تحوّل وادي غزة على مدى العقود الثلاثة الاخيرة مكباً للنفايات الصلبة والمياه العادمة، ليصبح أكبر بؤرة تلوث بيئي تسببت بموت آلاف الأشجار ونفوق عشرات أنواع الطيور والحيوانات، وتسعى الأمم المتحدة اليوم إلى جعله محمية طبيعية.
ويمتد وادي غزة من قلب صحراء النقب في جنوب إسرائيل على بعد نحو ثمانين كيلومترا حتى جنوب مدينة الخليل في الضفة الغربية المحتلة قبل أن تصب مياهه داخل القطاع. ويمتد الوادي داخل قطاع غزة على مسافة تسعة كيلومترات من حدوده الشرقية مع إسرائيل إلى شاطئ البحر غربا.
نعاني منذ 350 عاماً
ويسكن عبد الكريم اللوح (60 عاما) قرب الوادي ويقول "نعاني من البعوض والحشرات والروائح الكريهة منذ خمسة وثلاثين عاما". وبدا سعيدا بفكرة تحويل الوادي محمية طبيعية. ولطالما كان المواطنون المارون عبر الطريق المحاذي للوادي يسدّون أنوفهم بمجرد وصولهم إلى المنطقة تجنبا للروائح الكريهة المنبعثة منه والمتراكمة منذ نحو ثلاثة عقود. وتغمر بقايا تجمعات مياه المجاري مساحات واسعة من الأراضي الزراعية المحيطة بالوادي من جهة البحر. ويؤكد الخبير البيئي في الجامعة الإسلامية في غزة عبد الفتاح عبد أن الوادي أصبح "مستنقعا ضارا يمتلئ بالحشرات والطفيليات والزواحف وأنواع من البكتيريا". ويضيف "هناك غياب للرقابة البيئية بعد أن كان محمية طبيعية جميلة في الماضي".
التنسيق للتطوير
وشكلّت بلديات مخيمي النصيرات والبريج مع مناطق المغراقة والزهراء ووادي غزة مجلسا مشتركا لتطوير خدمات الوادي، وهو الجسم الذي سيتولى تنفيذ المشروع ضمن خطة تستغرق خمس سنوات، على ما يقول منسق المشروع لدى الأمم المتحدة محمد أبو شعبان. وبحسب أبو شعبان، فإن المشروع "يمثل إنقاذا لوادي غزة ويستهدف كل منطقة الوادي داخل حدود القطاع".
ثلاث مراحل
شرعت خمس بلديات في قطاع غزة بتنظيف مجرى الوادي تمهيدا لزراعة آلاف الأشجار فيه، وهي المرحلة الأولى من المشروع الذي يتولى برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الإشراف على تنفيذه بتكلفة 66 مليون دولار. ويقول أبو شعبان إن المشروع "سيحل كل المشاكل البيئية الموجودة في الوادي مثل الصرف الصحي والنفايات الصلبة وتعديات المواطنين على الوادي والمخلفات التي يلقونها". ويضيف "سيحل أزمة الفيضانات التي عانى منها الوادي على مدار السنين". وسينفذ المشروع على ثلاث مراحل، أولاها، وفقا لمنسقه، تتناول البنية التحتية الزرقاء التي تركز على المياه ومصادرها ومجرى الوادي. أما المرحلة الخضراء فتركز على إقامة حزام أخضر وتنوع حيوي ونباتي قبل الانتقال إلى المرحلة الحمراء التي سيتم خلالها توفير فرص عمل للسكان في محيط الوادي وجعله وجهة ثقافية وسياحية. ويشرح مدير مجلس الخدمات المشتركة لإدارة النفايات الصلبة في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة عبد الرحيم أبو القمبز أن الفائدة لن تعود على الوادي فحسب، وإنما سيتوقف صبّ المياه الملوثة في البحر.