تطور غير مسبوق على امتداد تاريخ مجلس النواب العراقي تمثّل بانسحاب زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر من الحياة السياسية، خطوة أتت كتتويج لنحو ثمانية أشهر من انسداد الحلول السياسية وتعطل الاستحقاقات والآجال الدستورية.
في ظلّ انغلاق سياسي متأزم يهدد بالإنفجار، فاجأ زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، الأوساط السياسية، كما الرأي العام العالمي، بانسحابه الكامل من العملية السياسية في العراق، بتوجيه أعضاء التيار الصدري بتقديم استقالاتهم من البرلمان، وغلق مكاتبه السياسية في عموم المحافظات، وذلك بعد تقديمه أكثر من مهلة وفرصة للإطار التنسيقي، لتشكيل حكومة توافقية، فهل سيكون انسحاب الصدر نهائياً أم تكتيكياً، وهل يستطيع الإطار التنسيقي أن يشكّل حكومة بمفرده؟
"فوضى عارمة"
في هذا الخصوص، تحدث الباحث الاستراتيجي، الدكتور قاسم بلشان التميمي، في اتصال مع "جسور"، لافتا إلى أنّ "استقالة نواب التيار الصدري من البرلمان هي واحدة من أعراض اشتداد الأزمة السياسية"، موضحا "أنّ إصرار الصدر على عدم مشاركته في الحياة السياسية هو إجراء تكتيكي وضغط كبير على الكتل والأحزاب السياسية".
ورأى التميمي، أنّ "الإطار التنسيقي وإن شكّل حكومة فهو غير قادر على الإستمرار فيها، كون الصدر اختار المعارضة الشعبية على المعارضة السياسية وبالتالي المعارضة الشعبية أصبحت اليوم السلاح الفتاك، وأي حكومة يشكلها الإطار التنسيقي أو باقي الكتل والأحزاب السياسية الأخرى بعيدا عن التيار الصدري معرضة لتكون هدفا لتظاهرات شعبية كبيرة يقودها التيار الصدري".
وقال التميمي: "لا نستبعد أن تكون التظاهرات هذه المرة داخل المنطقة الخضراء، كما لا نستبعد أيضا إزالة العملية السياسية العراقية من جذورها، وبالتالي وصول البلاد إلى فوضى عارمة".
وبيّن أن "الصدر يمارس عمله السياسي بحرفية كبيرة ويحاول أن يؤثّر في خصومه عبر تخويفهم بأنه سيخرج إلى معارضة شعبية، التي إذا ما تبناها الصدر ستكون قوية ومؤثرة جدا على الساحة العراقية"، وفق التميمي.
من جهته، رأى رئيس قسم الصحافة في جامعة أهل البيت، الدكتور غالب الدعمي، أن "انسحاب الصدر موقت رغم أنه لمّح إلى انسحاب طويل الأمد من الحياة السياسية، إلا أنه سيعود بعد أيام أو ربما أشهر من تشكيل الحكومة التي ستفشل حتما، وسيكون له الدور البارز في المرحلة المقبلة".
قانوني يحسم الجدل!
وأوضح الخبير القانوني، علي التميمي، الية سحب الاستقالة أو العدول عنها في قانون العقوبات العراقي.
وقال التميمي، في حديث لـ "جسور" إنه "ثمة فرق بين الموظف الذي عهدت اليه الوظيفة العامة وفق المادة ٢ من قانون الخدمة المدنية الرقم ٢٤ لسنة ١٩٦٠، وبين المكلف بخدمة عامة والذي عهدت اليه خدمة عامة، مثلا النواب في البرلمان يعتبرون مكلفين بخدمة عامة وفقاً للمادة ١٩ من قانون العقوبات العراقي".
وأضاف، أن "الاستقالة تعرف بأنها قطع لرابط الوظيفة من الموظف اختياريا وهي تنبع من ارادة الموظف، وايضا بقبول من المدير والاثر القانوني الذي يترتب عليها مهم كذلك، ومن شروطها كذلك ان لا تكون هناك ظروف ضاغطة على ارادة الموظف".
وزاد التميمي، انه "في قانون الخدمة المدنية الرقم ٢٤ لسنة ١٩٦٠، وفي المادة ٣٥ منه تكون الاستقالة بطلب تحريري إلى المرجع الإداري وان يبت بها خلال ٣٠ يوماً وللموظف حق العدول عن الاستقالة ما دام لم يصدر بها أمر إداري خلال هذه المدة".
