لم يعد خافياً على أحد ما آلت إليه الأمور في لبنان من انهيار للعملة المحلية أمام الدولار الأميركي واعتماد الدولرة في جزء كبير من عمليات التبادل التجاري داخل البلاد بسبب الشح الكبير في الليرة اللبنانية. فهل يتجه البنك المركزي إلى ضخ المزيد من العملة المحلية في محاولة أخيرة منه لمنع الانهيار الكبير وماذا عن وضع الدولار في ظل غياب الاستثمارات وتعثر العجلة الاقتصادية؟
الخبيرة الاقتصادية اللبنانية ليال منصور وفي حديث لـ"جسور" أشارت بداية إلى أن "البنك المركزي أعلن سابقاً عن احتفاظ اللبنانيين بمبالغ مالية كبيرة من العملة الأميركية في منازلهم تصل إلى 10 مليارات دولار" لافتة إلى أن الرقم خيالي وغير دقيق.
وتابعت "إن المركزي حاول لمدة سنتين، ضبط الليرة اللبنانية لمنعها من الانهيار في غياب تام لعوامل أساسية كالنمو والاستثمارات الأجنبية" مضيفة أن ما حصل لاحقاً كان متوقعاً، "إذ مع الوقت بدأت الأموال المدخرة في المنازل تنضب ولم تساهم تحويلات المغتربين سوى بتأخير الأزمة عبر مساعدة المقيمين في تأمين الأولويات من مأكل ومشرب من دون أن تغطي مصاريف الطبابة والتعليم".
ضخ الدولارات
وعن الاعتقاد السائد لدى الناس بأن البنك بإمكانه أن يعاود ضخ الدولارات مجدداً في السوق المحلية ما إن يستعيدها، تشرح منصور "الدولارات التي تم التداول بها بعد إخراجها من المنازل لا تذهب جميعها إلى البنك المركزي كما يعتقد بعض الناس بل تخرج من البلاد في عمليات الاستيراد الكبيرة التي لا يزال الاقتصاد اللبناني يعتمد عليها" وذلك رغم محاولات مصرف لبنان حصر تداول العملات فقط داخل لبنان.
وتخلص الخبيرة الاقتصادية الى القول "مهما حاولوا ضبط الدولار على سعر صرف لا يتجاوز الـ20 ألفا أو الـ24، فلن يتأخر بالارتفاع مجدداً.
الدولرة الشاملة
في المقابل أبدت منصور تخوفاً كبيراً من محاولة مصرف لبنان ضخ عملة محلية بعد اتجاهه إلى الدولرة "اعتمد البنك المركزي على الدولرة بنسبة 80% في العمليات النقدية التي أجراها خلال الأشهر الأولى من السنة في حين أنه وحتى السنة الماضية كانت التسعيرة لا تزال تبنى على العملة المحلية" موضحة "مع ارتفاع نسبة الدولرة إلى هذا الحد لا يمكن العودة إلى الوراء مجدداً والقول يجب ضخ ليرة لبنانية".
أما الحل الانقاذي الوحيد فيكمن في "الدولرة الشاملة" والتخلي عن الليرة اللبنانية نهائياً، وفقاً لمنصور وعلى البنك المركزي السير في هذا الاتجاه وإلا فالتضخم سوف يزداد لأن البلد يعاني من شلل اقتصادي كبير ويخلو من الاستثمارات.
وعن احتياطي الذهب الذي يمتلكه البنك المركزي، أوضحت الخبيرة الاقتصادية أن الحديث عنه يدخل ضمن إطار الشعبوية لأنه "لا يدخل ضمن تقييم السياسة النقدية في أي البلد رغم وجوده بل يتم إقصاؤه باعتبار أنه ليس مسيلاً ولا يمكن بيعه بسهولة" وأعطت مثالاً على ذلك "الأرجنتين ورغم مرورها بأزمة لمدة 20 سنة إلا أنها لم تتمكن من بيع ذهبها"