"هذه اللحظات حصلت معي ومع ابني محمد، المشهد نفسه، قتل بدم بارد، ولكن ما يختلف هو الزمان، بكيت عندما سمعت الصرخات على الصحافية شيرين وكأني كنت في المكان نفسه، مثلما حصل معي ومع ابني"، انه أول تعليق لوالد الطفل محمد الدرّة الذي اغتيل عام 2000، على اغتيال شيرين أبو عاقلة التي قُتلت برصاص قوات الاحتلال الاسرائيلي الأربعاء، أثناء ممارستها عملها الصحافي، خلال تغطية اقتحام مخيم جنين الفلسطيني.
مشهد اغتيال الصحافية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة، أعاد إلى الأذهان مشهد اغتيال الطفل محمد الدرة أثناء انتفاضة المسجد الأقصى في سبتمبر/أيلول عام 2000، وكانت عدسة المصور الفرنسي شارل إندرلان وثقت مشهد احتماء جمال الدرة ونجله محمد البالغ من العمر 12 عامًا، خلف برميل إسمنتي.
التحقيقات
تعليقا على الضبابية التي اكتنفت اغتيال الشهيدة شيرين أبو عاقلة، أشار المسؤول الإعلامي لمؤسسة سمير قصير في لبنان، جاد شحرور، في حديث لـ"جسور" الى أن "المجتمع الدولي يجب أن يكشف تفاصيل اغتيال أبو عاقلة في أسرع وقت ممكن، لأن التعدي على الصحافيين يزداد بوتيرة متسارعة، فعلى سبيل المثال تم استهداف مؤسسات إعلامية عربية ودولية خلال اشتبكات الشيخ جراح، لكن لم يحاسب مرتكبو هذه الجرائم مما يعزز ظاهرة الإفلات من العقاب".
على صعيد متصل، بينما تلاحقت ردود الفعل المندّدة والمطالبة بتحقيق مستقل، تواترت الشهادات والمؤشرات على أن استهداف أبو عاقلة كان مقصودا، في حين رفضت السلطة الفلسطينية طلبا للاحتلال بتسليمه الرصاصة القاتلة، اذ أشار عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ، الى أن "إسرائيل طلبت تحقيقا مشتركا وتسليمها الرصاصة التي اغتالت الصحافية شيرين ورفضنا ذلك".
وأضاف "أكدنا على استكمال تحقيقنا بشكل مستقل وسنطلع عائلتها وأميركا وقطر وكل الجهات الرسمية والشعبية بنتائج التحقيق بشفافية عالية، كل المؤشرات والدلائل والشهود تؤكد اغتيالها من وحدات خاصة إسرائيلية".
وكانت السلطة الفلسطينية أجرت تشريحا لجثمان الشهيدة شيرين، وقال مدير معهد الطب العدلي ريان العلي، إنه تم استخراج جزء من الرصاصة التي أدت إلى مقتل شيرين بعد إصابتها بالرأس، في حين لم يقدم تفاصيل عن نوع الرصاصة أو السلاح الذي أطلقت منه.
إرباك اسرائيلي
تغيرت الرواية الإسرائيلية عن مقتل شيرين أبو عاقلة 4 مرات منذ اغتيالها؛ ففي المرة الأولى تحدّثت مصادر عسكرية إسرائيلية عن أنه تم تحييد مخربين اثنين في تلك المنطقة، من دون إعطاء تفاصيل.
ثم سرعان ما غير الاحتلال روايته بعد تأكد مقتل شيرين، حيث تحدثت المصادر العسكرية الإسرائيلية عن أنهما (أي شيرين وزميلتها التي كانت برفقتها) تعرضا لرصاص مسلحين فلسطينيين.
وذلك قبل أن تتغير الرواية الإسرائيلية للمرة الثالثة على لسان رئيس الأركان الإسرائيلي ثم وزارة الخارجية الإسرائيلية التي قالت إنه لا يمكن تحديد جهة النيران التي استهدفت شيرين أبو عاقلة، مع بدء الحديث عن الأسف لمقتلها.
أما الرواية الرابعة، فبدأت تتشكل بعدما نقلته صحيفة هآرتس الاسرائيلية، عن تحقيق رسمي من أن وحدة دوفدوفان الإسرائيلية أطلقت عشرات من طلقات الرصاص باتجاه الشمال حيث شيرين أبو عاقلة، وأنها كانت على بعد 150 مترا لحظة استهدافها. بالتوازي مع الرواية الرابعة، أشار مصدر أمني لإذاعة الجيش الاسرائيلي (غالاتس)، إلى أن "شيرين أبو عاقلة كانت إلى الشمال من قوة الجيش الإسرائيلي وكانت معظم الرصاصات التي أطلقها المقاتلون في الجنوب. ومع ذلك، تم إطلاق عدد قليل من الرصاصات في اتجاه الشمال".
وأضاف: "لذلك لا يستبعد الجيش الإسرائيلي تماما إمكانية إصابة الصحافية برصاص جنوده، هناك أيضا احتمال أن تكون أصيبت بسلاح ناري".