وأكد "بما ان الاستقالة الخاصة بأعضاء التيار الصدري قدمت إلى رئيس البرلمان وفق المادة ١٢ الفقرة ٢ من قانون مجلس النواب العراقي، الرقم ١٣ لسنة ٢٠١٨، ووافق عليها فهذه الاستقالة تحتاج الى إصدار أمر ديواني يؤكد الاستقالة وبعدها يُفاتح رئيس البرلمان مفوضية الانتخابات لإرسال أسماء البدلاء وهم أفضل الخاسرين في الدائرة الانتخابية، وذلك وفق المادة ١٥ من قانون الانتخابات الرقم ٩ لسنة ٢٠٢٠، وبعدها يحدد يوم لجلسة البرلمان لأداء البدلاء اليمين الدستورية أمام البرلمان وفق المادة من الدستور".
وبيّن التميمي أنه "ما دامت هذه الإجراءات لم تكتمل ولم يؤدِّ البدلاء اليمين الدستورية فيمكن للمستقيلين العدول والتراجع عن الاستقالة، وبالطريقة نفسها يمكنهم أن يقدّموا طلبا إلى رئيس مجلس النواب بالعدول، كونهم كانوا تحت ضغط نفسي كبير والمصلحة العامة تقتضي هذا العدول".
وأشار الى أن "الاستقالة لا زالت تحت إرادة المرجع الإداري أي رئيس البرلمان ويحق للنائب المستقيل المطالبة بإلغائها وسحبها لعدم تحقق الرغبة القاطعة في الاستقالة، وهذه هي القواعد العامة التي يتم الرجوع اليها مع عدم وجود التفاصيل في الدستور أو نظام البرلمان الداخلي أو قانون مجلس النواب".
"نهبوا العراق وأباحوا الدماء"!
وكان زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، أكد في وقت سابق أنه لن يشارك في الانتخابات المقبلة بوجود الفاسدين.
وقال خلال لقائه أعضاء الكتلة الصدرية في النجف "قررت الانسحاب من العملية السياسية كي لا أشترك مع الفاسدين بأي صورة من الصور لا في الدنيا ولا في الآخرة"، مضيفا: "أريد أن أخبركم، في الانتخابات المقبلة لن أشارك بوجود الفاسدين إلا إذا أُزيح الفاسدون وكل من نهب العراق وسرقه وأباح الدماء".
ووقع نواب الكتلة الصدرية، الخميس الماضي، استقالاتهم جميعاً ووضعوها تحت تصرف الصدر، بعد أن أعلن الأخير أن نواب كتلته البرلمانية مستعدون لتقديم الاستقالة.
واعتبر الصدر سابقاً أن الانسداد السياسي الذي يعيشه العراق "مفتعل"، وأن إصلاح البلاد "لن يكون إلا بحكومة أغلبية وطنية".
في ظلّ انغلاق سياسي متأزم يهدد بالإنفجار، فاجأ زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، الأوساط السياسية، كما الرأي العام العالمي، بانسحابه الكامل من العملية السياسية في العراق، بتوجيه أعضاء التيار الصدري بتقديم استقالاتهم من البرلمان، وغلق مكاتبه السياسية في عموم المحافظات، وذلك بعد تقديمه أكثر من مهلة وفرصة للإطار التنسيقي، لتشكيل حكومة توافقية، فهل سيكون انسحاب الصدر نهائياً أم تكتيكياً، وهل يستطيع الإطار التنسيقي أن يشكّل حكومة بمفرده؟
"فوضى عارمة"
في هذا الخصوص، تحدث الباحث الاستراتيجي، الدكتور قاسم بلشان التميمي، في اتصال مع "جسور"، لافتا إلى أنّ "استقالة نواب التيار الصدري من البرلمان هي واحدة من أعراض اشتداد الأزمة السياسية"، موضحا "أنّ إصرار الصدر على عدم مشاركته في الحياة السياسية هو إجراء تكتيكي وضغط كبير على الكتل والأحزاب السياسية".
ورأى التميمي، أنّ "الإطار التنسيقي وإن شكّل حكومة فهو غير قادر على الإستمرار فيها، كون الصدر اختار المعارضة الشعبية على المعارضة السياسية وبالتالي المعارضة الشعبية أصبحت اليوم السلاح الفتاك، وأي حكومة يشكلها الإطار التنسيقي أو باقي الكتل والأحزاب السياسية الأخرى بعيدا عن التيار الصدري معرضة لتكون هدفا لتظاهرات شعبية كبيرة يقودها التيار الصدري".
وقال التميمي: "لا نستبعد أن تكون التظاهرات هذه المرة داخل المنطقة الخضراء، كما لا نستبعد أيضا إزالة العملية السياسية العراقية من جذورها، وبالتالي وصول البلاد إلى فوضى عارمة".
وبيّن أن "الصدر يمارس عمله السياسي بحرفية كبيرة ويحاول أن يؤثّر في خصومه عبر تخويفهم بأنه سيخرج إلى معارضة شعبية، التي إذا ما تبناها الصدر ستكون قوية ومؤثرة جدا على الساحة العراقية"، وفق التميمي.
