لطالما أفضت سياسة العناد والتعنّت التي تُمارسها الطبقة السياسيّة المتحكّمة بالقرار في لبنان، وتغليب المصلحة الشخصيّة على مصلحة البلد، إلى زعزعة الاستقرار فيه، واضطراره في كثير من الأحيان إلى مواجهة عزلة على مختلف الأصعدة.
كثيرة هي الاستحقاقات المفصليّة التي تنتظر لبنان اليوم، أبرزها تشكيل حكومة وانتخاب رئيس جديد للجمهورية. صحيح أنها استحقاقات كبيرة، إنما يلتفّها الغموض والمحاصصات السياسيّة، كما كل شيء في لبنان. لكن وعلى الرغم من ذلك، يبدو وميض الأمل آتٍ من آخر النفق وصولاً إلى أوّله.
في هذا الإطار، يكشف الصحافيّ والكاتب السياسيّ وجدي العريضي لـ"جسور" عن معطيات ومعلومات تشير إلى أن لبنان سيكون حاضرًا من الزوايا السياسية والإقتصاديّة كافّة، وصولاً الى الإستحقاق الرئاسي في قمّة جدّة الخليجية المُنتظرة.
عن البيانات الختاميّة والبُعد الأمني للحزب
يعتبر العريضي في حديث لـ"جسور" أن زيارة أمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط إلى لبنان تأتي في توقيتٍ مفصلي، حيث يشهد لبنان سلسلة تطوّرات، ويواجه محطّات مفصليّة وتحديدًا الإستحقاق الرئاسي، إلى أزماته الإقتصاديّة والماليّة والسياسيّة"، مشيرًا إلى أن "هذه الزيارة سبقتها محطّات لا يُمكن إغفالها نظرًا لأهمّيتها القصوى، والتي تمثّلت بجولة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى كل من مصر والأردن وتركيا.
واللافت هنا البيانات الختاميّة ضمن لقاءات الأمير محمد بن سلمان مع كل من العاهل الأردنيّ عبدالله الثاني والرّئيس المصري عبد الفتاح السيسي حيث كان الشقّ اللبناني حاضرًا بقوّة من خلال تلك البيانات، ولا سيّما البُعد الأمني وتحميل حزب الله مسؤوليّة تقويض الحياة السياسيّة والإستقرار في لبنان وتدخّلاته في كلّ من سوريا والعراق واليمن".
تقريب المسافات.. والعودة لبنانيًّا
ويضيف العريضي: "هذه المباحثات التي أجراها ولي العهد السعودي تُوّجت بمحورٍ أساسي يُمكن البناء عليه من خلال مساعي رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي مع كل من الرياض وطهران، إذ ان لقاء الكاظمي مع ولي العهد السعودي ولاحقًا زيارته الى طهران من أجل تقريب المسافات بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية، هي مساعٍ تصب في خانة هذا الإهتمام الإقليمي والعربي، بمعنى أن لبنان دخل في دائرة العودة الى المساعي العربية الفاعلة التي حصلت في حقبة السبعينات والثمانينات والتسعينات وأنتجت اتفاق الطائف وأوقفت الحرب، وصولاً الى كل المؤتمرات العربية حيث كان لبنان حاضرًا".
لبنان يدخل دائرة الضوء
ويعتبر العريضي أنّ الحراك العربي من جولة أمين عام جامعة الدول العربية الى قمّة جدّة الخليجية المُنتظرة والتي ستشارك فيها مصر وتركيا والأردن، وقد يحضرها الرئيس الأميركي جو بايدن أيضًا، سيكون لبنان حاضرًا فيها من الزوايا السياسية والإقتصاديّة كافة الى الإستحقاق الرئاسي بحسب المعطيات والمعلومات، ناهيك عن أن الدور السعودي يتماهى مع حراكٍ يقوم به السفير السعودي في لبنان وليد البخاري حيث كانت له محطّة قبل عودته إلى بيروت في السعودية، من خلال حضوره الاجتماع الذي خُصّص لتفعيل ودعم الصندوق الإستثماري السعودي – الفرنسي والذي سيشمل أيضًا الشقّ التنموي، وقد تكون هناك محطّات أخرى لتفعيل هذا الحراك السعودي في المرحلة المقبلة، ما يعني أن لبنان دخل دائرة الضوء العربي والدولي والإقليمي، في وقت يبقى الإهتمام العربي له دلالاته في هذه الظروف المفصليّة التي تعصف بلبنان".