انتهاكات بالجملة!
استشهاد شيرين أبو عاقلة ليس الانتهاك الوحيد من الاحتلال، فقد تواصلت الانتهاكات الإسرائيلية من اعتقالات وقتل وعرقلة خلال الحوادث الميدانية التي يغطيها الصحافيون على الأراضي الفلسطينية.
وهنا لفت المسؤول الإعلامي لمؤسسة سمير قصير جاد شحرور، إلى أن "التعدي على الصحافيين سيستمر في المرحلة المقبلة خصوصا في تغطية الحروب".
وأوضح" قبل عام 2019، رصدنا انتهاكات شتى بحق الصحافيين في سوريا وفلسطين والأردن ولبنان، لكن لاحظنا أن الانتهاكات في فلسطين هي دموية لأنها تتعلق بالتعذيب والسجن والاعتقالات التعسفية وأساليب تعسفية أخرى".
وأضاف"لبنان أصبح يشبه فلسطين في الآونة الأخيرة، اذ تم استخدام الرصاص المطاط والرصاص الحي في الثورة الشعبية عام 2019، مما أدى الى جرح عدد من الصحافيين والمصورين الصحافيين".
100 انتهاك في شهر
في السياق، ومع بداية العام رصد المركز الفلسطيني للحريات والتنمية "مدى" 100 انتهاك ضد الصحفيين، معظمها خلال شهر أبريل/نيسان الماضي وتركزت ضد الصحافيين في القدس المحتلة ومخيم جنين، خلال تغطيتهم الحوادث.
وفي بيان إدانة له، قال مركز "مدى" إن "إمعان قوات الاحتلال الإسرائيلي في ارتكاب مزيد من الجرائم والاعتداءات الجسيمة بحق الصحافيين الفلسطينيين ووسائل الإعلام الفلسطينية، يؤكد أن الهدف الأساس من وراء ذلك هو حجب جرائم الاحتلال اليومية بحق الشعب الفلسطيني عن الرأي العام العالمي".
وبحسب بيان "مدى"، فإن إفلات مرتكبي جميع هذه الجرائم والانتهاكات الإسرائيلية ضد الصحافيين ووسائل الإعلام في فلسطين يشجع الاحتلال على ارتكاب المزيد منها، مطالبا بملاحقة مرتكبي هذه الجرائم وتقديمهم للعدالة.
وكان المركز الفلسطيني للحريات والتنمية "مدى"، قد وثق خلال عام 2021 ما يزيد على 368 انتهاكا، من بينها 155 انتهاكا مباشرا بين إصابات وقتل، حيث استشهد 3 صحافيين خلال العدوان على القطاع هم: محمد شاهين، وعبد الحميد الكولك، ويوسف محمد أبو حسين.
مشهد اغتيال الصحافية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة، أعاد إلى الأذهان مشهد اغتيال الطفل محمد الدرة أثناء انتفاضة المسجد الأقصى في سبتمبر/أيلول عام 2000، وكانت عدسة المصور الفرنسي شارل إندرلان وثقت مشهد احتماء جمال الدرة ونجله محمد البالغ من العمر 12 عامًا، خلف برميل إسمنتي.
التحقيقات
تعليقا على الضبابية التي اكتنفت اغتيال الشهيدة شيرين أبو عاقلة، أشار المسؤول الإعلامي لمؤسسة سمير قصير في لبنان، جاد شحرور، في حديث لـ"جسور" الى أن "المجتمع الدولي يجب أن يكشف تفاصيل اغتيال أبو عاقلة في أسرع وقت ممكن، لأن التعدي على الصحافيين يزداد بوتيرة متسارعة، فعلى سبيل المثال تم استهداف مؤسسات إعلامية عربية ودولية خلال اشتبكات الشيخ جراح، لكن لم يحاسب مرتكبو هذه الجرائم مما يعزز ظاهرة الإفلات من العقاب".
على صعيد متصل، بينما تلاحقت ردود الفعل المندّدة والمطالبة بتحقيق مستقل، تواترت الشهادات والمؤشرات على أن استهداف أبو عاقلة كان مقصودا، في حين رفضت السلطة الفلسطينية طلبا للاحتلال بتسليمه الرصاصة القاتلة، اذ أشار عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ، الى أن "إسرائيل طلبت تحقيقا مشتركا وتسليمها الرصاصة التي اغتالت الصحافية شيرين ورفضنا ذلك".
وأضاف "أكدنا على استكمال تحقيقنا بشكل مستقل وسنطلع عائلتها وأميركا وقطر وكل الجهات الرسمية والشعبية بنتائج التحقيق بشفافية عالية، كل المؤشرات والدلائل والشهود تؤكد اغتيالها من وحدات خاصة إسرائيلية".
