ذكرى تفجير مرفأ بيروت في الرابع من آب / اغسطس اقتربت. سنتان مرّتا ولا زالت العدالة أبعد مما يمكن للمرء أن يتصوّر في يوم هزّ انفجار ضخم العاصمة مخلّفا أكثر من 200 قتيل، وأكثر من 6500 جريح ودمارا هائلا. أما يوم أمس، فشهد المجلس النيابي في بيروت سابقة "للمرة الأولى في تاريخ المجالس النيابيّة المُتعاقبة بين الزملاء" وتحديدا بين نواب حركة أمل والنواب التغييريّين. فهل من صلة بين الامرين؟ وماذا جاء في بيان المجلس النيابي؟ وهل هناك حملة ممنهجة على النواب التغييريين لتشويه صورتهم في اول جلسة تشريعية؟ وماذا عن ركّاب القطارات الإنتخابيّة؟
يعتبر الصحافي اللبناني وجدي العريضي في حديث لـ"جسور" أن "لا شكّ أن ما حصل في الجلسة التشريعية العامة في مجلس النواب من خلال مماحكات وصدامات بين النواب وتحديدًا نواب حركة أمل مع النواب التغييريين يأتي لتهشيم صورتهم خصوصًا مع اقتراب الذكرى الثانية لتفجير المرفأ وفي ظلّ التحرك الذي انطلق به نواب كتلة التغيير وهناك حراك خلال الأيام المُقبلة على خلفيّة هذا الإنفجار ومواجهة الذين تمّ استدعاؤهم الى القضاء ولم يمتثلوا وهم النائبان غازي زعيتر وعلي حسن خليل."
ويرى العريضي "أن ما حصل في مجلس النواب كان عن سابق تصوّر وتصميم ومحضّرًا بدقّة وعناية من قبل بعض نواب حركة أمل وحلفائهم من فريق الممانعة وهذا يحصل للمرّة الأولى في تاريخ المجالس النيابيّة المُتعاقبة بين الزملاء."
التداعيات
ويعتبر أنه "أيًّا كانت مواقف نواب التغيير أو أن البعض لم يكن لديه الخبرة الواسعة في الحقل البرلماني والسياسي إنما ما حدث إساءة لها تداعيات سلبية على صورة المجلس النيابي وأيضًا على المستويين البرلماني العربي والعالمي وقد يكون لذلك تداعيات كبيرة"، ويضيف: "ان نواب التغيير لن يسكتوا على ما حصل وهناك حراك كبير سنشهده خلال الأيام القليلة المُقبلة على خلفية انفجار مرفأ بيروت وستكون هناك مواقف وتصعيد غير مسبوق لأهالي الضحايا وأيضًا من خلال تحرّك نواب تكتل التغيير كي لا يُقال عنهم أنهم دخلوا مجلس النواب ولم يتحركوا بعدها وأنهم انضمّوا الى نواب آخرين بعد انتخابهم في هذه الكتلة".
ظاهرة غير طبيعية
بدوره، يقول الصحافي اللبناني جورج شاهين في حديث لـ"جسور" انه ليس مستغربًا أن يتعرّض النواب التغييريّون لمثل هذه الحملات فقد شكّلوا ظاهرة غير طبيعية يشهدها مجلس النواب منذ فترة طويلة وهم تحرّكوا منذ اللحظة الأولى على قاعدة نقل الثورة الى داخل المجلس وهو أمر صعب المنال في مثل هذه التركيبة التي لا زالت تتحكّم بأكثرية ولو كانت متنقلّة داخل مجلس النواب."
ركاب القطارات الإنتخابيّة
ويوضح شاهين أن هناك تكتّلات نيابية لا تعرف الحياة النيابية، هم مجرّد أرقام من ركّاب بعض القطارات الإنتخابيّة وهي ظاهرة لا زالت موجودة حتى تاريخنا ولم ينفع قانون الإنتخاب بمنع قيامها أو بوقف ظاهرة القاطرة الإنتخابية فهناك مناطق لا زالت تشهد مثل هذه الظاهرة وهي اقتصرت هذه المرة على الدوائر الإنتخابية حيث الأكثرية الشيعية فجاء تفاهم أمل - حزب الله على رغم نظرتهما المختلفة الى الكثير من الأمور ليلغي أي وجود لأي قوى أخرى فكرّسوا منطق 27/27 وأقفلوا الطريق على باقي الطوائف بدليل اعادة انتخاب نبيه بري مثلا المرشح الوحيد والذي نال أصواتا بالحد الأدنى".
هل تعلّموا الدرس؟
وفي حين اعتبر شاهين أن واقع الثنائية الشيعية بات الأخطر وهي كتلة نيابية منعزلة لولا بعض التحالفات الموسمية وعلى القطعة، اعتبر أنه :"صحيح أن هناك حملة ممنهجة على النواب التغييريّين ولكن عليهم أن يعيدوا حساباتهم ويوحّدوا صفوفهم أولا فالتجربة السلبيّة التي عبرت بها عملية انتخاب رئيس مجلس النواب ونائب الرئيس وأعضاء اللجان كانت من المُفترض أن تشكّل درسًا قويًّا لنواب التغيير لإحياء التفاهمات التي كانت مُقرّرة قبل الإنتخابات مع قوى التغيير والمعارضة الحزبية الإخرى".
“الإثارة والشعبوية”
وسط كل هذه التطورات، اصدرت الامانة العامة لمجلس النواب بيانا أكدت فيه ان ما اوردته النائبة سينتيا زرازير من مواقف عبر بعض وسائل الاعلام امس وعبر وسائل التواصل الاجتماعي غير صحيح جملة وتفصيلا وقالت في بيانها: ان الامانة العامة لمجلس النواب في ادائها واداء موظفيها الاداري والقانوني و الاخلاقي والمسلكي ليس في قاموسهم التمييز بين اي من السادة النواب. ان الامانة العامة لمجلس النواب تربأ بنفسها الرد على كل ما ورد في تصريح النائبة سينتيا زرازير وهي تعرف انها وزملاءها منذ اليوم الاول لدخولها المجلس النيابي قد منحت كل ما منح لزملائها النواب من موقف لسيارتها ومكتب خاص وكل كلام منها خلاف ذلك افتراء ومجاف للحقيقة. وتأمل الامانة العامة من النائبة زرازير ان تكون بعيدة عن الاثارة والتجييش والشعبوية.