في ظل تحذيرات منظمة الصحة العالمية حول انتشار فيروس "جدري القرود"، انتشر خبرٌ في لبنان يشيرُ إلى أن شخصًا يُدعى "ع.ب" أصيب بالمرض المشار إليه، الخبر الذي سرعان ما تمّ نفيه.
كذلك، انتشر خبرٌ عبر تطبيق "واتساب" منسوب لإحدى القنوات، يزعم تشخيص أول إصابة بفيروس "جدري القرود" في جنوب لبنان لامرأة قادمة من إفريقيا، لكن القناة نفت الخبر المنسوب إليها، مشيرة إلى أنها لم تنشر أي خبر مماثل على منصاتها.
إلّا النائب السابق، الدكتور اللبناني عاصم عراجي، لم يستبعد وصول هذا المرض إلى لبنان، وشدّد على "ضرورة اتخاذ الاحتياطات اللازمة"، لكنه أكد أنه ليس سريع الإنتشار وبالغ الخطورة كفيروس كورونا.
دراسات متواصلة
وقال في حديث لـ"جسور"، "تم اكتشاف أول حالة "جدري القردة" بين البشر عام 1970 في جمهورية الكونغو الديمقراطية، وآخر مريض أصيب بمرض الجدري كان عام 1977 في الصومال، وبعد العام 1980، توقف البعض في أوروبا وأميركا عن تلقّي اللقاح الذي يحمي من هذا المرض، الأمر الذي اعتبره محللون سببًا لظهور حالات "جدري القردة" في هذه الدول بالذات".
وتابع عراجي: "الأشخاص الذين تلقّوا لقاح الجدري هم محميون بنسبة 85% إلى 90% من "جدري القردة"، لكن الدراسات متواصلة لمعرفة الشخص الذي لم يتلقّ اللقاح سابقًا، إن كان تلقّيه له اليوم يحميه من المرض أم لا، وإن كان المرض قد غيّر النمطية الذي كان يتبعها وكشف أن "هذا الفيروس لا يزال تحت السيطرة في معظم دول العالم، لكن السؤال الذي حيّر أوروبا والولايات المتحدة الأميركية، هو كيف وُجدت حالات في بلادهم لم تسافر إلى أفريقيا".
كما أكّد أن "هذا المرض من الممكن أن يؤدي إلى الوفاة في بعض الحالات التي تُعاني من ضعف كبير في المناعة".
ختامًا، عن احتمال تحول "جدري القرود" إلى جائحة كجائحة كورونا، قال عراجي: "لغاية الآن، لا يمكنني أن أجزم بنعم أم لا، لكن أعتقد أن ذلك لن يحدث لأن انتشاره بطيء".
لا لقاح ولا علاج
وكان الإختصاصي في طب الأسرة والأمراض المزمنة، الدكتور محمد فهمي خروب، قد قال في مقابلة تلفزيونية، إنه عاين حالة لشخص مصاب بـ"جدري القرود"، في لبنان ولديه عوارض".
وتابع: "كما وردني الآن أن هناك حالة ثانية من جدري القرود في جنوب لبنان بعد وصولها من أفريقيا"، مشيرًا إلى أن "فحص PCR جدري القرود غير موجود في لبنان"، مضيفًا أن لا لقاح له ولا علاج والوقاية ضرورية جدًا.
من جهتها، أكّدت رئيسة مصلحة الطب الوقائي في وزارة الصحة عاتكة برّي، "ورود أنباء عن حالة مشتبه بها بجدري القردة"، لافتةً إلى أنّ "الوزارة لا تملك معطيات كافية لتأكيد تسجيل الحالة أو نفيها".
وأضافت برّي: "ننتظر أن يتواصل معنا الطبيب لتأكيد الحالة المشتبه بها عبر سحب عيّنة وإرسالها إلى مختبر "باستور" في فرنسا، ونسعى إلى تأمين الفحص ليصبح متوافرًا في لبنان خلال أسبوعين".
كما أكدت أنّه "لم تصدر أي توصية من منظمة الصحة العالمية حتى الساعة حول الإجراءات المتخذة على المعابر، خصوصًا أنّ هذا الفيروس لا ينتقل في الهواء مثل فيروس كورونا".
حالات معدودة
بدوره، توقّع طبيب الأمراض الجرثومية البروفيسور جاك مخباط "وصول بعض هذه الحالات إلى لبنان، خصوصًا بعدما ظهرت أخيرًا حالات معدودة منه في بريطانيا وإسبانيا وفرنسا وغيرها من الدول الأوروبية، وفي الولايات المتحدة الأميركية وكندا".
وشدّد مخباط على "ضرورة المراقبة والتوعية ومراقبة الآتين من البلدان التي صرّحت عن وجود حالات عندها، وفي حال ظهرت على شخص ما عوارض طفح جلدي يجب عزله".
وأوضح أسباب انتقال العدوى، قائلاً: "تنتقل من خلال رذاذ الجهاز التنفّسي عبر مسافة قريبة، أي أقلّ من متر واحد، ومن خلال الملامسة الجلديّة المباشرة لحبيبات الجدري التي تظهر".
وأشار إلى أنّ الأسباب التي أدّت إلى ظهور العدوى لدى المصابين كانت إقامة علاقة جنسية مع أشخاص مصابين بالفيروس، مؤكّدًا أنّ "العلاقات الجنسية ليست سبب الإصابة بالفيروس، إنّما هي سبب انتقاله من شخص مصاب إلى آخر غير مصاب. وقد ينتقل هذا الفيروس أيضًا عبر الأنسجة الملوّثة كالثياب وأغطية السرير والمناشف".
الجدير ذكره أنّ المنظمات الصحيّة في أوروبا أعلنت عن وجود أكثر من 100 حالة مصابة بجدري القرود في الوقت الحالي، وفي دول مختلفة في القارة مثل بريطانيا، وألمانيا، وإسبانيا، والبرتغال، وبلجيكا، وفرنسا، حيث تم تشخيص أول حالة في إنكلترا في 7 مايو/ أيار لشخص عائد من نيجيريا، لكن باقي الحالات لم تزر نيجيريا نهائيًا.