"تنذكر وما تنعاد" هي العبارة التي غالبًا ما يردّدها الشعب اللبناني عند كلّ ذكرى حرب أو انفجار أو حادث أمني أو اعتداء داخلي. وآخر الحروب كانت "حرب تموز/يوليو" في العام 2006، حين صادر حزب الله قرار الحرب والسلّم.
أمّا حديثًا، فاستيقظ اللبنانيون مطلع هذا الأسبوع على خبر عبور سفينة "إنرجين باور" حقل كاريش، الأمر الذي أدّى إلى توالي البيانات التشاوريّة من قِبل الرئاستين الأولى والثانية لتأكيد عدم المساس بالثروات اللبنانية والحدود البحرية للبلاد، إلا أنّ حزب الله بشخص أمينه العام السيد حسن نصرالله ألقى كلمة مساء الخميس أخذ على عاتقه "حماية" لبنان من العدو مهدّدًا ومتوعّدًا بأنهم "لن يقفوا مكتوفي الأيدي" ومؤكّدًا بأن "كل الخِيارات مفتوحة".
توازيًا، بدأ المغتربون يتوافدون إلى لبنان والوعد الوحيد الذي يتطلّع إليه المواطن اليوم هو بعض الازدهار الاقتصادي في الصيف، فهل نحن أمام حرب تموز ثانية؟
السلطة "صوريّة".. وهؤلاء هم المفاوضون الحقيقيّون
في هذا السياق، يقول الصّحافي أسعد بشارة في حديث لـ"جسور" إن "قرار السّلم والحرب لا يزال مع حزب الله قبل وبعد حرب تموز، واليوم بعد كلام نصر الله يمكن التأكيد بأن الدولة في لبنان دولة صوَريّة، فمن يتولّى دفّة التفاوض في الترسيم البحري هم ليسوا الواجهة الحقيقيّة للتفاوض ولا يملكون قرار الحرب والسلم"، ويضيف: "بدا يوم أمس من كلام نصر الله وبكل وضوح أن السلطة الصوَريّة لا تُمسك قرار التفاوض بل هي مجرّد ناطقة إعلاميّة باسم المفاوضات، أمّا المفاوضات الحقيقيّة فهي بين حزب الله أي بين إيران واسرائيل".
حلٌّ اقتصاديٌّ.. والقرار "ورقة إيرانيّة"
ويؤكّد بشارة أن "مصلحة لبنان تكمن في ترسيم الحدود وهذه المصلحة يجب أن تتمّ وفق مفاوضات حقيقيّة تؤمّن حقوق لبنان في خزّانات الغاز من جهة وتساهم في تسريع الترسيم لأن الأزمة الإقتصاديّة يمكن أن يوجد لها حل إذا سارت الأمور كما يُفترض، وبدء التنقيب تمهيدًا للإستخراج، وهذا سيتمّ خلال سنوات إذا بدأت الآن" وتابع متسائلاً، "كيف ستبدأ إذا كان هناك قرار بمنع الترسيم، أو إذا كان هناك قرار باعتبار الترسيم البحري أحد أوراق إيران في لبنان والمنطقة؟"
"لن نقف مكتوفي الأيدي"
وكان الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله قد هدّد بشكل مباشر الشركة اليونانية المالكة لسفينة "إنرجين باور" مساء أمس في كلمة متلفزة ألقاها مشدّدًا على وجوب "وقف نشاطها وسحب السفينة سريعًا وفورًا، لافتًا إلى أنها شريكة في الاعتداء على لبنان وهذا له تبعات، وبالتالي عليها أن تتحمّل المسؤولية الكاملة عمّا قد يلحق بها ماديًا وبشريًا".
وأضاف: "منع العدو استخراج النفط والغاز من حقل كاريش قبل انتهاء المفاوضات"، مؤكدًا "امتلاك القدرة المادية والعسكرية والأمنية واللوجستية للقيام بذلك وكل الغواصات والقطع البحرية الإسرائيلية والقبّة الحديد لن تستطيع حماية السفينة اليونانية"، وأردف: "لم ولن نقف مكتوفي الأيدي، كل الخِيارات مفتوحة ومطروحة وموجودة على الطاولة فنحن لا نريد الحرب لكن لا نخشاها".
ردّ اسرائيلي على نصرالله
وما إن أنهى نصرالله خطابه المتلفز، حتى أرسلت اسرائيل مقاتلاتها للتحليق على علو متوسط في الأجواء اللبنانية وصولاً إلى العاصمة بيروت، بينما تولّى وزير المال الإٍسرائيلي أفيغدور ليبرمان الرد على تهديدات نصرالله قائلاً: "لن يملي علينا أحد ما إذا كنّا سنستخرج الغاز من مياهنا أم لا، إسرائيل ستواصل اتّخاذ القرارات وفق مصالحها فقط دون اعتبار لأي تهديدات".