جولات تصعيدية يخوضها العراق، تجددت مع مطالبة زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، بحل البرلمان خلال أسبوع، مما أحرج القوى السياسية، ووضع القضاء في "مأزق".
وفي تغريدة له، طالب زعيم التيار الصدري، "الجهات القضائية المختصة وبالأخص رئيس مجلس القضاء الأعلى" بالتدخل، و"تصحيح المسار خصوصًا بعد انتهاء المهل الدستورية الوجيزة وغيرها للبرلمان باختيار رئيس للجمهورية وتكليف رئيس وزراء بتشكيل حكومة."
وقال الصدر إن على القضاء أن "يقوم بحل البرلمان خلال مدة لا تتجاوز نهاية الأسبوع المقبل"، وأن يكلّف "رئيس الجمهورية بتحديد موعد انتخابات مبكرة مشروطة"، مؤكدًا أنه سيعلن عن تلك الشروط لاحقًا.
وأضاف أنه "خلال ذلك الوقت يستمر الثوار باعتصاماتهم"، مهددًا بأنه "سيكون لهم موقف آخر إذا ما خُذل الشعب مرة أخرى".
رأيان دستوريان
وحول إمكانية حل البرلمان بواسطة المحكمة الاتحادية، قال الخبير القانوني علي التميمي في حديث لـ "جسور"، إن "هناك رأيين في الأمر، الأول يتضمن عدم أحقية حل مجلس النواب من قبل القضاء استناداً للمادة 64 من الدستور، فيما يذهب فريق آخر إلى جواز ذلك بالاعتماد على المادة 59 من القانون المدني".
وتابع: "أما الرأي الثاني، فإن المادة 59 من القانون المدني والمادة 74 تحدثت عن الشخصية المعنوية ويمكن لمحكمة إذا كانت الشخصية المعنوية غير قادرة على أداء دورها، اعطاؤها الامكانية لحل تلك المؤسسة في حال لم تستطع تحقيق الغرض الذي نشأت من أجله".
ولفت إلى أن "الأساس القانوني الذي يمكن من خلاله بحسب أصحاب الرأي الثاني حلّ البرلمان من قبل المحكمة الاتحادية، مؤكدا أنه "مضت 10 أشهر ولم يستطع البرلمان، أداء دوره لذلك إمكانية الحل ذاتياً من قبل المحكمة الاتحادية وفق النصوص الدستورية ووفق الولاية العامة للمحكمة، لكونها أعلى هيئة قضائية في العراق".
"اقتتال سياسي"
دعوة الصدر لحل البرلمان فسرها مراقبون، بأن زعيم التيار الصدري لا يريد أن يترك للمعترضين على مطالبه بحل البرلمان والذهاب نحو انتخابات مبكرة، فرصة للمماطلة واللعب على عامل الوقت والتذرع بالسياقات الدستورية.
وفي هذا السياق، رأى مستشار المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية، المحلل السياسي، الدكتور الناصر دريد في اتصال مع "جسور"، أنّ نظام المحاصصة باق لأن الصراع الدائر حاليا هو بين الأوساط الشيعية فقط، لافتا إلى أنّ الصدر يريد أن يتحالف مع قوة تمثّل الأكراد وقوة تمثّل السنّة، لكنه هذه المرة يريد أن يحتكر هو تمثيل الشيعة وربما تكون هذه مقدمة مستقبلية كي يلغي تمثيل السنّة والأكراد، ويحاول أن يسيطر لوحده على كل العراق، لكن حتى الان لا يبدو ذلك ممكنا في المدى المنظور، وفق دريد.
رأي آخر عبّر عنه رئيس مركز آسيا للدراسات الاستراتيجية، الدكتور قاسم بلشان التميمي، لافتا إلى أن مطالبة الصدر بحل البرلمان خلال مدة لا تتجاوز نهاية الأسبوع المقبل هي من باب الضغط على الكتل والأحزاب السياسية الأخرى للإسراع والاهتمام بمطالبه التي يركّز عليها دائما ومن بينها حلّ البرلمان أو لربما هناك مفاوضات يشعر بها الصدر وأراد أن يرفع سقف المفاوضات حتى يستطيع أن يمرّر شروطه على المتفاوضين معه.
ورجّح التميمي، أن مطالب الصدر تأتي ضمن رؤيته إلى مستقبل العملية السياسية كونه يعي أن هكذا مطلب من الصعب تحقيقه خلال المدة التي وضعها، لكنه أراد أن يبعث رسالة إلى خصومه السياسيين مفادها أنه قادر على افتعال أمور أخرى تتعدى الاعتصامات أو احتلال مجلس النواب، وربما يفكّر وفق التميمي باحتلال مبان حكومية أو أن يقوم بتحريك أفراده في المناطق الجنوبية للاستلاء على مبان حكومية في المحافظات الجنوبية، وبالتالي يقول التميمي لـ "جسور" إن كل هذا يأتي ضمن "اقتتال سياسي" أخذ صورة خشنة لا تحمد عقباه.
وتمنى رئيس مركز آسيا للدراسات الاستراتيجية على الجميع أن يتفهّم صعوبة المرحلة الحالية، مشددا على أنّ أي تصعيد يشكّل خطرا على العراق.
الإطار التنسيقي يرفض
بدروها، رفضت قوى الإطار التنسيقي بطريقة ضمنية، دعوة الصدر، داعية إلى احترام المؤسسات الدستورية في العراق، وفي مقدمتها السلطة القضائية والتشريعية.
وطالبت "الإطار التنسيقي"بالإسراع في حسم مرشح رئاسة الجمهورية وتشكيل حكومة خدمية تعالج المشاكل الخدمية والأمنية، وتشكيل حكومة قادرة على تجاوز التحديات التي تواجهها البلاد، خصوصا في مجال الطاقة وشح المياه وعدم إقرار الموازنة الاتحادية".
وعلى وقع مخاوف من انجرار طرفي الأزمة السياسية إلى صدام مسلح، حذر رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي كل الأطراف من الانزلاق العنف داعية الجميع إلى الحوار.
وقال الكاظمي "ليس لدينا خيار غير الحوار لألف سنة أفضل من لحظة نصطدم بها كعراقيين"، داعيا الكتل السياسية إلى تحمل مسؤولياتها بحل موضوع الانسداد السياسي واللجوء للحوار لحل الخلافات من أجل مصلحة العراق ومستقبله .