بينما تشهد الساحة السياسية في العراق، توترات أمنية وسياسية وخلافات بين التيار الصدري وعدد من الجهات الشيعية المنضوية في الإطار التنسيقي، على خلفية الانتخابات النيابية ونتائجها وتشكيل الحكومة وانتخاب رئيس للبلاد؛ شهدت محافظة ميسان، جنوبي العراق، اغتيالات عدة طاولت أعضاء في كل من التيار الصدري وعصائب أهل الحق، آخرها مقتل كرار أبو رغيف، وهو أحد أتباع التيار الصدري في المحافظة.
ورغم دعوات حكومية وسياسية الى تهدئة الأوضاع، إلا أن أصابع الاتهام توجه في هذه الاغتيالات إلى عصائب أهل الحق وسرايا السلام (التابع للتيار الصدري)، في وقت تتخوف بعض الأوساط العراقية من أن تكون هذه الإغتيالات ناجمة عن تصفية حسابات بين الطرفين، ما يُنذر باستمرار مسلسل إراقة الدماء.
هذا وأعلن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، الخميس، عن إرسال وفد إلى محافظة ميسان العراقية، للتهدئة، فيما دعا مسؤولي العصائب الى التعاون مع اللجنة.
ضبط النفس
في سياق متصل، استبعد المحلل الأمني العراقي فاضل أبو رغيف، تطوّر الأمور إلى الأسوأ، وقال في حديث لـ"جسور"، "أعتقد أنه سيتمّ تطويق الأزمة والأحزاب البارزة على مسرح ميسان تداركت الأمر، والتيار الصدري سيتمكن من ضبط مناصريه وإلزامهم بقراراته وتوجيهاته، كونه يعتمد على زعامة روحية".
وتابع: "لكن إن لم يتم الإهتداء إلى منطق العقل والحكمة، فالموضوع سيتخذ منحى آخر".
من جهته، اعتبر الباحث بالشأن السياسي العراقي، داوود الحلفي، في حديث لـ"جسور"، أن "الحوادث والاغتيالات الأخيرة تهدد الأمن في البلاد عموماً، وفي ميسان خصوصاً، لكن القيادات العليا في المحافظة (التيار الصدري وعصائب أهل الحق) أصدرت بيانات لضبط النفس ودرء الفتنة والتخلص من أي مخطط تديره دول الخارج هدفه إشعال الفتنة بين أبناء الوطن الواحد".
ورأى أن "حكمة القيادتين قادرة على ضبط إيقاع الأمن في ميسان وإفشال المحاولات التي لا تريد للأمن العراقي الاستقرار"، لافتاً إلى أن "الطرفين أشاروا إلى أن هناك أصابع خفية تدار من قبل الخارج ومن قبل مافيات محلية تنفذ مشروعاً فتنويّاً يريد أن يجرّ العراق إلى حرب شيعية – شيعية".
دعوات للتهدئة
يُذكر أن مسلحين يستقلون دراجة نارية، أطلقوا النار على مركبة كان يستقلها كرار أبو رغيف، في حي المعلمين في محافظة ميسان، ما أدّى إلى مقتله، أما زوجته التي كانت برفقته فأُصيبت بجروح خلال الهجوم.
وشدد زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، على أن الاستهداف بهذا الوقت يهدف للضغط من أجل التحالف، داعياً لـ "التهدئة بين سرايا السلام والعصائب في المحافظة".
كما أعلن في بيان، إرسال وفد يتكوّن من 3 رجال دين شيعة إلى محافظة ميسان بهدف "تهدئة الفتنة التي أججتها السياسة بين الإخوة في التيار والعصائب".
وأضاف أن "هناك من يريد إشعال الحرب الشيعية الشيعية وتهديد السلم الأهلي"، دون تسمية جهات محددة، فيما دعا الصدر الطرفين إلى التعاون مع الوفد "ودرء الفتنة".
بدوره، دعا زعيم عصائب أهل الحق، قيس الخزعلي، في بيان أهالي ميسان إلى الحذر مما وصفه بـ"مشروع فتنة، يراد إيقاعه بين أبناء الوطن الواحد والمذهب الواحد والمحافظة الواحدة".
عقاب قاسٍ
وكان رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، زار المحافظة على الأثر، وتوعد باتخاذ إجراءات سريعة لمعالجة تداعيات اغتيال كل من القاضي أحمد فيصل الساعدي والرائد حسام العلياوي في ميسان أيضا، والقصاص من المجرمين، فضلا محاسبة كل من يعمل على العبث بأمن المحافظة الجنوبية واستقرارها.
وقال خلال اجتماعه بقيادات الأجهزة الأمنية في ميسان، "نحن هنا اليوم لنقول للمجرمين ستنالون العقاب القاسي، ولا يعتقد أحد أن بإمكانه أن يعلو فوق القانون، أو يسعى إلى إشاعة الفوضى دون محاسبة".
وقام مسلحون مجهولون، السبت الماضي، باغتيال القاضي أحمد الساعدي، المختص بقضايا المخدرات في محكمة استئناف ميسان، وسبقه اغتيال الضابط في وزارة الداخلية حسام العلياوي، في وقت متأخر من ليل الأربعاء الماضي على يد مسلحين مجهولين في المحافظة ذاتها.
وحسام العلياوي هو شقيق وسام العلياوي، القيادي في حركة "عصائب أهل الحق" التابعة لـ"الحشد الشعبي"، الذي قتل في أكتوبر/ تشرين الأول 2019 في ميسان أيضا.
وتأتي التطورات الأخيرة وسط خلافات بين القوى الشيعية، التي تملك معظمها أذرعاً مسلحة، بشأن اختيار رئيس للحكومة المقبلة وكيفية تشكيلها.
ويعود تاريخ الخلافات بين التيار الصدري وعصائب أهل الحق إلى سنوات طويلة، منذ انشقاق قيس الخزعلي عن التيار الصدري وتأسيسه "عصائب أهل الحق" عام 2006.