وسط التجاذبات السياسية المحيطة بملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، تطور جديد برز مع إعلان وزير الخارجية اللبنانية عبدالله بو حبيب أن الرسالة التي أرسلها لبنان في 28 يناير/كانون الثاني الماضي إلى الأمم المتحدة والتي تجعل المنطقة بين الخط 23 والخط 29 متنازعا عليها قد تم حذفها عن الموقع الرسمي لقسم شؤون المحيطات وقانون البحار في الأمم المتحدة.
بو حبيب وضع فرضية الخطأ الفني آملاً إعادة نشر الرسالة خلال ساعات، ومتسائلاً عمن تجرأ واتخد القرار بإزالة وثيقة رسمية لبنانية تحافظ على حقوق الشعب اللبناني في ثروته التي تقدر بمليارات الدولارات بين الخط 23 والخط 29.
استغباء للعقول
وللوقوف على حقيقة الاختراق السيبيري لموقع الأمم المتحدة، تواصلت "جسور" مع الخبير بالأمن المعلوماتي والتحول الرقمي رولان أبي نجم الذي أكد أن كلام وزير الخارجية "خطير وينم عن عدم مسؤولية كونه يتهم موقع الأمم المتحدة من دون إثباتات".
وأوضح أبي نجم أن "اختراق هذا الموقع مستحيل لما يخضع له من معايير أمن وحماية عالية كونه معرّض لآلاف محاولات الاختراق في الثانية" ويضيف قائلاً "أما في حال تعرضه لأي اختراق فبالإمكان تعقب المخترق ومعرفة هويته بسرعة قياسية".
وأشار في المقابل إلى أن "الرسالة الموجهة إلى الأمم المتحدة كانت موجودة بالفعل على الموقع" جازماً أن الجانب اللبناني قام بسحبها بسبب تراجعه عن الوعود التي قدمها فيها.
واعتبر أن ما أدلى به وزير الخارجية ليس سوى استغباء للشعب اللبناني ومحاولة للتذاكي من قبل السلطة.
سبب الرسالة
وللوقوف على أهمية الرسالة التي أحدثت البلبلة في البلد، تواصلت "جسور" مع العميد المتقاعد في قوى الأمن الداخيل ناجي ملاعب الذي أعاد التذكير بالأسباب التي دفعت لبنان إلى إرسال تلك الرسالة، فبعد توقف المفاوضات حول ترسيم الحدود البحرية بين الجانبين اللبناني والاسرائيلي عند الجولة الخامسة، والتي جرت بموجب بيان رئاسي حدد أن التفاوض يتم وفق حقوق لبنان في الخط 29، عادت إسرائيل واستعانت بالوسيط الأميركي آموس هوكشتاين، وأعطته حرية التصرف والعمل على تحديد الثروات وعدم التقيد بالخطوط ما اعتبره "من ناحية "فن التفاوض" صحيحاً".
أما بعد نسفها كل الاتفاقيات، "اضطر لبنان الى سلك الطريق الصحيح وقام بتوجيه الرسالة الشهيرة إلى الأمم المتحدة والتي تعتمد الخط 29 بما فيها من إنذار واضح، لاسرائيل كما للشركات التي من المحتمل أن تتعاون معها، بأن حقل كاريش هو حقل متنازع عليه ضمن الخطوط التي يرسمها لبنان للتفاوض دون ذكر الرقم 29"
ورأى ملاعب في عدم الإشارة إلى الرقم 29 اشارة الى أنه رقم معتمد بين المكتب البريطاني والحكومة اللبنانية بالتالي ما لم يرسل لبنان تعديلاً للمرسوم 6433 إلى الأمم المتحدة بالخط 29 يبقى خطاً داخلياً ولا يمكن إدراجه في رسالة لبنان إلى الأمم المتحدة، غير أن مضمون الرسالة منطلق من الخط 29" .
بيع الخط 29
وعن اختفاء الرسالة عن موقع الأمم المتحدة، أكد ملاعب أن "من له مصلحة بسحبها هو من باع الخط 29 لصالح الخط 23"
وتابع قائلا: "بعد عودة الوسيط الأميركي مجدداً إلى لبنان الأسبوع الماضي، صدر تصريح عن رئيس الجمهورية يقول فيه إن خطنا هو 23 اعتقادا ًمنه أن هذا الخط يعطينا حقوقنا"
لكن ملاعب رفض هذه المقولة باعتبار حقل قانا ستشارك فيه إسرائيل، وعندها سيدخل لبنان في تفاوض مستقبلي شبيه بالتفاوض ببن إسرائيل وقبرص والذي يشترك في حقله البحري " اوغاريت" العدو بعشرة في المئة وهو لم ينهِ تفاوضه بعد منذ عشر سنوات.
نقطة أخيرة علّق عليها ملاعب للتأكيد على أهمية الرسالة "المادة التي وردت في آخر الرسالة تشير إلى إمكانية إقدام لبنان على تعديل المرسوم 6433 وإرساله معدلاً إلى الأمم المتحدة في حال لم يتم الترسيم خلال العهد الحالي، بالتالي تعد هذه الورقة بمثابة وثيقة هامة تعطينا حق التعديل ما ينسف كلام الرئيس".
لكن الأجواء توحي أن هولشتاين عائد إلى لبنان قريباً، وأن الترسيم سيتم بعد شهرين وفق الرؤية الجديدة للخط 23 إذ أن سحب الرسالة يسمح للبنان التوقيع على ترسيم الحدود كما يريده الأميركي والاسرائيلي.