من جهته، رأى رئيس قسم الصحافة في جامعة أهل البيت، الدكتور غالب الدعمي، أن "انسحاب الصدر موقت رغم أنه لمّح إلى انسحاب طويل الأمد من الحياة السياسية، إلا أنه سيعود بعد أيام أو ربما أشهر من تشكيل الحكومة التي ستفشل حتما، وسيكون له الدور البارز في المرحلة المقبلة".
قانوني يحسم الجدل!
وأوضح الخبير القانوني، علي التميمي، الية سحب الاستقالة أو العدول عنها في قانون العقوبات العراقي.
وقال التميمي، في حديث لـ "جسور" إنه "ثمة فرق بين الموظف الذي عهدت اليه الوظيفة العامة وفق المادة ٢ من قانون الخدمة المدنية الرقم ٢٤ لسنة ١٩٦٠، وبين المكلف بخدمة عامة والذي عهدت اليه خدمة عامة، مثلا النواب في البرلمان يعتبرون مكلفين بخدمة عامة وفقاً للمادة ١٩ من قانون العقوبات العراقي".
وأضاف، أن "الاستقالة تعرف بأنها قطع لرابط الوظيفة من الموظف اختياريا وهي تنبع من ارادة الموظف، وايضا بقبول من المدير والاثر القانوني الذي يترتب عليها مهم كذلك، ومن شروطها كذلك ان لا تكون هناك ظروف ضاغطة على ارادة الموظف".
وزاد التميمي، انه "في قانون الخدمة المدنية الرقم ٢٤ لسنة ١٩٦٠، وفي المادة ٣٥ منه تكون الاستقالة بطلب تحريري إلى المرجع الإداري وان يبت بها خلال ٣٠ يوماً وللموظف حق العدول عن الاستقالة ما دام لم يصدر بها أمر إداري خلال هذه المدة".
وأكد "بما ان الاستقالة الخاصة بأعضاء التيار الصدري قدمت إلى رئيس البرلمان وفق المادة ١٢ الفقرة ٢ من قانون مجلس النواب العراقي، الرقم ١٣ لسنة ٢٠١٨، ووافق عليها فهذه الاستقالة تحتاج الى إصدار أمر ديواني يؤكد الاستقالة وبعدها يُفاتح رئيس البرلمان مفوضية الانتخابات لإرسال أسماء البدلاء وهم أفضل الخاسرين في الدائرة الانتخابية، وذلك وفق المادة ١٥ من قانون الانتخابات الرقم ٩ لسنة ٢٠٢٠، وبعدها يحدد يوم لجلسة البرلمان لأداء البدلاء اليمين الدستورية أمام البرلمان وفق المادة من الدستور".
وبيّن التميمي أنه "ما دامت هذه الإجراءات لم تكتمل ولم يؤدِّ البدلاء اليمين الدستورية فيمكن للمستقيلين العدول والتراجع عن الاستقالة، وبالطريقة نفسها يمكنهم أن يقدّموا طلبا إلى رئيس مجلس النواب بالعدول، كونهم كانوا تحت ضغط نفسي كبير والمصلحة العامة تقتضي هذا العدول".
وأشار الى أن "الاستقالة لا زالت تحت إرادة المرجع الإداري أي رئيس البرلمان ويحق للنائب المستقيل المطالبة بإلغائها وسحبها لعدم تحقق الرغبة القاطعة في الاستقالة، وهذه هي القواعد العامة التي يتم الرجوع اليها مع عدم وجود التفاصيل في الدستور أو نظام البرلمان الداخلي أو قانون مجلس النواب".
"نهبوا العراق وأباحوا الدماء"!
وكان زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، أكد في وقت سابق أنه لن يشارك في الانتخابات المقبلة بوجود الفاسدين.
وقال خلال لقائه أعضاء الكتلة الصدرية في النجف "قررت الانسحاب من العملية السياسية كي لا أشترك مع الفاسدين بأي صورة من الصور لا في الدنيا ولا في الآخرة"، مضيفا: "أريد أن أخبركم، في الانتخابات المقبلة لن أشارك بوجود الفاسدين إلا إذا أُزيح الفاسدون وكل من نهب العراق وسرقه وأباح الدماء".
ووقع نواب الكتلة الصدرية، الخميس الماضي، استقالاتهم جميعاً ووضعوها تحت تصرف الصدر، بعد أن أعلن الأخير أن نواب كتلته البرلمانية مستعدون لتقديم الاستقالة.
واعتبر الصدر سابقاً أن الانسداد السياسي الذي يعيشه العراق "مفتعل"، وأن إصلاح البلاد "لن يكون إلا بحكومة أغلبية وطنية".