وكانت السلطة الفلسطينية أجرت تشريحا لجثمان الشهيدة شيرين، وقال مدير معهد الطب العدلي ريان العلي، إنه تم استخراج جزء من الرصاصة التي أدت إلى مقتل شيرين بعد إصابتها بالرأس، في حين لم يقدم تفاصيل عن نوع الرصاصة أو السلاح الذي أطلقت منه.
إرباك اسرائيلي
تغيرت الرواية الإسرائيلية عن مقتل شيرين أبو عاقلة 4 مرات منذ اغتيالها؛ ففي المرة الأولى تحدّثت مصادر عسكرية إسرائيلية عن أنه تم تحييد مخربين اثنين في تلك المنطقة، من دون إعطاء تفاصيل.
ثم سرعان ما غير الاحتلال روايته بعد تأكد مقتل شيرين، حيث تحدثت المصادر العسكرية الإسرائيلية عن أنهما (أي شيرين وزميلتها التي كانت برفقتها) تعرضا لرصاص مسلحين فلسطينيين.
وذلك قبل أن تتغير الرواية الإسرائيلية للمرة الثالثة على لسان رئيس الأركان الإسرائيلي ثم وزارة الخارجية الإسرائيلية التي قالت إنه لا يمكن تحديد جهة النيران التي استهدفت شيرين أبو عاقلة، مع بدء الحديث عن الأسف لمقتلها.
أما الرواية الرابعة، فبدأت تتشكل بعدما نقلته صحيفة هآرتس الاسرائيلية، عن تحقيق رسمي من أن وحدة دوفدوفان الإسرائيلية أطلقت عشرات من طلقات الرصاص باتجاه الشمال حيث شيرين أبو عاقلة، وأنها كانت على بعد 150 مترا لحظة استهدافها. بالتوازي مع الرواية الرابعة، أشار مصدر أمني لإذاعة الجيش الاسرائيلي (غالاتس)، إلى أن "شيرين أبو عاقلة كانت إلى الشمال من قوة الجيش الإسرائيلي وكانت معظم الرصاصات التي أطلقها المقاتلون في الجنوب. ومع ذلك، تم إطلاق عدد قليل من الرصاصات في اتجاه الشمال".
وأضاف: "لذلك لا يستبعد الجيش الإسرائيلي تماما إمكانية إصابة الصحافية برصاص جنوده، هناك أيضا احتمال أن تكون أصيبت بسلاح ناري".
انتهاكات بالجملة!
استشهاد شيرين أبو عاقلة ليس الانتهاك الوحيد من الاحتلال، فقد تواصلت الانتهاكات الإسرائيلية من اعتقالات وقتل وعرقلة خلال الحوادث الميدانية التي يغطيها الصحافيون على الأراضي الفلسطينية.
وهنا لفت المسؤول الإعلامي لمؤسسة سمير قصير جاد شحرور، إلى أن "التعدي على الصحافيين سيستمر في المرحلة المقبلة خصوصا في تغطية الحروب".
وأوضح" قبل عام 2019، رصدنا انتهاكات شتى بحق الصحافيين في سوريا وفلسطين والأردن ولبنان، لكن لاحظنا أن الانتهاكات في فلسطين هي دموية لأنها تتعلق بالتعذيب والسجن والاعتقالات التعسفية وأساليب تعسفية أخرى".
وأضاف"لبنان أصبح يشبه فلسطين في الآونة الأخيرة، اذ تم استخدام الرصاص المطاط والرصاص الحي في الثورة الشعبية عام 2019، مما أدى الى جرح عدد من الصحافيين والمصورين الصحافيين".
100 انتهاك في شهر
في السياق، ومع بداية العام رصد المركز الفلسطيني للحريات والتنمية "مدى" 100 انتهاك ضد الصحفيين، معظمها خلال شهر أبريل/نيسان الماضي وتركزت ضد الصحافيين في القدس المحتلة ومخيم جنين، خلال تغطيتهم الحوادث.
وفي بيان إدانة له، قال مركز "مدى" إن "إمعان قوات الاحتلال الإسرائيلي في ارتكاب مزيد من الجرائم والاعتداءات الجسيمة بحق الصحافيين الفلسطينيين ووسائل الإعلام الفلسطينية، يؤكد أن الهدف الأساس من وراء ذلك هو حجب جرائم الاحتلال اليومية بحق الشعب الفلسطيني عن الرأي العام العالمي".
وبحسب بيان "مدى"، فإن إفلات مرتكبي جميع هذه الجرائم والانتهاكات الإسرائيلية ضد الصحافيين ووسائل الإعلام في فلسطين يشجع الاحتلال على ارتكاب المزيد منها، مطالبا بملاحقة مرتكبي هذه الجرائم وتقديمهم للعدالة.
وكان المركز الفلسطيني للحريات والتنمية "مدى"، قد وثق خلال عام 2021 ما يزيد على 368 انتهاكا، من بينها 155 انتهاكا مباشرا بين إصابات وقتل، حيث استشهد 3 صحافيين خلال العدوان على القطاع هم: محمد شاهين، وعبد الحميد الكولك، ويوسف محمد أبو حسين.