مع اقتراب موعد تشكيل الحكومة العراقية، يحتدم الصراع أكثر بين المكون الشيعي مذيلا بما أفرزته الانتخابات النيابية الأخيرة .
وتوالت زيارات قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني إسماعيل قآني إلى العراق بشكل لافت، البعض منها أعلن عنه والبعض الآخر كان خاطفاً، ما يوحي بأن إيران تبذل جهوداً جبارة لرأب الصدع داخل البيت الشيعي ويعكس عدم قدرتها على التحكم بالقرار العراقي كما فعلت لسنوات.
فمنذ أن منيت الأحزاب الموالية لإيران بخسارة كبيرة لمقاعدها في الانتخابات البرلمانية الأخيرة في العراق وإيران تسعى جاهدة لإعادة ترتيب البيت الشيعي المنضوي تحت مظلة الإطار التنسيقي، وتعمل من جهة أخرى على تعزيز التقارب مع السيد مقتدى الصدر الذي حصد تياره أغلبية المقاعد النيابية في محاولة منها لتشكيل حكومة توافقية معه.
لقاء النجف
ومن المرجح أن يغير الحدث الذي برز اليوم المعادلة، إذ استقبل السيد مقتدى الصدر في النجف رئيس مجلس النواب العراقي محمد الحبلوسي ورئيس اقليم كردستان نيجيرفان بارازاني، وكتب الصدر على ورقة موقعة باسمه: "أوقفوا الإرهاب والعنف ضد الشركاء فلا زلنا مع تشكيل حكومة أغلبية وطنية".
من المتوقع أن تؤدي التحركات المكوكية في البلاد إلى إنهاء الأزمة السياسية الشيعية كما كتب المحلل السياسي العراقي الدكتور نبيل جبار العلي.
منع تغيير المعادلة
وفي حديث لـ"جسور" أكد العلي أن "الحدث الأبرز اليوم هو زيارة بارزاني إلى النجف بمبادرة منه لتسهيل تشكيل الحكومة ويأمل الجميع في أن تؤدي الزيارة إلى حل الخلاف الكبير القائم بين التيار الصدري والإطار التنسيقي بحيث يتم ضم الأطراف الشيعية إلى المجموعة الحكومية، وتحديداً الإطار التنسيقي الذي خسر تمثيله الكبير في البرلمان" .
ويرى المحلل السياسي أن "هدف المبادرة تجنيب البلاد صدامات جديدة قد تحدث في حال تم إقصاء أي فريق سياسي وتغيير المعادلة السياسية القائمة منذ 2003 والتي تقضي بتشكيل حكومة توافقية بغض النظر عن الفائز في الانتخابات النيابية" وأضاف أن الاتفاق قد يكون مشروطاً "بإبعاد رئيس الوزراء العراقي الحالي مصطفي الكاظمي والسابق نوري المالكي عن المشهد الجديد" .
فشل قآني
من جهة أخرى، ورداً على السؤال عن الدور الإيراني ومدى تراجعه في العراق أشار العلي إلى "فشل قآني في إدارة الملف العراقي والدليل أن إيران قررت نقل هذا الملف من يد فيلق القدس إلى مستشارية الأمن القومي الإيراني".
في المقابل، لم ينفِ المحلل السياسي أن "الانتخابات النيابية الأخيرة عززت من مكانة الصدر في الحياة السياسية وأهّلته ليدير الدفة في الداخل، معلناً "لا شرقية ولا غربية"، أي أنه يرفض أي تدخلات خارجية في شؤون العراق الداخلية".
ولم يستبعد أن تكون الزيارات المتكررة لقآني لترتيب البيت الشيعي وكمقدمة لتشكيل الحكومة "قد تحولت إلى حجر عثرة ودفعت بالصدر إلى اتخاذ موقفه الحاسم في الملف الحكومي". ولفت أيضاً إلى احتمال أن تكون إيران تبدي عن قصد مرونة في العراق وتخفف من حدة ضغطها على ساحته الداخلية بانتظار جلاء الرؤية في محادثات فيينا بالإضافة إلى التقارب الذي بدأ مع السعودية".
ويبدو بحسب العلي ان المشهد السياسي في العراق لن يتبلور نهائياً قبل "إبريل/نيسان المقبل" حيث تنتهي أزمة تشكيل الحكومة.