اغتنم " داعش خراسان" - فرع تنظيم الدولة الإسلامية، الفوضى التي اجتاحت أفغانستان، لإعادة فرض نفسه وتثبيت وجوده فجاء تبنّيه الهجوم المزدوج على مطار كابول الذي أدّى إلى سقوط عشرات القتلى ومئات الجرحى مفاجئا للبعض وطبيعياً للبعض الاخر.
وتشير مصادر أفغانية في حديث لـ"جسور" إلى أن "تفجيرات مطار كابول حولت الانظار من طالبان، الى "داعش - خراسان" في التهديد الامني داخل البلاد. وتضيف المصادر: على الرغم من أن التنظيمين متطرفان غير أنهما يخوضان حربا دموية ضد بعضهما الأمر الذي يقلق دول الجوار الأفغاني ويشعرها بالخوف".خلافة إسلامية عالمية
ويكشف مصطفى زهران، وهو كاتب وباحث متخصص في حركات الإسلام السياسي، في حديث لـ"جسور"، عن أن تنظيم خراسان ظهر الى العلن عام 2014 كفصيل جهادي يضم مجموعة مقاتلين منشقين عن حركة طالبان الباكستانية على رأسهم عبد الرؤوف خادم وحافظ سعيد خان، وهما كانا قد تعهدا بالولاء لزعيم داعش السابق أبو بكر البغدادي قبل مقتله، من ثمّ انضمّ إليهم عدد من المقاتلين السابقين في حركة طالبان بسبب رفضهم التحول الذي طرأ في السنوات الاخيرة على أسلوب الحركة وآلياتها المعتمدة.
ويضيف زهران: "انجذب كثيرون الى إيديولوجيات الدولة الإسلامية لا سيما في الفترة ما بين 2014 و2017 من حيث التمركزات، تحديداً في (الموصل) العراق و(الرقة) سوريا، كذلك لدعوتها الجدية إلى خلافة إسلامية عالمية، الأمر الذي لم تفعله حركة طالبان، التي فضّلت أن تتقوقع في إمارتها الإسلامية وتنغلق على نفسها بدل تصدير فكرة الخلافة الى العالم".
مصادر التمويل
وتابع: "منذ تأسيسها عام 2015، حظيت خرسان باهتمام شديد من قبل مركز تنظيم الدولة الإسلامية، وتمّ مدها بملايين الدولارات للتوسع في آسيا الوسطى". وعن مصدر تمويلها، أشار زهران إلى أن خرسان تموّل نفسها عبر فرض الضرائب ضمن نطاقها الجغرافي بالاضافة الى التبادل التجاري التهريب والمخدرات والسطو المسلح كذلك التكامل الموجود بين فروع التنظيم في أنحاء العالم".الصين بين "طالبان" و"خرسان"
من جهته، لفت الباحث في الحركات الإسلامية محمد صفر، إلى أن "خرسان تتألف من مجموعات انشقت عن طالبان لرفضها فكرة التفاوض مع أمريكا أو أي دولة "محتلة" أخرى، كما رفضت القبول بالمساومات السياسية، وتعتبر أن طالبان انحرفت عن مسارها وعن برنامجها في بناء دولة وخلافة إسلامية".
وأضاف: "هذا التنظيم له أتباع ونشاط في بعض دول آسيا الوسطى، ومجموعات في أفغانستان تتلقى التدريب وكانت قد خاضت حروبا مع داعش ضد طالبان".
كما تحدث عن علاقة فيها من "الريبة" تربط خرسان بطالبان التي تعهدت للصين بحماية أمنها وعدم السماح باستخدام أراضيها لاستهداف دول الجوار، ومن المرجح أن تكون طالبان قد زوّدت الصين ببعض المعلومات وحاولت أن تمنع تطوّر خرسان داخل أفغانستان في الفترة السابقة، لكنها فشلت".
وتنظيم داعش – خرسان نفذ العديد من العمليات الإرهابية، أحصت منها بعثة الدعم الأممية في أفغانستان 77 هجوما لخراسان خلال الثلث الأول من هذا العام. أي ثلاثة أضعاف الهجمات التي نفذت خلال الفترة نفسها من العام الماضي.
هجمات مشتركة
وبحسب تقرير للأمم المتحدة أصدرته منتصف يوليو/تموز، يستند تنظيم "داعش" في أفغانستان على 500 إلى 1500 مقاتل، وقد عزز مواقعه في كابول ومحيطها، ويشير تقرير آخر للأمم المتحدة يعود تاريخه لمطلع يونيو/حزيران إلى وجود بين 8000 و10.000 مقاتل أجنبي في أفغانستان.
وقال الدكتور سيجان غوهيل، عضو مؤسسة آسيا والمحيط الهادئ، الذي يتابع نشاط الجماعات المسلحة في أفغانستان منذ سنوات، إنه "تم تنفيذ هجمات كبيرة بين عامي 2019 و2021 بالتعاون مع جماعة خرسان وشبكة حقاني وطالبان وجماعات إرهابية أخرى متمركزة في باكستان"، "لكن جماعة خرسان لديها خلافات كبيرة مع طالبان، حيث تتهمها بالتخلي عن الجهاد، وتقول إن حركة طالبان فضلت السلام في الدوحة والجلوس إلى طاولة المفاوضات في الفنادق الفخمة".
وكان الرئيس الأمريكي جو باين، قال في وقت سابق، إن أجهزة الاستخبارات الأمريكية توقعت حدوث هجمات في كابول، ولا دليل على تواطؤ بين "طالبان" وتنظيم "داعش" الإرهابي. وأعلن بايدن عن أن فرع "داعش" المحلي، "ولاية خراسان"، كان يخطط لسلسلة هجمات تستهدف الأمريكيين في أفغانستان.