاق الوطني التي تسيطر على القسم الغربي من البلاد.
ورغم مرور أكثر من عقد على الإطاحة بنظام الزعيم معمر القذافي، لم تعرف ليبيا الاستقرار إذ تحولت إلى ساحة للصراعات الإقليمية كما انقسمت إلى معسكرين شرقي وغربي تتنازعهما سلطات محلية متصارعة.
وكان توقيع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين حكومة الوفاق الوطني، في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني 2019، والحكومة التركية، أثار انزعاج المعسكر الشرقي.
وفي البلد الغني بالنفط، أشعل تأجيل الانتخابات الرئاسية الليبية شرارة احتجاجات أطلقها ناشطون بداية شهر يوليو/تموز الماضي رفضاً للطبقة السياسية وتجاذباتها، لكن صوت الاحتجاجات خفت إثر تعرض الناشطين للقمع والمضايقات من قبل السلطة.
أبعاد خاصة أم وطنية؟
انقسم الرأي العام الليبي بشأن زيارة رئيس مجلس النواب عقيلة صالح لتركيا، كما أشار الناشط السياسي الليبي جمال الفلاح "البعض يرى فيها محاولة وطنية لرفع الضغط عن ليبيا بعد أن أدخلها القادة السياسيون في صراعات دولية لا يمكنها مواجهتها والبعض الآخر يعتبرها مبادرة ذات خلفية خاصة".
وأوضح الفلاح في حديث لـ”جسور” أن القادة اللليبيين "تسببوا بزج ليبيا في صراعات دولية كانت بغنى عنها حين عمدوا إلى إقفال خط النفط الليبي بوجه أوروبا والولايات المتحدة الأميركية، بغية لي ذراعها لصالح روسيا، في ظل الطلب المتصاعد على النفط الليبي نتيجة للحرب الروسية - الأوكرانية وامتناع أوروبا عن استيراد النفط الروسي" معتبراً أن من شأن هذه الخطوة "أن تؤثر سلباً على بلده كونها دولة هشة منهارة منتهكة الحدود والسيادة، وبالتالي عاجزة عن فرض نفسها على المجتمع الدولي".
وأوضح الفلاح أن "عقيلة صالح، المسيطر على المعسكر الشرقي، وافق على التعاون مع الكرملين بعد أن شبك معه علاقات قوية إثر مبادرة وقف إطلاق النار التي وضعها مستشارون روس".
في المقابل، وبحسب بعض التسريبات، يوضح الفلاح أن أسباباً خاصة كانت وراء زيارة صالح "حاول صالح إقناع أنقرة بالقبول بحكومة باش آغا أو حكومة بديلة يكون فيها الرئيس" كما أشار الى أن الاتفاق يقضي في المقابل "بتقديم عقود غاز ونفط إلى تركيا لتمرير الغاز الليبي عن طرق شركاتها إلى أوروبا خصوصاً وأن البنية التحتية لقطاع النفط الليبي متهالكة وتحتاج إلى اموال طائلة لإصلاحها".
لكن تركيا، يتابع الفلاح "على ما يبدو رفضت القبول بالطرح لدخول الولايات المتحدة الأميركية على خط الأزمة الليبية بشكل مكثف ما أخرج الملف الليبي عن سيطرتها".
الانتفاضة مستمرة
في المقابل، يزداد الوضع الاقتصادي سوءاً في ليبيا كما يشرح الفلاح "بعد تأجيل الإنتخابات أصبح الوضع في ليبيا متوتراً وازداد الاحتقان كما انطلقت الحركات الشعبية بالتظاهرات المطالبة برحيل الطبقة السياسية لأنها فشلت في إدارة البلاد كما نهبت خيراتها".
ورغم القمع أكد أن "الناشطين يرسمون خطة بديلة قد تتمثل بإعلان العصيان المدني عوضاً عن خيار الشارع للحفاظ على سلامة المتظاهرين ومنع اختراقهم من قبل مندسين تابعين للسلطة".
وأكد أن الشعب بات جاهزاً للاعتراض "على المسؤولين بعد أن بات لا يملك أدنى مقومات الحياة الكريمة".