للمرة الأولى، يتوجه رئيس أميركي إلى شعبه عارضاً أسباب زيارة ينوي القيام بها. وفي مقال في صحيفة "الواشنطن بوست" الأميركية عنوانه "لماذا أنا ذاهب للسعودية؟" فنّد بايدن الدوافع وأهمية العلاقة بين البلدين والممتدة لأكثر من 80 عاماً.
أبعاد الرسالة متعددة ولا تنتهي بالعمل على تهدئة الشارع الأميركي إثر موجة من الانتقادات طالت الزيارة.
نجاح زيارة بايدن الخارجية يبقى رهناً بما تنتجه المباحثات حول الملفات المتعلقة بالمنطقة وعلى رأسها ما يتعلق بالنووي والنفط، إذ تأتي بعد تعثر المفاوضات بشأن النووي الايراني وعلى وقع ارتفاع أسعار النفط في الأسواق العالمية بسبب الأزمة الروسية الأوكرانية وحاجة أميركا إلى نفط الخليج، إضافة إلى تنامي ظاهرة اليسار الأميركي في معقل الرأسمالية، وداخل أكبر قوة اقتصادية عالمية، والرافض لاستغلال النفط الأميركي.
ومن المتوقع أن يزور بايدن السعودية وإسرائيل والضفة الغربية المحتلة بين 13 و16 من شهر يوليو/تموز الحالي، على أن يلتقي أثناء وجوده في الرياض إضافة إلى القيادات السعودية، قادة ثماني دول عربية أخرى، الإمارات العربية المتحدة والبحرين والكويت وقطر وعُمان، من مجلس التعاون الخليجي، إلى جانب مصر والعراق والأردن.
وتعود أولى زيارة لرئيس أميركي للمملكة العربية السعودية إلى العام 1974 حين زارها الرئيس الأسبق ريتشارد نيكسون والتقى الملك فيصل، ليفتح الباب واسعاً أمام المزيد من العلاقات القوية بين البلدين. وكان الملك فيصل، حينها، اتخذ القرار بقطع إمدادات النفط عن الأسواق العالمية اعتراضاً على تأييد الغرب لإسرائيل خلال الحرب العربية الإسرائيلية عام 1973، ما أدى الى ارتفاع أسعار النفط.
هدفان للرسالة
من النادر أن يقدم رئيس أكبر دولة في العالم، وقبل قيامه بزيارة خارجية على كتابة رسالة في صحيفة أميركية كي يشرح للرأي العام سياسته الخارجية في المنطقة، يوضح مدير التحالف الأميركي الشرق أوسطي للديمقراطية توم حرب في اتصال مع "جسور" شارحاً أهداف الرسالة التي تترجم على صعيدين "أولاً على الساحة الدولية يبدو جلياً أن سياسة بايدن الخارجية غير واضحة بسبب عدم قدرته الاستيعابية خلال النقاشات والبحث الموسع في تفاصيل المنطقة ما دفع بمكتب وإدارة الرئيس وقبل الزيارة إلى وضع الخطوط العريضة ورسم خارطة طريق واضحة للالتفاف على أي خطأ محتمل في لقاءات الرئيس المرتقبة مع المسؤولين إن في إسرائيل أو فلسطين، كما أتت نتيجة ارتكابه أخطاء خلال زيارته الأوروبية أوجبت تدخلاً من البيت الأبيض لتصويبها"، وتهدف الرسالة ثانياً، وفقاً لحرب، إلى " امتصاص غضب الشعب الاميركي الذي فقد الثقة بسياسة رئيسه" مع الإشارة إلى أن "أحداً على الساحة الأميركية لم يهتم للرسالة لاعتبارهم أنه لا يجدر بالرئيس الأميركي كتابة رسالة قبل أي زيارة خارجية".
الملف الإيراني وقوة السعودية
زيارة بايدن المرتقبة تأتي في زمن تحولات كبيرة في المنطقة باتت تشكل ضغطاً على السياسة الأميركية الخارجية كما يلفت حرب قائلا: "ورقة العالم العربي باتت في يد السعودية، كما أن الدول العربية المطبعة مع إسرائيل بنت خط دفاع لم يكن متوفراً عند توقيع الملف النووي عام 2015، وتتلخص مطالبها من إدارة بايدن بعدم السماح لإيران بامتلاك القنبلة الذرية ورفض الاتفاق النووي قبل 2015 إضافة للعودة إلى شروط ترامب المتعلقة بالاتفاق النووي".
كما أوضح حرب أن تصاعد نجم بن سلمان فرض على بايدن التسليم بالأمر الواقع "إدارة بايدن أوقفت الدعم العسكري للسعودية كما رفضت التعامل مع محمد بن سلمان لكن ولي العهد السعودي اجتمع مع الصينيين والروس ووضع خططاً جديدة في المنطقة ما أجبر بايدن على التراجع عن تصريحاته المنتقدة له وتم تحديد اجتماعات ثنائية مع الملك سلمان ولي العهد محمد بن سلمان".
نجاح مترنح
وعن نجاح القمة يقول حرب "كل قمة تملك نسبة من النجاح ونسبة من التفاهم" إلا أنه يرى احتمال نجاح زيارة بايدن المرتقبة ضئيلاً وليس بالحجم الذي يتوقعه الرأي العام العربي للزيارة "المحللون والقيمون الاستراتيجيون على الشرق الأوسط ينتقدون الزيارة أكثر مما يهللون لها إذ لا يعتقدون أن باستطاعة الرئيس بايدن بعد إخفاقه في ملفات دولية عدة تحقيق أي أهداف مع الدول العربية.