أدت الهجمات التي تعرضت لها مدينة أربيل (ليل الأحد الماضي) إلى عرقلة حوارات تشكيل الحكومة بين الكتل السياسية لاسيما مع إعلان كل من طرفي العملية السياسية في العراق موقفاً مغايراً للطرف الآخر من هذه الهجمات.
إذ أن التيار الصدري الفائز الأول في الانتخابات العراقية الأخيرة (انتخابات تشرين الأول/ اكتوبر 2021) وتحالف السيادة (من المكون السني) أبديا دعمهما لمطالب حليفهما في التحالف الثلاثي أي الحزب الديمقراطي الكردستاني.
فيما ذهبت مواقف الطرف الآخر الممثل بالإطار التنسيقي (القوى الشيعية المعترضة على نتائج الانتخابات) إلى موقع أقل دعماً لاعتبارات عديدة تتعلق بعلاقة هذه الأطراف مع إيران وبطبيعة الهجمات وما أشيع عن أنها استهدفت مواقع إسرائيلية في أربيل وإن كانت هذه النقطة لم تكن مقبولة بالنسبة للطرف الأول (التحالف الثلاثي).
ويقول المحلل السياسي علي البيدر في حديث لمنصة "جسور"، إن "هجمات أربيل أظهرت موقفين أحدهما مؤيد أو على الحياد والآخر مستنكر وشاجب لهذه الهجمات وهذا ما سيربك المشهد السياسي ويعيد تشكيل التحالفات لكون هذه الهجمات وضعت مواقف القوى السياسية على المحك وأظهرت أن هنالك موقفين لطرفين أحدهما وطني والآخر ينظر الى مصلحته فقط".
توقف حوارات التشكيل
أولى تأثيرات حادثة أربيل تمثلت بتوقف حوارات تشكيل الحكومة داخل المكون الشيعي (التيار الصدري والإطار التنسيقي) بعد أن كانت الحوارات وصلت إلى مرحلة تمهد لاتفاق بين التيار والإطار على شكل الحكومة وحتى اسم رئيس الوزراء قبل هذه الحادثة.
غير أن الكتلة الصدرية أعلنت بعد يوم واحد فقط من هذه الحادثة أن حواراتها توقفت "بشكل موقت" مع الإطار التنسيقي، فيما بررت هذا التوقف بـ"انزعاج أطراف التحالف الثلاثي من موقف قوى الإطار بشأن الهجوم" وفقاً لما أعلنته مصادر الكتلة الصدرية.
بموازاة ذلك، يعتزم التحالف الثلاثي تنظيم علاقات أطرافه وتقويتها عبر إعلان كتلة جديدة داخل مجلس النواب تحت مسمى "إنقاذ وطن" تضم النواب الصدريين ونواب الحزب الديمقراطي الكردستاني بالإضافة إلى نواب تحالف السيادة، وهو ما قُرئ على أنه محاولة من التحالف لبدء مرحلة جديدة من المواجهة مع الإطار ومن معه من كتل سياسية داخل المجلس.
انتعاش حظوظ الكاظمي
قبل ساعات فقط من هجمات أربيل كان العراق منشغلاً بالكلام عما وُصف بأنه خطاب الوداع لرئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بعد أن سُربت معلومات عن اتفاق بين زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر وممثلي الإطار التنسيقي على تسمية شخصيات أخرى لرئاسة الحكومة كجعفر الصدر سفير العراق في المملكة المتحدة والمقرب من زعيم التيار أو أسماء أخرى غيره.
غير أن هجمات أربيل رفعت حظوظ الكاظمي من جديد في البقاء لولاية ثانية في منصب رئيس الحكومة لاعتبارات تتعلق بموقف التيار الصدري من الإطار التنسيقي الخاص بإيقاف حوارات تشكيل الحكومة أو بما أظهره الكاظمي من مواقف أكسبته تأييد التحالف الثلاثي مجدداً.
ويرى المحل السياسي علي البيدر، أن "حظوظ الكاظمي كانت متباينة ترتفع وتهبط وفقاً للمعطيات الآنية غير أنها ارتفعت بعد هجمات أربيل"، مضيفاً إن "حظوظ الكاظمي الآن مرهونة بالمواقف الإقليمية والدولية والمحلية وأن مباحثات النووي الإيراني ومواقف الأطراف الدولية من هذه المباحثات ستحدد مستقبل الكاظمي في حال تم وضع فيتو عليه من قبل الطرف الإيراني ومن يمثلها في العراق في حال تعرقل البرنامج أو لم يكن كما تريده إيران".
فيتو على صالح
لا يستبعد المحلل السياسي علي البيدر أن يؤثر "الفيتو الأقوى" من قبل الحزب الديمقراطي الكردستاني على رئيس الجمهورية المنتهية ولايته برهم صالح على حظوظه لنيل ولاية ثانية.
ويعتقد البيدر أن ملف الرئاسة قد تم حسمه لمرشح تسوية قد يكون عبد اللطيف رشيد من الاتحاد الوطني الكردستاني الذي ينتمي إليه برهم صالح، وأن "سقف المطالب قد ينخفض إلى مستويات أخرى وإن كان هنالك تشبث من الاتحاد بمرشحهم برهم صالح حتى الآن".
عودة إلى نقطة الصفر
ولا يُستبعد أن تعود الأزمة السياسية في العراق إلى نقطة البداية مجدداً بعد هجمات أربيل وما رافقها من لغط سياسي كما لا يُستبعد أن تؤدي التغيرات السياسية إلى تشقق التحالفات القائمة وتعيد ترتيبها من جديد كما يُرجح عضو الاتحاد الوطني الكردستاني غياث سورجي.
اذ يقول سورجي في حديث لمنصة "جسور"، إن "التحالفات والآراء تغيرت كثيراً والبعض يقول ان التحالف الثلاثي حديدي ومتماسك وأنا أستبعد ذلك كما حدث مع هوشيار زيباري عندما سحب الصدر دعمه له ومسألة الوجود الأميركي وقرارات المحكمة الاتحادية وغيرها".
ويضيف سورجي، إن "الاجتماعات مستمرة ومرشحنا الوحيد هو برهم صالح ولا يوجد اتفاق حول إبقاء الكاظمي مقابل صالح"، مستبعداً أن يكون هنالك، "تقارب بين التيار الصدري والإطار التنسيقي وهذا قد يغير جميع التحالفات وقد يعيدها إلى نقطة الصفر وهنالك تغييرات على طبيعة التحالفات إذ أن بعض المواقف قد تغير من التحالف مثلاً موضوع إخراج القوات الأميركية أو التركية وغيرها".