بعد شهر على إنسحاب الولايات المتحدة الأميركية من أفغانستان، وما رافق هذا الإنسحاب من فوضى، اعترف رئيس الأركان الأميركي الجنرال مارك ميلي بأن بلاده "خسرت" الحرب التي استمرت 20 عاما في ذلك البلد.
فقد قال الجنرال ميلي، خلال جلسة استماع في مجلس النواب "من الواضح والظاهر لنا جميعا أن الحرب في أفغانستان لم تنته بالشروط التي أردناها، مع وجود طالبان في السلطة في كابول".
ولفت إلى أن بلاده خاضت حربا خاسرة، قائلاً: "أنجزنا مهمتنا الاستراتيجية لحماية أميركا من تنظيم القاعدة، ولكن من المؤكد أن الوضع النهائي يختلف تماما عما أردناه، وعندما يحدث شيئ من هذا القبيل، تكون هناك عوامل تفسيرية كثيرة".
وأشار إلى أن هذا "الفشل الاستراتيجي" كان "نتيجة لسلسلة قرارات استراتيجية تعود إلى زمن بعيد".
واستشهد الجنرال ميلي خصوصا بالفرص الضائعة لاعتقال زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن أو قتله بعد وقت قصير من بدء التدخل في أفغانستان في 2001، وغزو العراق في 2003، وفشل واشنطن في منع باكستان من أن تصبح "ملاذا" لطالبان، وسحب الجيش الأميركي في السنوات الأخيرة مستشاريه العسكريين من الوحدات الأفغانية.
فساد كبار الضباط
وأقرّ مسؤولو الدفاع الأميركيون بأخطاء في التقدير أفضت إلى "فشل استراتيجي" في أفغانستان مع انتصار حركة طالبان من دون عناء بعد حرب استمرت 20 عاماً في أفغانستان.
وقال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن إنّ "واقعة انهيار الجيش الأفغاني الذي درّبناه مع شركائنا، غالباً من دون إطلاق أي رصاصة، فاجأتنا"، مضيفاً "سيكون مجافياً للحقيقة الادّعاء بعكس ذلك".
وتابع "لم ندرك مدى فساد كبار ضباطهم وانعدام كفاءتهم، لم نقدّر الأضرار التي نجمت عن التغييرات الكثيرة وغير المفسّرة التي قرّرها الرئيس أشرف غني على صعيد القيادة، لم نتوقع أن يكون للاتفاقات التي توصّلت إليها طالبان مع أربعة قادة محليين بعد اتفاق الدوحة تأثير كرة الثلج، ولا أن يكون اتفاق الدوحة قد أحبط الجيش الأفغاني".
وتطورت العملية العسكرية الانتقامية الأميركية التي بدأت بعد هجمات 11 سبتمبر/ أيلول 2001، إلى مشروع ضخم لإعادة بناء أفغانستان منعا لعودة طالبان إلى السلطة. لكن هذا الأمر حدث في النهاية في 15 أغسطس/ آب إثر هجوم خاطف شنته الحركة المتشددة.
إتفاق تاريخي
ووقّعت إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في 29 فبراير/ شباط 2020 في الدوحة اتّفاقاً تاريخياً مع طالبان نصّ على انسحاب كلّ القوات الأجنبية قبل الأول من مايو/أيار 2021 في مقابل الحصول على ضمانات أمنية وإطلاق مفاوضات مباشرة بين الحركة والسلطات الأفغانية.
وبعدما تولّى بايدن سدّة الرئاسة الأميركية ودقّق في تفاصيل الاتفاق، قرّر تنفيذه إنما أرجأ الموعد النهائي للانسحاب إلى 31 أغسطس/ آب.