في تصريح لافت، اعتبر رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، السبت، أن بلاده تمر بواحدة من أصعب الأزمات السياسية منذ سقوط نظام صدام حسين عام 2003، وذلك في إشارة إلى تعثر تشكيل حكومة جديدة واختيار رئيس للبلاد منذ نحو عام.
كلام الكاظمي ما يدل إلا على مخاوفه من تدهور الوضع أكثر في العراق.
وهذه المخاوف، بحسب مدير مركز الرفد للإعلام والدراسات الاستراتيجية، الدكتور عباس الجبوري، نابعة من قلق الكاظمي من وضع العراق تحت الوصاية الدولية، خصوصا وان دول العالم تراهن عليه ليكون البديل عن روسيا في مجال النفط، إذ انه قادر على سد الحاجة العالمية له بعد فرض العقوبات على روسيا".
وقال الباحث والمحلل السياسي العراقي، في حديث لـ"جسور"، "الدول لن تسمح للعراق أن يبقى على وضعه غير المستقر هذا، ولن تسكت طويلا، والكاظمي قال ما قاله لأن البلاد عادت إلى المربع الأول، كما عادت الفوضى والسرقات إليها، وباتت تحتاج إلى رؤى وحكماء وعقلاء منصفين يستطيعون إخراجها من هذا المنزلق".
وتابع الجبوري: "عام 2003 كان هناك إحتلال أميركي للعراق جاء بحجج واهية، أما اليوم فنحن وقعنا مسوغا سمحنا من خلاله للعالم أن يتدخل بنا بواسطة مجلس الأمن".
كما لفت إلى أن "هناك خلافا عميقا جدا تحول من سياسي إلى دموي يصعب حله، خصوصا بعد التظاهرات الأخيرة واستشهاد عدد من المتظاهرين".
رؤيتان واختلافات
واعتبر الجبوري أن "العراق يعيش على صفيح يتمثل باختلاف رؤيتين، الأولى رؤية الإطار التنسيقي الذي يريد أن يشكل حكومة، والثانية رؤية السيد مقتدى الصدر الذي يريد حل البرلمان. وبين تلك الرؤيتين اختلافات كبيرة، لكن العناد هو الأساسي فيها، والمكاسب هي الهدف منها".
وأكد أيضا أن "الصدريين يريدون التمديد للكاظمي ثم حل البرلمان وإقامة انتخابات جديدة، بينما يريد الإطاريون تشكيل حكومة كاملة الصلاحيات، لكن نحن نترقب ماذا سيحصل في اليومين المقبلين خصوصا وان في الأول من أكتوبر/ تشرين الأول ستبدأ مظاهرات التشرينيين في ذكرى تظاهراتهم عام 2019، التي استطاعوا من خلالها إقالة الحكومة وتغيير قانون الإنتخابات وإجراء إنتخابات مبكرة".
وأشار الجبوري إلى أنه "في المرحلة المقبلة، ستذهب لجنة من الحزب الديمقراطي الكردستاني وتحالف السيادة والإطار التنسيقي لتناقش الصدر حول الجلوس على طاولة واحدة مع خصومه لمناقشة أبرز العقد، وإذا لم تفلح هذه اللجنة بتحقيق ما يمكن تحقيقه، فهناك مرحلة صعبة جدا لا يعلمها إلا الله تنتظر العراقيين".
أزمة سياسية
وكان الكاظمي قد قال في بيان نشره مكتبه بمناسبة "الأربعينية"، إن "العراق يمرّ بأزمة سياسية قد تكون من أصعب الأزمات بعد 2003".
وأضاف، "ندائي لجميع القوى السياسية... دعونا نستلهم من هذه المناسبة الأربعينية، وأن نضع العراق والعراقيين في نصب أعيننا. العراق والعراقيون يستحقون أن نضحي من أجلهم. العراق أمانة في أعناق الجميع."
وتابع: "لدينا أمل وعزيمة لإيجاد حلول لتجاوز هذه الأزمة من أجل العبور والمضي نحو عراق آمن ومستقر".
وتفاقمت الأزمة السياسية في العراق خلال الأسابيع الأخيرة، مع تنظيم القوى السياسية المتمثلة في التيار الصدري وخصمه الرئيسي، الإطار التنسيقي، احتجاجات واعتصامات.
ووصلت الأزمة حدا بالغ الخطورة مع اندلاع اشتباكات مسلحة بين الطرفين، أوقعت عشرات القتلى والجرحى، وعندها هدد الكاظمي بالاستقالة ما لم يتم وضع حد للعنف.