العدّ العكسي للإنتخابات النيابية اللبنانية المقبلة بدأ وسط مشهد فيه الكثير من التجاذبات والفوضى والتخبط والتردّد. وبعد الحدث التاريخي الذي خلّفه تعليق رئيس الحكومة السابق ورئيس "تيار المستقبل" سعد الحريري عمله في الحياة السياسية وردّة فعل جمهوره السني وما يُسمّى "الحريرية السياسية"، جاء قرار منذ يومين ترك فيه الحريري الحرية لجمهوره بالمشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة، فيما أعلن رفضه ترشّح أي شخص باسم "التيار"، طالباً من كل من لم يتقيّد بالتعليمات أن يقدّم استقالته.
فهل أصاب رئيس "تيار المستقبل" بقراره؟ ووسط الأجواء الضبابية للإنتخابات المقررة في مايو/أيار، هل من أسماء معينة من "التيار" تريد خوض غمار الانتخابات؟
يقول الصحافي اللبناني علي حمادة في حديث لـ"جسور" أنه "عندما اتّخذ الحريري القرار بتعليق العمل السياسي كان هذا القرار ينسحب على شخصه والتيار"، موضحاً أن "اتخاذ هذا القرار جاء في إطار دراسته للواقع السياسي وللظروف التي أحاطت كل المرحلة السابقة منذ عدة أعوام"، مشيرا إلى أن ذلك بُني على اعتبارات بالداخل ويتعلّق بعلاقاته العربية فضلاً عن اعتبارات تتعلّق بقراءاته للمشهد السياسي ورؤيته بأن الوضع ذاهب الى مزيد من التعقيد وهذا يأتي بعد فشل محاولته تشكيل الحكومة السابقة." ويضيف: "هذا القرار مدروس منذ عدّة أشهر وكان يُحضّر له وقد أوضح هذا الموضوع للعديد من المحيطين به."
هل أصاب الحريري؟
وفيما خصّ مسألة رفضه ترشّح أي شخص باسم التيار، يعتبر حمادة أن "هذا الأمر يندرج طبيعياً بالقرار لأنه عندما أعلن الانسحاب من الحياة السياسية أو تعليق العمل السياسي أعلنه له وللتيار، وما أبلغه لكتلته يندرج في اطار قراره ولا يريد أن يُستخدم لا اسمه ولا اسم التيار في الانتخابات"، ويوضّح أنه "لا يمكن أن نحدّد في الوقت الحالي ان كان قراره صائبا أم لا، بل فقط نستطيع أن نقول بأن الايام سوف تُبرز لنا صوابية قراره من عدمه."
هؤلاء سيترشّحون
وردّاً على سؤال عما اذا كانت هناك أسماء معينة قد تترشح للإنتخابات، يعتبر حمادة أنه "بعد الجلسة التي عقدها الرئيس الحريري مع كتلته، لن يتقدّم منظمون من داخل التيار للترشيح". ويقول: "الذين سيتقدّمون للترشيح هم حلفاء التيار مثل بعض الأسماء في منطقة الشمال ودوائر عكار وربما آخرين، ولكن لا أسماء محدّدة حتى الآن. وباعتقادي أن الحزبيين لن يدخلوا في هذا الموضوع ويتحاشون التقدم للإنتخابات."
الموجبات التنظيمية
وصدر الاثنين تعميم لـ"التيار" بالموجبات التنظيمية في حالة ترشح أحد أعضائه للانتخابات النيابية المزمع إجراؤها في شهر مايو/أيار المقبل. وجاء فيه أنه "بناء على قرار رئيس تيار المستقبل سعد الحريري المعلن بتاريخ 24 يناير/كانون الثاني 2022 القاضي بتعليق العمل بالحياة السياسية ودعوة عائلة تيار المستقبل لاتخاذ الخطوة نفسها وعدم الترشح للانتخابات النيابية وعدم التقدم بأي ترشيحات من التيار أو باسمه، وبناءً على مواد النظام الداخلي، يطلب من كل منتسب أو منتسبة، في حال عدم التزام توجيهات رئيس التيار والعزم على المشاركة في الانتخابات النيابية كمرشحين، توجيه طلب استقالة خطياً إلى الهيئة التي ينتمي إليها أو إلى هيئة الشؤون التنظيمية المركزية"، مع تشديده على ضرورة "الامتناع عن استخدام اسم تيار المستقبل أو أحد شعاراته أو رموزه في الحملات الانتخابية وعن أي ادعاء بتمثيل تيار المستقبل أو مشروعه خلال أي نشاط انتخابي". وأشار إلى أن "هيئة الشؤون التنظيمية ستعلن عن قبول (طلب الاستقالة) عبر بيان تصدره هيئة الشؤون الإعلامية المركزية في التيار، مع الأمل بالتزام مقتضيات هذا التعميم، تحت طائلة اتخاذ الإجراءات التنظيمية اللازمة لتأمين حسن تنفيذ قرارات القيادة."