توجه الناخبون الفرنسيون إلى مكاتب الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في الدورة الثانية من الانتخابات التشريعية التي جرت دورتها الأولى في 12 يونيو/حزيران الحالي وتصدر نتائجها "الاتحاد الشعبي البيئي والاجتماعي الجديد" بزعامة جان لوك ميلنشون وائتلاف "معا" الذي يضم حزب النهضة الحاكم وحلفاءه بقيادة الرئيس ماكرون فيما جاء حزب "التجمع الوطني" بقيادة مارين لوبان في المرتبة الثالثة.
فهل بوسع الرئيس ماكرون الظفر بالأغلبية مجددا في البرلمان بالانتخابات التشريعية؟
خصوصا أنه سيواجه تحالف "الاتحاد الشعبي البيئي الاجتماعي الجديد" الذي لا يخفي هدفه المتمثل في فرض حكومة تعايش على رئيس الجمهورية، اضافة إلى تزايد قوة اليمين المتطرف الذي من المتوقع أن يحصد عددا قياسيا من المقاعد في هذه الانتخابات.
حصة الأسد
وعن الغموض الذي يحوط قدرة الائتلاف الرئاسي "معا" في انتزاع الأغلبية، أشار المستشار القانوني وعضو الوحدة الاستراتيجية الذكية في المنتدى الاقتصادي العالمي الدكتور محي الدين الشحيمي الى أن " الرئيس ماكرون اذ لم يحتفظ بأكثرية نسبية، سيواجه مشاكل وعراقيل خلال ولايته الرئاسية، وخصوصا فيما يتعلق بتشكيل الحكومة اذ لن يستطيع فرض رئيس لها ما سيشكل عجزا في تنفيذ خططه الاصلاحية، اضافة الى أنه سيضطر إلى البحث عن دعم ضمن كتل سياسية أخرى لتمرير مشاريع القوانين التي سيقترحها".
وأضاف في في حديث لـ"جسور" "سببان أساسيان يساهمان في تراجع شعبية ماكرون، أولا عودة التكتلات اليسارية الى المشهد الفرنسي بقوة وثانيا استياء الفرنسيين وعدم ثقتهم بسياسية ماكرون".
نسبة ضئيلة
ودعي نحو 48 مليون ناخب إلى التصويت في خضم موجة حر تضرب فرنسا، لكن الامتناع كما في الدورة الأولى، يتوقع أن يكون كثيفا على ما أظهرت نتائج استطلاعات الرأي. وكان أكثر من 50 % من الناخبين قاطعوا الانتخابات في الدورة الأولى.
وهنا لفت د. الشحيمي الى أن "الشعب الفرنسي يعتقد أن الجمهورية الخامسة لم تعد تستجيب الى مطالبه، وبالتالي يريد تحقيق تغييرات جذرية في الاستحقاقات كافة. وذلك يظهر جليا من خلال حزب المقاطعين الذي يضم الناخبين الذين يسعون الى مقاطعة الاستحقاقات، ما أدى الى نسب متدنية في الانتخابات لأنهم يشملون شريحة كبيرة من الفرنسيين".
وأوضح أن "الأحزاب تحاول استمالة أصوات حزب المقاطعين بهدف تحقيق تقدم في السباق الانتخابي ورفع نسب التصويت المتدنية".
انتخابات مصيرية
وتجرى الانتخابات التشريعية الفرنسية كل خمس سنوات لاختيار أعضاء الجمعية الوطنية، وهي الغرفة الثانية في البرلمان الفرنسي إلى جانب مجلس الشيوخ. وتكتسي هذه الانتخابات أهميتها في كونها تحدد الأغلبية البرلمانية في الجمعية الوطنية، وهي أغلبية لها وزن في المصادقة على مشاريع القوانين من عدمها، وبالتالي فإن لها تأثيرا مباشرا في رسم سياسة البلاد.
هذا يتنافس المرشحون في هذا الاستحقاق من أجل نيل مقاعد الجمعية الوطنية، وعددها 577 مقعدا والتي تمثل الدوائر الانتخابية الفرنسية في كامل فرنسا، وقد باتت هذه الانتخابات تجرى بعد أسابيع من الرئاسيات بمقتضى قانون صدر عام 2001 كي تتزامن الفترة التشريعية مع الولاية الرئاسية.