تتجه الأنظار مجدداً إلى شمال لبنان في ظل مخاوف لم تخفها سفارات أوروبية من بينها بريطانيا وفرنسا وإيطاليا، تعكس الخشية من حدوث فوضى أمنية تهدد استقرار البلد، إنطلاقاً من الشمال وتحديداً مدينة طرابلس، حيث تتمركز بؤر متطرفة مؤيدة للتنظيمات الإسلامية التكفيرية وفق ما يرّوج له دائماً.
الأجهزة الأمنية اللبنانية على اختلافها نفت علمها بالتحذيرات الواردة، فيما تعاملت غالبية القوى السياسية والرسمية بجدية معها لتؤكد مصادر سياسية من طرابلس وعكار وجود مبالغات، هدفها الإساءة إلى الشمال مجدداً.
الاستحقاقات تحرّك
لم يفاجأ الناشط في مجال حقوق الإنسان المحامي محمد صبلوح من ورود معلومات تسيء إلى طرابلس مرة جديدة وأشار في حديث لـ"جسور" أن "المدينة تعاني منذ سنوات من مؤامرة تحاك ضدها وتشوه صورتها كما توقع بأبنائها، ليس لسهولة اختراقها بل لعدم وجود مرجعيات سياسية ودينية تدافع عنها" متهماً "غرفاً سوداء بافتعال أحداث تزعزع استقرار طرابلس عند كل استحقاق دستوري".
وسأل "لماذا لا تحرك الملفات الأمنية في لبنان إلا عند كل استحقاق ثم تتوقف عند غياب الخلافات السياسية في البلد؟" مقدماً الجواب على ذلك "لقد تحولت طرابلس على مدى سنوات إلى حلبة صراع على النفوذ السياسي في لبنان لأن خاصرتها ضعيفة والأهم لكونها تفتقد إلى مرجعيات تدافع عنها".
وأضاف "رأينا بأم العين المؤامرات تحاك ضد المدينة دون أن يجرؤ أي من مرجعياتها السياسية والدينية على رفع الصوت والاعتراض".
فبركة ملفات
لم تسلم طرابلس من فبركة الملفات لزعزعة الاستقرار فيها كما يؤكد صبلوح "رغم إثباتها للجميع أنها عروس الثورة، الأمر الذي لم يعجب المتآمرين عليها".
وأعاد التذكير بحوادث أمنية عديدة وإشاعات مغرضة ضد المدينة " منذ سنتين أعلن أحد قضاة المدينة الشرعيين عن وجود عشرة آلاف إرهابي في طرابلس ثم اعترف لاحقاً أن ما قاله جاء نتيجة ضغط من الغرف السوداء مقابل حصوله على منصب أعلى".
وكشف صبلوح عن قيام الغرف السوداء "بإلصاق تهمة الإرهاب على بعض شباب طرابلس بعد سلسلة من المضايقات والإهانات إضافة إلى الضرب المبرح قبل التواصل معهم واسدائهم النصيحة بالتخلص من الإذلال عبر الذهاب إلى سوريا أو العراق والالتحاق بداعش".
كما تطرق إلى حادثة إطلاق نار حصلت منذ أقل من شهرين في أحد محال الهواتف الخليوية راح ضحيتها ثلاثة أشخاص ليوضح أن "كل الإشاعات عن اقتراب خضة أمنية في طرابلس والتي بثت قبيل حدوث الجريمة ثم الإيحاء بأن بصمة داعشية تحيط بالحادثة تؤكد أن الهدف منها كان إحداث فتنة لكن المعطيات التي واجهنا بها القضية حوّلت الملف من جريمة إرهاب إلى سرقة عادية".
الخارج عن القانون والوعي
لم يتوانَ صبلوح عن توضيح نقطة أساسية تتعلق بالخارجين عن القانون في طرابلس: "عدد المطلوبين بمذكرات توقيف غيابية في المدينة ليسوا أقل عدداً عن أولئك المطلوبين في مناطق أخرى من لبنان كبعلبك والهرمل والضاحية" مستغرباً "عدم الإضاءة على ما يحصل في تلك المناطق حيث القوى الأمنية تتعرض لاشتباكات مع خارجين عن القانون".
وتابع صبلوح مدافعاً عن أبناء طرابلس:"كل الذين أوقفوا في أحداث التبانة - جبل محسن خرجوا وانخرطوا في المجتمع ويتابعون حياتهم دون مشاكل بعد أن تحلّوا بالوعي الكافي".
وأضاف "لقد لمست هذا التطور عندما التقيت بالعشرات منهم إذ شرحوا لي أنهم كانوا ضحية مؤامرات سياسية مؤكدين عدم إعادة الكرة".
في الختام، لم يتردد صبلوح من تسجيل عتب على المرجعيات الدينية والسياسية في طرابلس "كان يجب أن تشكل سداً منيعاً في وجه الأبواق المأجورة وتعقد اجتماعات يومية لنشر التوعية وتقول إن طرابلس خاصرتها ليست رخوة".