انتهت ولاية الرئيس اللبناني ميشال عون، ودخلت البلاد للمرة الثالثة بعد العام 2005، في فراغ رئاسي وسط غياب أي مؤشرات إلى إمكانية انتخاب رئيس جديد للجمهورية في المدى المنظور.
آخر قرار وقعه عون كان مرسوما رئاسيا يعتبر حكومة نجيب ميقاتي مستقيلة من مهامها، ليعلّق عليه ميقاتي، وهو مكلف أيضا بتشكيل الحكومة الجديدة، بأن الحكومة مستقيلة أصلا وأن قرار الرئيس بإعلان استقالتها "يفتقر إلى قيمة دستورية".
وبين إصرار التيار الوطني الحر على انتخاب رئيس "قوي"، وحزب الله على انتخاب رئيس لا يأخذ أوامره من الأميركيين، من جهة، ومحاولة ميقاتي القيام بأعمال رئاسة الجمهورية وتوسيع صلاحياته من جهة أخرى، يبدو أن الأزمة متجهة الى مزيد من التعقيد، وقد يدوم الشغور في سدة الرئاسة لفترة طويلة، وقد تمتد إلى "ما بعد عيد رأس السنة الميلادية"، بحسب ما ذكر الصحافي والمحلل السياسي جوني منيّر.
كباشٌ دستوري
وقال منيّر في حديث لـ"جسور"، إن "المرحلة المقبلة ستشهد على كباش دستوري سياسي واضح بين باسيل ميقاتي، إلا أن الأخير لا يبدو قلقاً كثيراً وهو يخطط لتنفيذ مشاريع مهمة، منها تأمين الكهرباء لمدة 8 ساعات يوميّاً".
وتابع: "في حال حصل ذلك، الدولار سينخفض بحسب المؤشرات السياسية، لكنه سيعود ويرتفع بسبب تدهور الوضع الاقتصادي".
وتوقع منيّر أن "يلجأ باسيل لخطاب غرائزي يتمحور حول حقوق المسيحيين ومحاولة سلب المسلمين صلاحيات رئيس الجمهورية، في وقت أن لبنان من دون رئيس".
كما شدّد على أنه "علينا إنتظار التطورات الإقليمية بعد رأس السنة لمعرفة ماذا ينتظر لبنان سياسيّاً".
شغور رئاسي
ودخل لبنان في مرحلة شغور رئاسي، يتعين فيها وفق الدستور انتقال صلاحيات الرئيس الى مجلس الوزراء، مع فشل النواب خلال أربع جلسات سابقة في انتخاب بديل.
لكن الخلافات السياسية حالت منذ الانتخابات النيابية من دون تشكيل حكومة جديدة، بينما تواصل حكومة تصريف الأعمال ممارسة مهماتها.
ومنذ أسابيع، يتبادل عون وميقاتي الاتهامات بتعطيل تأليف حكومة نتيجة شروط وشروط مضادة.
وفي رسالة وجّهها الى البرلمان الأحد بعد توقيعه مرسوم اعتبار الحكومة مستقيلة، اتهم عون ميقاتي بأنه "غير راغب في تأليف حكومة بل الاستمرار على رأس حكومة تصريف أعمال".
وتعد حكومة ميقاتي عملياً مستقيلة منذ الانتخابات البرلمانية في مايو/ أيار. وعادة ما يصدر رئيس الجمهورية مرسوم اعتبار الحكومة مستقيلة، في اليوم ذاته الذي يوقع فيه مرسومي تعيين رئيس الحكومة وتشكيل حكومة جديدة.
وفي لبنان، غالباً ما يستغرق انتخاب رئيس أشهراً. في العام 2016، انتخب عون رئيساً بعد 46 جلسة انتخاب خلال أكثر من عامين. وبحسب الفصل 49 من الدستور اللبناني، ينتخب رئيس الجمهورية مسيحي ماروني بمقتضى الميثاق الوطني، بالاقتراع السري بغالبية الثلثين من مجلس النواب في الدورة الأولى، ويكتفى بالغالبية المطلقة في دورات الاقتراع التالية، وتدوم رئاسته 6 سنوات، ولا تجوز إعادة انتخابه إلا بعد 6 سنوات من انتهاء ولايته.