مرة جديدة تُرفع جلسة إنتخاب رئيس جديد للبنان لعدم إكتمال النصاب القانوني في ظل انقسامات عميقة عكسها غياب التوافق على اسم خلف للرئيس الحالي ميشال عون الذي تنقضي مدة ولايته نهاية الشهر الحالي ما دفع برئيس البرلمان نبيه بري لتحديد موعد جديد بعد اسبوع.
وحضر الجلسة الثانية 71 نائباً من أصل 128، فيما قاطعها التيار الوطني الحر، حزب رئيس الجمهورية الحالي، لتزامنها مع ذكرى خروج عون من القصر الرئاسي إثر هجوم سوري في العام الأخير من الحرب الأهلية (1975-1990)، وهي ذكرى يحييها التيار سنوياً.
ولم تتوافق الكتل الرئيسية على اسم موحّد كمرشح لرئاسة الجمهورية، في بلد تقوم سياسيته الداخلية على التسويات بين القوى المختلفة، إذ سمت أحزاب تصف نفسها بالسيادية النائب ميشال معوض كمرشح لرئاسة الجمهورية، في الجلسة الماضية، فيما طرح حزب الله وحركة أمل اسم السياسي سليمان فرنجية واختار نواب التغيير رجل الأعمال سليم اده.
تأكيد المؤكد
وإثر فشل مجلس النواب في عقد جسلته، تواصلت "جسور" مع الصحافي جوني منير الذي بادر بالقول "كنت أتوقع ما حدث ومن المرجح أن تسير الأمور في هذا الاتجاه حتى وقت طويل لأن الامور لم تحسم حتى الآن وكل فريق يسعى إلى التعطيل للآخر".
وأوضح "حزب الله وحركة أمل لا يريدان إظهار كافة أوراق المرشح سليمان فرنجية وقوته الفعلية التي هي أعلى بقليل من منافسه كي لا تُحرق، خصوصاً وأن التيار الوطني الحر، حليف حزب الله الاستراتيجي، لا يدعم فرنجية" مضيفاً "بالتالي تحددت الجلسة في تاريخ 13 أكتوبر/تشرين الاول كي لا تتم".
ورجح منيّر "دخول البلاد في شغور رئاسي" باعتبار أن الأمر " تحوّل إلى ثابتة وجلسة اليوم تؤكد على هذا الأمر" مؤكداً أن "الملف الرئاسي لم ينضج".
ونفى أيضاً احتمال "تشكيل حكومة جديدة قبل انتهاء العهد الحالي".
تنافس وتعارض
وفي الجلسة الأولى التي تأمن فيها النصاب، اقترع 66 نائباً بورقة بيضاء بينما حظي النائب ميشال معوض، المدعوم من القوات اللبنانية بزعامة سمير جعجع وكتل أخرى بينها كتلة الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، بـ36 صوتاً.
ودعا معوض الخميس "أطياف المعارضة المتنوعة" الى توحيد موقفها. وقال لصحافيين في مقر البرلمان "الطريق الوحيد لنتمكن من الوصول الى رئيس سيادي إصلاحي إنقاذي هو بتوحيد أنفسنا".
وتعارض كتل رئيسية بينها حزب الله، القوة السياسية والعسكرية الأبرز، دعم ترشيح معوض. وقال النائب عن حزب الله حسن فضل الله لصحافيين في البرلمان إن السير "بمرشح التحدي" في إشارة إلى معوض "لن يؤدي الى نتيجة" كما دعا الكتل الى التحاور "من أجل التوافق على اسم يحظى بأكثرية نيابية" منبهاً الى أن "طرح التحدي يجعل الأمور تسير باتجاه مزيد من التأخير والتأجيل".
وتثير الانقسامات العميقة بين الكتل الرئيسية مخاوف من فراغ رئاسي بعد انتهاء ولاية عون في 31 أكتوبر/تشرين الأول. وبسبب الانقسامات نفسها التي تحول دون التوافق على رئيس للبلاد، لم تثمر مساعي رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي في تشكيل حكومة منذ الانتخابات البرلمانية التي جرت في منتصف مايو/أيار، في بلد يقوم نظامه على تقاسم الحصص بين المكونات السياسية والطائفية.
ويشهد لبنان منذ العام 2019 انهياراً اقتصادياً صنّفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم، خسرت معه العملة المحلية نحو 95 في المئة من قيمتها في السوق السوداء، وبات أكثر من 80 في المئة من سكانه تحت خط الفقر.
ويضغط المجتمع الدولي من أجل انتخاب رئيس جديد ضمن المهل الدستورية لتجنّب تعميق الأزمة التي تتطلب إصلاحات ضرورية.